لا تزال تداعيات اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان إلى فلسطين المحتلة تأخذ الحيز الأكبر من اهتمامات المؤسسة الأمنية والسياسية في كيان الاحتلال. وتقول صحفية إسرائيل هيوم العبرية ان "تهديدات الأمين العام لـ "حزب الله" بالرد على كل عملية إسرائيلي تجاه لبنان أو مواطنين لبنانيين، دفعت إسرائيل إلى أن تتجلد مراراً على أعمال استفزازية من جانب نصر الله طوال أشهر".
النص المترجم:
إطلاق 34 صاروخاً من جنوب لبنان إلى أراضي الجليل الغربي في ساعات ظهر أمس، هو بلا شك الحدث الأمني الأخطر في هذه الجبهة منذ حرب لبنان الثانية في 2006. التفسير الفوري أنه رد فلسطيني على أحداث الحرم. لكن بخلاف إطلاق النار من قطاع غزة، فالوضع في الساحة الشمالية أكثر تعقيداً، إذ هدد نصر الله بأنه سيرد على كل عملية إسرائيلية في أراضي لبنان، وتهديده مسنود بعشرات آلاف الصواريخ الموجهة إلى الأراضي الإسرائيلية.
تهديدات الأمين العام لـ "حزب الله" بالرد على كل عملية إسرائيلي تجاه لبنان أو مواطنين لبنانيين، دفعت إسرائيل إلى أن تتجلد مراراً على أعمال استفزازية من جانب نصر الله طوال أشهر. سياسة الاحتواء والرد غير المباشر من جانب إسرائيل زادت ثقة نصر الله بنفسه، الذي رفع مبلغ رهانه. وأضيف إلى تآكل الردع الإسرائيلي بالطبع الوضع الداخلي المهزوز في إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، مما جر احتجاج رجال الاحتياط إلى نحو واسع وتوترات بين أمريكا وإسرائيل.
أما الآن فلم يعد بإمكان إسرائيل مواصلة سياسة التجلد والاحتواء، كون إطلاق 34 صاروخاً يغير الوضع دراماتيكياً. بقعة الضوء هي القبة الحديدية، التي اكتملت لها اليوم بالضبط 12 سنة على اعتراضها الأول (7 نيسان 2011). بفضل اعتراض 25 صاروخاً أطلقت نحو بلدات في إسرائيل، كان يمكن للقادة أمس أن يتخذوا القرارات من الرأس، وليس من البطن، وأن يحاولوا إيجاد شكل الرد الذي قد لا يجر إسرائيل إلى حرب شاملة مع حزب الله. أمس، في ساعات ما بعد الظهر، حاول الجيش الإسرائيلي تحديد اتجاه الرد. فقد شدد الناطق العسكري، العميد دانييل هجري، على أن الحدث وإن كان متعدد الجبهات، لكنه أحادي التنظيم.
أشار العميد هجري أن مصدر النار في الساحتين هو فلسطيني – حماسي، لكن جهاز الأمن يدرك جيداً بأن ناراً بمثل هذا المدى من جنوب لبنان لا يمكن أن يتم بدون إذن، أو على الأقل علم، من حزب الله، السيد في المنطقة. لكن الناطق العسكري لم يذكر في أقواله حزب الله. قضى فقط بأنه تقع على "دولة لبنان مسؤولية حين تطلق النار منها". وأشار أيضاً إلى فحص مشاركة إيران أيضاً.
جرت أمس مداولات أمنية حثيثة حول شكل الرد الإسرائيلي. بداية في الجيش والشاباك، ثم لدى وزير الدفاع، وأخيراً، ودون مفر، أمر رئيس الوزراء نتنياهو بانعقاد الكابنت السياسي الأمني. ومع أن إسرائيل فعلت كل شيء في الأشهر الأخيرة كي تمتنع عن الرد من خلال الهجمات في لبنان، انطلاقاً من أن عملاً إسرائيلياً في لبنان سيجر رداً مضاداً من حزب الله، فمن الصعب أن نرى كيف ستنجح إسرائيل هذه المرة في الامتناع عن رد عسكري في لبنان.
المعضلة الأساس لأصحاب القرار أمس كانت كيف تقلص احتمال اشتعال كامل قدر الإمكان. لكن رغم الرغبة الإسرائيلية في تقييد رد الفعل وحصره بالفلسطينيين، من المهم أن نذكر بأنه وفي المرة السابقة التي رد فيها الجيش على مصادر نار فلسطينية من لبنان، في آب 2021، رد “حزب الله” بإطلاق 19 صاروخاً نحو “هار دوف”.
إن الأهداف المركزية لجهاز الأمن كانت لتبريد الأجواء المتوترة في القدس والرد في قطاع غزة ولبنان دون الدخول إلى حرب. لكن من الصعب توقع دينامية الأمور في لبنان، وبالتأكيد قد نجد أنفسنا في عدة أيام قتالية، إذا لم يكن أكثر من هذا.
المصدر: اسرائيل هيوم
الكاتب: ليلاخ شوفال