وافق مجلس النواب الأمريكي منذ أيام، على مشروع قانون تعديل في ميزانية الدفاع، لتزويد البيشمركة في إقليم كردستان العراق، بأنظمة دفاع جوي من بين أسلحة أخرى، لمواجهة ما وصفه بـ"التهديدات الإيرانية والتركية للإقليم".
وقال عضو الكونغرس الجمهوري الذي أعدّ هذا القانون دون بيكون، بأن مشروع القانون قد حظي بدعم قوي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وأنه "سيوجه الإدارة الأمريكية لإعداد وتنفيذ خطة عمل لتدريب وتجهيز قوات البيشمركة الكردية والعراقية، للدفاع ضد الهجمات بالصواريخ الإيرانية والأنظمة غير المأهولة".
ولا يزال مشروع التعديل هذا، بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي، وإذا ما تم إقراره، فسيتم إدراجه في موازنة البنتاغون السنوية وتحت تفويض الدفاع الوطني (NDAA). مع الإشارة بأن البنتاغون يقدّم للبيشمركة شهرياً دفعة شهرية قدرها 20 مليون دولار.
وراء الأكمة الأمريكية ما ورائها
خطوة بيكون هذه ليست إلا وسيلة لتأمين الحماية للمنظمات الإرهابية التي تتمركز في إقليم كردستان، وتشن أعمالاً عدائية ضد الجمهورية الإسلامية في إيران، بدعم وتوجيه وإشراف من الولايات المتحدة الأمريكية ومن الكيان المؤقت، والأخير يمتلك بنية تحتية استخباراتية تاريخية في الإقليم، بغطاء من الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي.
كما أن البيشمركة التي تعد القوات الأمنية الأساسية لحكومة الإقليم، مرتبطة بشكل وثيق بالأحزاب الإرهابية: الحرية الكردستاني (PAK) والديمقراطي الكردستاني الإيراني (KDPI) وكومله. وقد شاركت هذه الأحزاب في الحرب التركيبية التي شنت على إيران منذ أشهر، من خلال تهريب الأسلحة والأفراد وتنفيذ العمليات في الداخل الإيراني. كما لهذه الأحزاب مسار طويل في تنفيذ الاعتداءات على الجمهورية الإسلامية.
لذلك وانطلاقاً من حق إيران في الدفاع عن نفسها وسيادتها، وبعد عدم الاستجابة من حكومتي الإقليم والعراق (حكومات بغداد السابقة)، في مكافحة هذه التنظيمات ومنعها من استخدام الأراضي العراقية قواعد لها، اضطرت القوات المسلحة الإيرانية خلال الأشهر الماضية الى تنفيذ عمليات استهداف دقيقة بالصواريخ والطائرات المسيرة والقذائف المدفعية، ضد المواقع والقواعد التي تستخدمها هذه الجماعات.
وقد اعترف مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، بشكل علني في تشرين الثاني / نوفمبر 2022، بأن الأسلحة التي يتم تهريبها الى إيران تتم عبر إقليم كردستان العراق. وقد أدلى بولتون بهذه التصريحات خلال مقابلة له مع قناة بي بي سي التلفزيونية الناطقة بالفارسية ومقرها لندن.
لا عمليات إيرانية بغياب الاعتداءت
تمكنت حكومة بغداد في كانون الأول (ديسمبر) 2022، من إحباط عملية تهريب أسلحة إلى إيران، والتي خطط لها ونفذها مسلحون أكراد، في منطقة السليمانية شرقي إقليم كردستان العراق.
وفي آذار / مارس من هذا العام، وقعت طهران وبغداد اتفاقًا لأمن الحدود، تضمن التزاما من الحكومة العراقية، بفرض الأمن على حدودها مع إيران، بما في ذلك مكافحة أنشطة الميليشيات الإرهابية.
وعليه لا يمكن للإدارة الأمريكية التحجج بدفاعها الجوي عن إقليم كردستان، إذا تم بشكل فعّال ونهائي، منع الجماعات الإرهابية من استخدام أراضي الإقليم لتنفيذ اعتداءات في إيران.
لكن ربما السبب الحقيقي من قرار بيكون، هو تأمين الحماية لجهات أخرى غير الميليشيات التي ذكرناها، مثل الموساد الإسرائيلي أو وكالة المخابرات المركزية الـ CIA، لتستطيع تنفيذ هجمات ضد إيران، وعندها سيكون الحق لطهران اتخاذ أي إجراء تراه مناسباً لذلك، ولن تنفع أي منظومة دفاع جوي أمريكية لمنع ذلك.