في ظل التهديدات الإسرائيلية المتتالية ضد إيران تارة وحزب الله تارة أخرى، أكد البروفيسور الإسرائيلي أيار زيسر، متوجهاً إلى المسؤولين في كيان الاحتلال على انه "يجدر بنا أن نتخلى منذ البداية عن جولة مواجهة كل غايتها تمديد الزمن حتى جولة المواجهة التالية بعدها. وكما قال مناحم بيغن في حينه: النصر الأكبر الذي يمكن تحقيقه في الحرب، هو منعها".
النص المترجم:
إن التحذيرات والتهديدات التي أطلقها كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية في مؤتمر هرتسليا الذي عقد الأسبوع الماضي، بشأن الخوف من مواجهة بل وحتى حرب شاملة مع إيران وحزب الله، تظهر على أنه حان موسم المؤتمرات الاستراتيجية التي تُعقدها المعاهد البحثية المختلفة في إسرائيل كل عام.
يظهر كبار مسؤولي المؤسسة الأمنية في هذه المؤتمرات كجنود منضبطين، ويقومون بواجبهم بإصدار بيانات تحظى بطبيعتها بردود إعلامية واسعة. الأسئلة هي: هل تغير شيء في المنطقة نفسها، وهل ازداد خطر الحرب؟
على ما أذكر، أعلن رئيس الأركان، اللواء هرتسي هاليفي، في المؤتمر أن إيران أحرزت تقدمًا في تخصيب اليورانيوم، وأنه على الرغم من عدم اتخاذ قرار بعد في طهران لإنتاج قنبلة نووية فإن تطورات سلبية في منطقتنا يمكن أن تؤدي إلى مثل هذا القرار وإجبار إسرائيل على التحرك بأي حال من الأحوال. وحذر أهارون حليوة من جانبه من أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يقترب من ارتكاب خطأ من شأنه أن يؤدي بالمنطقة إلى الحرب، وأنه بالرغم من أن نصر الله ما زال مردوعاً وغير معني بالمواجهة، فغروره قد يقوده إلى قناعة بأن إسرائيل مثل راحة يده، وبالتالي يجرؤ على تحديها مثلما لم يجرؤ في الماضي.
رداً على التصريحات التي سمعت في إسرائيل، سارع مسؤول إيراني للتهديد بأن تدمير المنشآت النووية الإيرانية سيشعل حرباً شاملة تكون إسرائيل مسؤولة عنها. فيما تجري منظمة حزب الله، تحت الأعين المغمضة لقوة اليونيفيل غير المجدية، مناورة عسكرية في جنوب لبنان تحاكي خطف جنود وهجوم على المستوطنات الإسرائيلية على طول الخط الحدودي. لكن كل هذا لا ينذر بعد بحرب وشيكة.
وصف رئيس الأركان ورئيس مجلس الأمن إيران بأنها التهديد الرئيسي الذي يواجه إسرائيل. لكن هذا التهديد ليس جديدًا، ولا يُتوقع حله أو تغييره بشكل كبير في المستقبل القريب. لقد حصل الإيرانيون بالفعل على ما يريدون. لقد أصبحوا دولة ذات عتبة نووية، ولديهم قدرات ومعارف تسمح لهم باختراق الملف النووي في وقت قصير من لحظة اتخاذ القرار في طهران.
في مواجهة مثل هذا الواقع، الذي قد يستمر لأشهر أو حتى سنوات، تحتاج إسرائيل إلى أعصاب قوية ويقظة دائمة. بعد كل شيء، من الأفضل لإيران أن تظل دولة ذات عتبة نووية تلقي بظلالها الخطيرة على محيطها من صراع أمامي شامل. وخلاصة القول، التحدي الإيراني هنا، ويمكن الافتراض أنه سيستمر في إشغالنا في الأشهر القادمة وحتى في السنوات القادمة.
حزب الله وأيضاً بشار الأسد، الذي عاد إلى الحضن العربي في الأسابيع الأخيرة، باتا موضوعاً آخر. هنا التخوف هو من استفزاز أو عملية إرهاب لحزب الله قد تؤدي إلى رد إسرائيلي يهز الأركان في لبنان. هذه أمور يجب أن نتذكرها، وبخاصة عند اقتراب يوم الذكرى السنوية لحرب لبنان الثانية، التي نشبت، مع بشكل لا يرغب به أحد، لا حزب الله ولا حكومة إسرائيل.
إن التحذيرات التي يطلقها مسؤولون في إسرائيل تستهدف التحذير والتنبيه، والتجربة تدل على أن نصرالله يدرك ويفهم مثل هذه التحذيرات كتعبير عن الضعف والتخوف في الجانب الإسرائيلي – والأمر يشجعه على أن يبقى على حاله.
إن حرباً مع حزب الله ليست لعبة أطفال، وبالتأكيد لا يدور الحديث هنا عن بث معاد لعمليات الاغتيال الناجحة التي خاضتها إسرائيل ضد الجهاد الإسلامي في غزة. لكن كانت يد الجيش الإسرائيلي هي العليا في كل مواجهة مباشرة وجبهوية مع حزب الله في الماضي.
غير أنه ليس في التصريحات والتهديدات ما يكفي للانتصار في المعركة، فإذا وجدت إسرائيل نفسها مرة أخرى مع اصحاب قرار مترددين لا يعرفون كيف يحددون هدفاً وغاية للمعركة، وإذا لم تعد الجبهة الداخلية كما ينبغي لمواجهة حزب الله التي تتعاظم فلن نكون قد فعلنا شيئا.
والأهم من كل شيء، يجدر بنا أن نتخلى منذ البداية عن جولة مواجهة كل غايتها تمديد الزمن حتى جولة المواجهة التالية بعدها. وكما قال مناحم بيغن في حينه: النصر الأكبر الذي يمكن تحقيقه في الحرب، هو منعها.
المصدر: إسرائيل هيوم
الكاتب: أيال زيسر