أصدر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، قراراً "بمنع جميع موظفي الخدمة المدنية والنواب وضباط انفاذ القانون وكل ما يمكنه العمل في الدولة والحكومة". في خطوة تأتي بالتوازي مع موجة استقالات واقالات لعدد من المسؤولين على خلفية قضايا فساد. في حين تختلف الآراء حول الدوافع والأهداف الكامنة وراء تلك الإجراءات، خاصة وأنها تأتي في توقيت شديد الحساسية من مسار العملية العسكرية الروسية في البلاد.
في 24 كانون الثاني/ يناير الجاري، أجرى زيلينسكي أكبر تعديل وزاري منذ بداية الحرب، أقال جراءه عدد من النواب والوزراء بعد توجيه إليهم تهم تتعلق بفضائح فساد مالي وإداري. في حين جادل محللون سياسيون مطلعون دوافع هذا القرار، ولجأ البعض للقول بأنها "محاولة من قبل زيلينسكي لتنظيف المنزل وإظهار أن أسلوب حياة مسؤولي الدولة الفاسد والمتفاخر غير مقبول في بلد في حالة حرب". وبحسب المحلل السياسي فولوديمير فيسينكو لصحيفة كييف إندبندنت: "لقد أرسل زيلينكسي إشارة للمسؤولين بأنه يجب عليهم العمل والعيش وفقًا لمتطلبات الحرب". لكن النقاد اعتبروا بأن التعديل الوزاري هو نتيجة الاقتتال السياسي، وليس حملة حقيقية لمكافحة الفساد، لأن بعض كبار المسؤولين سيئي السمعة المتهمين بالفساد مفقودون بشكل ملحوظ من قائمة أولئك الذين تم فصلهم. ومن بين هؤلاء نائب رئيس الأركان، أوليه تاتاروف، الذي اتُهم بالرشوة في عام 2020.
يبدو أن بعض الإقالات أدت أيضًا إلى عزل الأشخاص المستقلين عن رئيس الأركان أندريه يرماك، الذي يمكن القول إنه ثاني أقوى شخص في أوكرانيا. وقال أولكسندر ليمينوف، رئيس هيئة مراقبة مكافحة الفساد، ستيت ووتش، لصحيفة كييف إندبندنت: "إنهم يقاتلون فقط من أجل الحصول على قطعة من الكعكة الخاصة بهم".
ووفقًا لمشروع Bihus.info للصحافة الاستقصائية، فقد جاءت استقالة نائب رئيس مكتب الرئيس، كيريلو تيموشينكو، بعد سلسلة من الفضائح. كان تيموشينكو يستخدم لأغراضه الخاصة سيارة شيفروليه تاهو التي تبرعت بها، شركة جنرال موتورز، لتلبية الاحتياجات الإنسانية وإجلاء المدنيين من مناطق القتال. كما أشرف تيموشينكو أيضًا على مشروع البناء الكبير، الذي وضع تصورًا لبناء البنية التحتية في جميع أنحاء أوكرانيا. وقد شاب المشروع اتهامات عديدة بالفساد.
وظيفة أخرى كانت لدى تيموشينكو في مكتب الرئيس كانت الاتصالات الإعلامية. ويعتقد أنه يتحكم في العديد من قنوات Telegram التي روجت لمصالحه، وفقًا لـ Fesenko.
كما تمت اقالة، نائب وزير الدفاع فياتشيسلاف شابوفالوف بعد أن ذكرت صحيفة Zn.UA الأوكرانية في 21 يناير/ كانون الثاني، أن وزارة الدفاع تشتري المواد الغذائية للجيش بأسعار تزيد مرتين إلى 3 مرات عن تلك الموجودة في متاجر بقالة كييف، مما يشير إلى وجود مخطط فساد ممنهج.
ووفقًا للتقرير، وافقت وزارة الدفاع على دفع 17 هريفنا -العملة الأوكرانية- مقابل بيضة واحدة، بينما يبلغ سعرها في متاجر كييف حوالي 7 هريفنا. ويبلغ سعر كيلوغرام البطاطس المطلوب طلبه للجنود الأوكرانيين 22 هريفنا، في حين أن السعر في متاجر البقالة في كييف هو حوالي 9 هريفنا. وقال ليمنوف -كاتب التقرير- إن تفسيرات وزارة الدفاع بما يتعلق بتبرير هذا الأمر كانت غريبة وغير مقنعة. وأضاف أنه تم اختيار شابوفالوف كبش فداء في محاولة للتخفيف من فضيحة الفساد.
كما تجدر الإشارة، إلى ان زيلنسكي، قد قام بإقالة بعض المسؤولين، ويحاول جاهداً احتواء فضائح الفساد التي قد تهز ثقة الغرب في حكومته في لحظة حرجة من الحرب، يطلب فيها باستمرار تزويده بمزيد من الأسلحة، التي لا تفقد نسبة منها قبل ان تصل إلى الخطوط الأمامية، نتيجة صفقات مشبوهة تقع ضمن إطار شبهات الفساد.
كما يسعى من وراء ذلك، إلى طمأنة الاوكرانيين الذين ورطهم بهذه الحرب، الذين يموتون بالآلاف على الخطوط الأمامية ويتحملون المصاعب الاقتصادية، وكذلك أمام الحكومات الغربية، التي تقدم لأوكرانيا مساعدات بمليارات الدولارات. حيث برزت أخيراً حملات عديدة في الولايات المتحدة، تساءل خلالها المواطنون الأميركيون علنًا عما إذا كان ينبغي على البلاد الاستمرار في تمويل أوكرانيا بنفس مستويات العام الماضي.
الكاتب: غرفة التحرير