استقبل الجمهور اليهودي حكومة بنيامين نتنياهو التي يسيطر عليها اليمين المتطرّف بلافتات كتب عليها "ارحل" و"وزير الجريمة"، رفعها المستوطنون المتظاهرون في شوارع "تل أبيب" بعد أقل من 15 يوماً فقط من تشكيل الحكومة وأدائها لليمين. وذلك في مشهد من الانقسام الداخلي الحاد بين الحكومة الحالية و"المعارضة" (أحزاب اليسار)، وتقدّر "القناة 13" العبرية استمرار الاحتجاجات يوم السبت المقبل بمشاركة "عشرات الآلاف" وبتنظيم من وزير جيش الاحتلال السابق موشيه يعلون.
أمّا السبت الماضي، فقد تظاهر آلاف المستوطنين في "تل أبيب" احتجاجاً على مخططات الحكومة بشأن التوسّع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلّة وإضعاف السلطة القضائية في الكيان، كذلك احتاجاجاً ضد ما وصفوه بـ "الفاشية، وسياسة الفصل العنصري وتهديد الديمقراطية"، بعد تفرّد زعماء الصهيونية الدينية بمفاصل الحكم في مستويات الكيان.
اتهم المتظاهرون الحكومة بإعلان الحرب على "النظام القانوني" في الكيان، زاعمين أن مخططات نتنياهو واليمين المتطرّف ستقلب "نظام الضوابط والتوازنات الإسرائيلي وتقوض مؤسساتها الديمقراطية من خلال منح سلطة مطلقة للائتلاف الحاكم الجديد". كما اعتبروا أن "اسرائيل" ذاهبة نحو "الديكتاتورية لأجل مصالح شخص واحد فقط"، مشيرين الى نتنياهو الذي وصل الى المنصب وأتى باليمين المتطرّف فقط من أجل أن يخلّص نفسه من الدعاوى القضائية الموجهّة ضده بتهم الفساد.
كذلك انتقدت الاحتجاجات مشروع قانون وزير عدل الاحتلال ياريف ليفين (من حزب الليكود) الذي يريد أن تكون الأغلبية في "الكنيست" قادرة على نقض قرارات "المحكمة العليا". الى جانب تغيير طريقة تشكيل الهيئة التي تعين القضاة. بمعنى آخر، تسمح تعديلات "ليفين" أن يكون "الكنيست" هو من يعيّن القضاة في "المحكمة العليا"، وليس عبر لجنة خاصة تتم من خلال مجموعة من "المؤسسات" خارج "الكنيست".
في هذا السياق، كان موقع موقع "والاه" العبري قد أوضح في وقت سابق أن "مشروع القانون (الذي يريد اليمين تمريره) ينص على أن الحكومة ستكون هي من يختار المحامين في اللجنة وليس نقابة المحامين، وبهذا يكون للحكومة الأغلبية في تعيين القضاة دون تدخل أي جهة خارجية عن الحكومة". وقد طالب عضو "الكنيست" ووزير أمن الاحتلال ايتمار بن غفير ووزير المالية بتسلإيل سموتريش خلال المفاوضات الائتلافية بأن يكونا ضمن أعضاء لجنة تعيين القضاة، وهي عضوية تمنح أصحابها نفوذا كبيراً في جهاز القضاء.
قمع المظاهرات وإسكات "المعارضة"!
زعم "ليفين" في جلسة استماع للجنة الدستورية حول هذا "المشروع" إنه "مصمم على تنفيذ المشروع ولن يردعني شيء". كما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن "جدلاً كبيرا"ً وقع خلال هذه الجلسة و"تم طرد 7 أعضاء للمعارضة الذين اعتبروا الإصلاحات القضائية المرتقبة انقلاب على الديمقراطية في إسرائيل".
أمّا حول المتظاهرين في الشوارع فإن "بن غفير" أوعز بالمقع، اذ أصدر تعليماته لشرطة الاحتلال بإجراء اعتقالات في صفوف المتظاهرين ضد الحكومة في حالة إغلاق الطرق، وقال "أنا أؤيد المظاهرات، لكن يجب اعتقال من يغلق طريقاً ومن يقوم بأعمال الشغب".
بدوره شدد مفوض شرطة الاحتلال يعقوب شبتاي على "أن الشرطة ستتصرف بما يتماشى مع سياسة الوزير بن غفير". وزعم البيان المشترك بين الشرطة ووزارة الأمن أنه "إذا كانت التظاهرة ستشمل خرق القانون أو الإخلال بالنظام، فستتصرف الشرطة في إطار سلطاتها وفق القانون، ولن تتحلى بالصبر على عمليات إيذاء ضباط الشرطة. ولن نسمح بالتحريض الوحشي بما في ذلك استخدام الرموز النازية".
في السياق نفسه، ادعى وزير تراث الاحتلال، عميحاي إلياهو، أنه "يتفق مع الرغبة في إيقاف هذه الرحلة المجنونة لشعب أقصى اليسار" مضيفاً "أصبحت أفكر كثيراً في احتمالية اندلاع حرب أهلية، لو حدثت، ستصبح الشوارع حمراء مملوءة بالدماء". كما أعرب المسؤول السابق في الشرطة الاحتلال أهارون باراك أنه "يتفق مع بن غفير على أنه يجب التعامل مع محاولات إغلاق الشوارع المتكررة من جانب المتظاهرين".
معارضة واحتجاجات مرتقبة
_ دعت الوزيرة السابقة من حزب "يش عتيد"، (بزعامة يائير لابيد)،ميراف كوهين، الى خروج المستوطنين في مظاهرات يوم السبت المقبل بتاريخ 14/1/2023 ضد ما وصفته بـ"حكومة الاستبداد التي تهدد باعتقال المعارضة وتتهمنا بالخيانة".
_ عضو "الكنيست" من حزب "يش عتيد" أيضاً، يوراي لاهف، اعتبر أن "اليمين ينوي اعتقال قادة المعارضة، فنتنياهو قام ببيع كل شيء حتى يهرب من المحاكمة ، هو رئيس حكومة ضعيف ومبتز، وقمعي، وتتحكم به عصابة من مؤيدي الإرهاب العنصريين الخطرين".
_ دعت الوزيرة السابقة وعضو "الكنيست" عن حزب "الاتحاد الصهيوني"، ميراف ميخائيل "للحشد يوم السبت في ساحة هابيما في تل أبيب، للتظاهر ضد عصابة نتنياهو التي ترهب الجمهور وتحرق المنطقة".
لخّص كاريكاتور صحيفة "يديعوت أحرونوت" المشهد في كيان الاحتلال، اذ يظهر الرسم الساحة الاسرائيلية المشتعلة بشكل كبير فيما يفق رئيس الكيان يتسحاق هرتسوغ "الضعيف" حاملاً كوب ماء بيده!
الكاتب: غرفة التحرير