تتوالى ردود الفعل العربية والإسلامية المستنكرة، لحادثة إحراق نسخة من المصحف الشريف، أمام السفارة التركية في العاصمة السويدية ستوكهولم. منددين بالسلطات السويدية التي سمحت لزعيم الحزب اليمين المتطرف "الخط المتشدد" الدانماركي "راسموس بالودان" بفعل ذلك.
وقد أجمعت بيانات الإدانة والاستنكار جميعها، على أن هكذا تصرفات، هدفها استهداف واستفزاز مشاعر المسلمين، الذين يشكلون أكثر من مليار ونصف إنسان على هذا الكوكب، من خلال إهانة مقدساتهم، وتحريضهم للقيام بردة فعل، ليعودوا من جديد الى مهاجمة المسلمين، من أجل تشويه صورتهم.
وبعكس ما يظن أكثرية العرب والمسلمين، فإن الغرب بأكثرية دوله، هم بعكس كل ما يروّجونه عن حالهم، بأنهم دول التسامح وحماية حقوق الإنسان. بينما اساس منهجيتهم الحقيقي، هو تسويق الانحلال الأخلاقي بشكل كامل، وفصل الانسان عن اي مبادئ او معتقدات او ديانات سماوية او قيم انسانيه او انتماءات، وضرب كل ما يؤمن به هذا الانسان من رموز، كما حصل أيضاً مع قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي مؤخراً، وقبلها منذ سنوات بالصور المسيئة للنبي محمد (ص)، من أجل الحصول على فرد بلا هوية مدجن بما يحلو لهم من صفات.
ففي تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري، في أيار / مايو من العام 2018، كشف بأن هناك انتشار واسع لخطاب الكراهية العنصرية في السويد، ضد المواطنين من أصل أفريقي أو إسلامي، بشكل خاص خلال الحملات الانتخابية وكذلك في وسائل الإعلام وعلى شبكة الإنترنت، بالإضافة الى هجمات حرق متعمد ضد المساجد.
ردة فعل السلطات السويدية
فماذا كان رد فعل السلطات السويدية على فعل "بالودان"، سوى أن وصف وزير خارجيتها "توبياس بيلستروم"، هذه الاستفزازات بأنها "مروعة"، مضيفاً بأن بلاده "تتمتع بحرية تعبير كبيرة لكن هذا لا يعني أن الحكومة السويدية أو أنا نفسي نؤيد الآراء المعبر عنها".
لكن بيلستروم نسي بأن بلاده ملزمة من خلال الدستور، باحترام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان التي جاء في مادتها الـ 10 تحت بند حرية التعبير، بأنه يسمح للدولة فرض قيود على حرية التعبير في حالات محددة:
تنصُّ المادة العاشرة على الحق في حرية التعبير ضمن قيود قانونيَّة وديمقراطيَّة، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء وتلقي المعلومات والأفكار ونقلها، ولكنَّه يسمح بفرض قيود عليها في حالات عدة منها: مصالح الأمن القومي، ومنع الفوضى والجرائم، وحماية سمعة وحقوق الآخرين. وهذه الحالات قد تحققت جميعها من خلال هذا الاستفزاز.
كما نصّت المادة الـ 17 منها، على أنَّه لا يجوز لأحد أن يستخدم أي حق من الحقوق التي تكفلها الاتفاقية للسعي إلى إلغاء أو تقييد الحقوق الأخرى فيها، مثل حينما يعتمد الأفراد على أحد حقوقهم المكفولة قانونياً لتقويض حقوق الإنسان الأخرى.
وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يعدّ من مصادر الدستور السويدي أيضاً، فإنه أتاح "حرية التعبير عن الرأي" دون أي مضايقة للآخر.
ومن اللافت أن الدولة السويدية بمسؤوليها وقواها السياسية، قد أنشأت العديد من الأطر والإدارات لأجل مكافحة ما يسمونه بـ "معاداة السامية"، فلماذا لا يكون للمسلمين المساواة في ذلك أيضاً؟!
الكاتب: غرفة التحرير