ثمة حقيقة في البحرين يعرفها العالم أجمع وينكرها النظام البحريني. عام 1999 عندما كانت المعارضة البحرينية بأغلبها في السجون على إثر انتفاضة 1994، وأراد النظام البحريني تحويل المملكة إلى ملكية دستورية من خلال قيام برلمان منتخب جزئيًا، كان ذلك بحجة أن هذه الإصلاحات السياسية تهدف إلى جسر الهوة بين الحكومة والمعارضة. وبعدما حصلت المعارضة على تطمينات نُشرت في الصحف الرسمية، وخصوصًا في مسألة صلاحيات المجلس المنتخب، أعلن زعيم المعارضة الشيعية الشيخ عبد الأمير الجمري تأييده للمشروع، وقال إن الميثاق يمثل وثيقة عهد وورقة عمل لتفعيل الدستور، ودعى إلى الانخراط في مسيرة البناء والتنمية. إلا أن الحاكم البحريني انقلب على الاتفاق، بعدما حصل على أصوات الشيعة في الاستفتاء على التحول الدستوري، وأقرّه عام 2001، لينكث بعهده عام 2002.
الكثير من العراقيل تمّ وضعها في وجه المعارضة خاصة بعدما نالت 45% من المقاعد النيابية و65% من الأصوات، كما لم تكن تقسيمات الدوائر الانتخابية عادلة. فانبثقت ثورة 14 فبراير/شباط بعد 10 سنوات من نكث العهود. فخرج شباب البحرين للتذكير بأن الشعب البحريني يريد حاكمية الدستور، وليس حاكمية اختزال السلطات بيد الملك. ومنذ ذلك اليوم، تستمر السلطات البحرينية بتطوير قوانين العزل السياسي للمعارضة، وتستمر المعارضة بمقاطعة الانتخابات وتفعيل الحراك السياسي ضدّ النظام الحاكم خاصة بعد اتفاقيات التطبيع.
الشيخ قاسم يفتي بوجوب المقاطعة
بسبب المسؤولية الشرعية المترتبة على عدم مشروعية التنازل عن حق الشعب المغبون، أفتى الشيخ عيسى قاسم بوجوب الاستمرار في مقاطعة الانتخابات، خصوصًا أن هذا الحق مشترك بين أبناء الشعب. وذلك حتى الوصول إلى الهدف وهو تحقيق الإرادة الشعبية، خاصة في ظلّ وجود سجناء سياسيين في السجون لا يعترف بهم النظام، وأربعة آلاف سجين رأي وثقتهم تقارير حقوقية، بالإضافة إلى المبعدين.
نهب آل خليفة لثروات ومقدرات الشعب
بحسب المؤشرات الدولية، فإن النظام البحريني متورّط في الفساد العام والمالي والقضائي، وتصف منظمة الشفافية الدولية البحرين بأنها من أكثر الأنظمة قمعًا واستكبارًا. وكانت جمعية الوفاق الوطني قد بعثت برسالة للأمين العام للأمم المتحدة أشارت فيها إلى نهب الممتلكات العامة والسيطرة على القرارات السياسية، وأن النفوذ والسيطرة على جميع المؤسسات والقرارات الحكومية في النظام البحريني تتزايد يوما بعد يوم. وذكرت فيها أنها أطلقت مع القوى الوطنية البحرينية العديد من المبادرات والمشاريع الحقيقية لتفعيل وتحسين حياة مواطنيها، وتعمل على مبادرات من شأنها أن تؤدي إلى المصالحة الوطنية، وفي النهاية حل شامل للأزمة السياسية البحرينية.. ودعت الأمم المتحدة للضغط على الحكومة البحرينية لتطبيق المبادئ الديمقراطية.
تسليم الأمن في البحرين إلى الكيان الإسرائيلي المؤقت
جاءت اتفاقيات التطبيع في سياق إملاءات واضحة من السعودية والولايات المتحدة ضمن مشروع اتفاقيات أبراهام. ثم وصل وزير دفاع الاحتلال بيني غانتس إلى البحرين في شباط من العام 2022 ووقع على مذكرة تفاهم أمنية بين الكيان والبحرين، وضعت “إطارًا متينًا للتعاون الأمني" وشملت عددًا من اتفاقيات الأسلحة. ثم ترك غانتس وراءه ضابط من البحرية الصهيونية ليكون مراقبًا وضابط ارتباط مع الأسطول السادس الأمريكي في منطقة الخليج.
تكمن الخطورة في تسليم الأمن للكيان المؤقت، خاصة أن المعارضة البحرينية تحمل القضية الفلسطينية باعتبارها قضية دينية ووطنية وإنسانية، ولا يمكن للشعب البحريني أن يقبل بهذه العلاقات.
منظمة حقوقية: الانتخابات لن تكون أكثر من مهزلة
ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الانتخابات التي ستجري في البحرين بأنها "لن تكون أكثر من مهزلة"، وقالت في تقرير بتاريخ ٣١ أكتوبر تشرين الأول الماضي بأن السلطات في البحرين وسعت من تهميش "أي معارضة سياسية باستخدام نظام قانوني متطور يهدف إلى خنق ما تبقى من المجتمع المدني النابض بالحياة والمستقل في البحرين".
وأشار التقرير إلى قوانين العزل السياسي الصارمة بعد العام ٢٠١٨ التي حرمت أعضاء الجمعيات التي تم حلها من المشاركة في المجالات السياسية والمدنية، وشمل ذلك ما بين ستة آلاف و١١ ألف مواطن بحريني بحسب تقديرات خاصة قدمتها منظمات المجتمع المدني، وتم حرمانهم بأثر رجعي من الترشح للبرلمان وعضوية مجالس الجمعيات المدنية المختلفة.
وخلصت المنظمة الدولية إلى أن الانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة في البحرين "لا تقدم أي أمل في تحقيق نتائج أكثر حرية وانصافا من نتائج الانتخابات الأخيرة".
وأخيرًا
يطالب الشعب البحريني اليوم بالديموقراطية، ويرى أن الأنظمة الخليجية بنيت على أساس قَبَلي يقوم بوظيفتين أساسيتين: تأمين مصالح الاستكبار العالمي المتمثل بالولايات المتحدة ضمن مهمة الحارس على الشعوب الحرة، وقمع هذه الشعوب لعدم الاستمرار في مطالبها، ولا يرى الشعب البحريني في الانتخابات إلا ديموقراطية صورية!
الكاتب: غرفة التحرير