على غير مسار، تتطور الأحداث على الساحة اليمنية. وتتجه الأنظار إلى مفاتيح المرحلة المقبلة بين صنعاء وعدن والبحر الأحمر. فبينما تنتظر الأولى ما ستؤول إليه الوساطة العمانية، وعيونها شاخصة صوب المياه الإقليمية محذّرةً من التصعيد -اذا ما تطلب الأمر-، تراوح عدن في مربع الانهيار المستمر، أمنياً وسياسياً واقتصادياً.
تشهد المحافظات الجنوبية حشداً من الأحداث التي تكفل تأجيج الأوضاع حتى لو أتت فرادى. وكان آخرها ما نتج عن صراع الأجنحة الوكيلة لكل من السعودية والامارات. حيث اقتحمت مجموعة عسكرية موالية للإمارات مقراً حكومياً في عدن، وحاصرت رئيس الوزراء معين عبد الملك. وقال مصدران، طلبا عدم ذكر اسميهما، لموقع المونيتور، إن الوضع متوتر في عدن بعد أن اقتحمت قوات تابعة لعضو المجلس الرئاسة القيادي، أبو زرعة المحرمي، قصر المعاشيق، مقر إقامة رئيس المجلس الرئاسي بسبب "رفضه تمرير صفقة مع رجل أعمال موال" للأخير.
وجاء اقتحام القصر الرئاسي بعد أقل من 48 ساعة من وصول عبد الملك إلى عدن قادماً من السعودية. وبينما عاد الهدوء النسبي إلى قصر معاشيق، بعد تدخل المجلس القيادي لاحتواء الموقف، وأمر المحرمي بسحب قواته، يتوقع ان يعود الاحتدام بين ميليشيات أعضاء المجلس، إلى أوجه في ظل عدم اتخاذ تدابير جذرية تقضي إلى حل الأزمة.
يعصف بالمجلس الرئاسي القيادي خلافات وصراعات داخلية محتدمة، في ظل الاصطفافات المتضاربة بين أعضائه، فضلاً عن حالة التنافس بين السعودية والإمارات، اللتين أيدتا تشكيل المجلس في نيسان/أبريل عام 2022، في الوقت الذي تدعم فيه كل عاصمة طرفاً مقابل آخر.
وبحسب وسائل اعلام محلية، فقد وصلت تعزيزات عسكريّة سعودية فجر الثلاثاء، تضم عشرات الاطقم والمدرعات وصلت إلى عدن قادمة من منفذ الوديعة. وبحسب المعلومات الواردة فإن هذه التعزيزات تابعة لقوات درع الوطن واستقرت بمقر التحالف بالبريقة.
وتوازياً مع المواجهة العسكرية المتفرقة، تقبع المناطق الجنوبية على صفيح ساخن يزيد من حدة الأزمة. خاصة تلك المتعلقة بالاحتياجات اليومية والخدماتية لليمنيين. ومنها التغذية الكهربائية، فبعد ان كانت تتوقف لـ 6 ساعات مقابل ساعتي عمل، قد تصل إلى انقطاع 9 ساعات متواصلة. وعلى الرغم من ان الشركة لم تصدر بياناً صريحاً تعلن فيه خفض ساعات التغذية إلى حدها الأدنى، يتوقع ان تخرج عدة محطات عن الخدمة، خلال الأيام المقبلة.
بالمقابل، تراقب صنعاء مجريات الأمور بحذر ودقة. اذ ان التحركات الأميركية التي تم رصدها على الجزر اليمنية وفي البحر الأحمر، تشي بأن عقدة المفاوضات التي تجريها السلطنة لم تصل إلى خواتيم سعيدة، ولن تصل قريباً -على ما يبدو-.
لن تنتظر صنعاء إلى ما لا نهاية، بحسب ما أكد قائد حركة انصار الله، السيد عبدالملك الحوثي، الذي عاد وشدد في خطاب له أخيراً على ان صنعاء "أمام هذه المرحلة التي تشهد خفضًا للتصعيد، وإفساحًا للمجال للوساطة العمانية... لسنا في غفلة عن مساعي الأعداء، وخططهم..". مشيراً إلى ان "مشكلة السعودي والإماراتي... في الخضوع لأمريكا وبريطانيا. الأمريكي حريص على استمرار الاستهداف لبلدنا، حريص على أنه في الحد الأدنى إذا لم يتمكن من احتلال كل بلدنا، فاستقطاع ما قد احتله منه".
ومع ازدياد التوقعات حول احتمالية التصعيد، يبرز ادراج مزيد من النقاط ضمن بنك الأهداف. فكان من اللافت حديث السيد الحوثي عن مدينة نيوم التي يعول عليها ولي العهد السعودي. مشيراً إلى ان لا يمكن للسعودية ان تتصور ان بإمكانها ان تنتقل إلى "الخطة ب، إذا لم يمكنه الاستمرار في حرب عسكرية شديدة مستعرة، خفض للتصعيد إلى مستوى معين، ثم استمرار في الحصار...يتصور أن بإمكانه أن يضيع مع الوقت...هذا تصور خاطئ". مؤكداً على انه "لا يمكن للحال الراهن أن يستمر بما هو عليه أبدًا، على السعودي أن يعي هذه الحقيقة، وأن يدرك أن استمراره في تنفيذ الإملاءات الأمريكية والبريطانية ستكون عواقبها الوخيمة عليه؛ لأنه لا يمكن أن يعيش في أمن ورفاهية، وتحريك للاستثمارات في (نيوم) أو في غيرها، واهتمامات وأنشطة اقتصادية، ثم يتسبب باستمرار الحصار والمعاناة والبؤس في واقع شعبنا".
الكاتب: غرفة التحرير