تعود عمليات الاغتيال إلى واجهة المشهد في مدينة تعز وريفها الجنوبي الغربي الواقع تحت سلطة ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي المدعوم سعوديًا. آخر عمليات الاغتيال استهدفت قيادياً في اللواء العاشر التابع لقوات "حراس الجمهورية" المدعومة إماراتيًا وسط المدينة، سبقتها بسبعة أيام عملية اغتيال رئيس برنامج الأغذية العالمي أردني الجنسية في مدينة التربة، وكلتا العمليتين وقعتا في مناطق يسيطر عليها حزب الإصلاح على الأرض.
عمليتا اغتيال في أسبوع واحد شهدتها المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الإصلاح في مدينة تعز وريفها.
مصادر من مدينة تعز أكدت أن المستهدف في عملية الاغتيال الجديدة هو القيادي السلفي معاذ القحطاني ويتبع كتائب أبو العباس المدعومة إماراتياً والتي باتت تعرف حالياً باسم اللواء العاشر "حراس جمهورية" ويقودها عضو مجلس القيادة المشكل في الرياض طارق صالح.
جاءت بعد سبعة أيام من اغتيال رئيس مكتب برنامج الأغذية العالمي "مؤيد حميدي" أردني الجنسية في مدينة التربة بمديرية الشمايتين وهي منطقة صراع بين حزب الإصلاح من جهة وبين الفصائل المدعومة إماراتيًا من جهة ثانية.
التربة منطقة صراع ومنطلق للسيطرة
تشكل مدينة التربة منفذاً للفصائل التي تقاتل تحت راية التحالف السعودي الإماراتي نحو المحافظات الجنوبية وهي مصلحة مشتركة، لكنها ولقربها من مناطق الساحل الغربي تحولت إلى مدينة ذات بعد أمني بالنسبة للإمارات مثلها كباقي مناطق الصراع الممتدة على طول خارطة المحافظات المحتلة بين السعودية والإمارات.
تفجر الصراع بشكله العلني بين الطرفين في مدينة التربة بعد خروج كتائب "ابو العباس" من مدينة تعز أواخر أغسطس 2018 بعد مواجهات دامية بينها وبين حزب الإصلاح انتهت لصالح الأخير.
كانت منطقة التربة خاضعة بشكل غير مباشر للسيطرة الإماراتية عبر اللواء 35 مدرع قبل أن يتم اغتيال قائده "عدنان الحمادي" في الثاني من ديسمبر 2019، وهو اللواء الأكبر بالعديد والعتاد في ريف تعز القريب من باب المندب.
مع بداية الحرب اشترطت الامارات عبر قائد قواتها حينها العميد ناصر مشبب التزام اللواء 35 مدرع بسياسات وتوجيهات الامارات دون غيرها من الجهات مقابل الدعم وعلى الرغم من ولاء الحمادي وعلاقته بحزب الاصلاح إلا أنه قبل الشرط الإماراتي بحسب اعترافه هو، بعد اغتيال الحمادي طرحت الامارات الشرط نفسه على من سيتولى اللواء 35 وبالمقابل حرص حزب الاصلاح على عدم تمكين الإمارات من تعيين قيادي موال لها، وجاء ذلك بقرار من قبل الحكومة التابعة للرياض بتعيين عبد الرحمن الشمساني قائداً للواء ليفجر التوتر في منطقة التربة واستطاع حزب الاصلاح وضع يده على تلك المنطقة بالكامل بواسطة قوات تتبع محور تعز ولواء النقل الذي يقوده أمجد خالد المناهض لأبوظبي وبدعم من الرياض.
تعز من الداخل
يعتبر حزب الإصلاح وعبر ما يسمى بمحور تعز المسيطر الرئيسي على الملف العسكري والأمني في مدينة تعز وريفها منذ اخراج القوات الموالية للإمارات من المدينة المتمثلة بكتائب "أبو العباس". ويحكم حزب الاصلاح سيطرته على المدينة بعدة ألوية عسكرية أبرزها لواء عبده فرحان المخلافي، المعروف بسالم، واللواء 22 ميكا بقيادة العميد صادق سرحان، واللواء 17 مشاة، واللواء 170 دفاع جوي، واللواء الخامس حماية رئاسية، واللواء 145 مشاة، يرتبط بعض قادة هذه الألوية بتنظيم القاعدة بشكل مباشر.
حرب الشوارع في مدينة تعز قادمة
أواخر أغسطس 2018 خسرت كتائب "أبو العباس" ومن ورائها الإمارات الرهان حول السيطرة على مدينة تعز بعد مواجهات دامية مع فصائل الإصلاح خلفت العشرات من القتلى ودمرت المئات من المنازل وجاءت بعد مقتل ما يقرب عن 250 مجندًا من الطرفين في عمليات اغتيال منظمة كانت تنفذ بشكل شبه يومي.
اليوم تعود مؤشرات الصراع من جديد، تمتلك الامارات خلايا نائمة في مدينة تعز الخاضعة بالكامل لسيطرة الإصلاح فيما يقوم الأخير بتحذير الامارات عبر عمليات الاغتيال لعناصر تلك الخلايا مفادها بأنه يرصد التحركات الإمارتية.
اللواء العاشر "حراس الجمهورية" كتائب "أبو العباس" سابقاً
تحاول الإمارات العودة إلى مدينة تعز بشكل رسمي خلافًا لما كانت عليه كتائب "أبو العباس" في السابق، فبعد إخراج كتائب "أبو العباس" من المدينة وبضغط سعودي قامت بإلغاء مسمى كتائب "أبو العباس" نظراً لشبهة الإرهاب والتطرف (الذي ارتبط بها خلال سيطرتها على الجزء الجنوبي من مدينة تعز وتحويل المدينة القديمة الى إمارة إسلامية ورفعها علم التنظيم على أسوار المدينة) وعملت الامارات مؤخراً على ضم تلك القوات إلى لواء سمي باللواء العاشر ويتبع ألوية "حراس الجمهورية" التي يقودها عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح بالساحل الغربي.
تتبادل أطراف الصراع الاتهامات عن مسؤولية نشاط عمليات الاغتيال في تعز، تحمل الفصائل الموالية لأبوظبي حزب الاصلاح المسؤولية كون تلك المناطق تخضع لسيطرته وتصفه بدعم الارهاب، فيما يتهم مقربون من حزب الاصلاح الفصائل الموالية لابوظبي بايجاد ذريعة للتوسع نحو وسط مدينة تعز وتأمين الساحل الغربي ومضيق باب المندب.
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع
الكاتب: حسين النهاري