أعلنت السلطات السعودية، منذ يومين، عن اعتقال 348 شخصاً من قبل حرس الحدود، خلال محاولات تهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة إلى المملكة. وعلى الرغم من المحاولات التي تبذلها القوى الأمنية في القبض على بعض تجار المخدرات، إلا ان النتيجة المرجوة والسيطرة على تجارة وتعاطي المخدرات في البلاد، لا تزال بعيدة المنال. اذ ان التعامل مع هذا الملف، ليس بمستوى عال من الجدية، بالإضافة إلى ان المملكة تحتل مراكز متقدمة في احصائيات ضبط المخدرات في العالم، بحيث ان أكثر من 45% من المضبوطات العالمية من عقار الأمفيتامين المعروف باسم الكبتاغون، ضبطت في السعودية.
وبحسب المتحدث باسم حرس الحدود العقيد مسفر القريني، فإن الدوريات البرية ضبطت أكثر من 42 طناً من مادة القات المنشطة، و661 كيلوغراماً من الحشيش، و118.517 حبة أمفيتامين، و318970 قرصاً خاضعة للتنظيم الطبي في سلسلة مداهمات في نجران. جازان وعسير وتبوك ومكة والمدينة المنورة. وقال القريني، في 1 شباط/ فبراير الجاري، إن الاعتقالات شملت 33 مواطناً سعودياً و315 مخالفاً لنظام أمن الحدود.
كما اعتقلت السلطات السعودية الشهر الماضي نحو 800 شخص من مناطق نجران وتبوك وجازان وعسير بتهمة تهريب كميات كبيرة من المخدرات.
وفي 13 كانون الثاني/ يناير الماضي، ضبط أكثر من 81 كيلوغراماً من الحشيش في ميناء الوديعة، فيما ذكرت ان المخدرات كانت مخبأة داخل سقف سيارة. واللافت ان بعد ذلك، بأسبوع واحد تقريباً، أحبطت محاولة توزيع 18.2 طن من القات وأكثر من 1.5 طن من الحشيش في عمليات أمنية منفصلة لجميع أنحاء المملكة.
وقبلها بشهرين فقط، تم احباط محاولة تهريب مليوني قرص أمفيتامين، وجدت مخبأة في شحنة من ألواح خشب المطبخ. وقال المتحدث باسم المديرية العامة لمكافحة المخدرات، الرائد محمد النجيدي، إنه خلال عملية متابعة أمنية لشبكات تهريب وتوزيع المخدرات التي تستهدف المملكة، ضبط مسئولون 2035.200 حبة أمفيتامين. كما تم ضبط أربعة أشخاص بحوزتهم مخدرات في الرياض وتم إحالتهم إلى النيابة العامة.
كما أعلن في الفترة نفسها، عن محاولة لتهريب ملايين حبوب الأمفيتامين المسببة للإدمان وغير القانونية إلى البلاد. اذ كشف النجيدي، إنه تم العثور على أكثر من 1.9 مليون قرص كبتاغون مخبأة في شحنة مكائن حديدية في مستودع بالرياض. وتم القبض على ثلاثة مواطنين سعوديين، واحد من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، ومقيم سوري، واثنين من مواطني بنغلاديش، واثنين من المقيمين الباكستانيين على صلة بالمصادرة.
استحقت السعودية لقب عاصمة المخدرات في الشرق الأوسط، نظراً إلى ان أكثر من نصف كميات الكبتاغون التي تم ضبطها في الشرق الأوسط بين عامي 2015 و2019 كانت في السعودية، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC).
وتقول أنشال فوهرا، في تقرير أعدته لمجلة فورين بوليسي، ان معدل التعاطي في المملكة آخذ في الازدياد. وبحسب مصدر تحدث إليها، فإنه من المتوقع ان السبب في هذه الزيادة هو عدم وجود أماكن للترفيه بشكل كامل. كما ان هناك خشية كبيرة من تساهل القبائل مع مهربي المخدرات مقابل مبالغ من المال، في الظروف الصعبة التي تمر بها العائلات في الداخل، ونتيجة اتساع الهوة بين الطبقات.
واللافت، انه خلال متابعة البيانات الصادرة عن القوى الأمنية، تبين انه لا يوجد فاصل زمني طويل بين العمليات المُنفّذة، أي ان هناك عدد ضخم من الحبوب المصادرة وعدد كبير من الأشخاص المتورطين. وهنا يبرز جدلية مفادها، اذا كانت كل الأرقام الرسمية صحيحة، فهذا يقضي باحتمالين: ان كل التدابير التي تتخذها المملكة لم تنجح إلى اليوم في تقليص حجم العمليات، او ان الوضع في الداخل أصبح أكثر تعقيداً ويصعب ضبطه بما أن الأمور أصبحت خارجة عن السيطرة، إلى هذا الحد. وفي حال تم نفي الاحتمالين السابقين، فهذا يعني ان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يسعى ضمن استراتيجيته التي يتبعها، تقديم صورة للمجتمع الدولي، بأنه يقوم بمحاربة هذه الآفة، ولو على شكل بروباغندا إعلامية.
الكاتب: غرفة التحرير