منذ 8 سنوات، اعتقل النظام البحريني، الأمين العام لجمعية الوفاق المعارضة، الشيخ علي سلمان، في خطوة أُريد منها تشتيت الجهود الرامية إلى إحداث خرق في جدار الأزمة السياسية والاجتماعية في البحرين. اذ ان خطاب الشيخ، العابر للطوائف والمَعني بتسليط الضوء على الانتهاكات، جعل من مسألة اعتقاله أمراً ضرورياً، حتى لا تنضج ثورة شعبية من شأنها زعزعة أركان النظام القائم على التبعية الأميركية-الإسرائيلية. إلا ان تحويل ذكرى اعتقاله إلى مناسبة لإعادة تصويب البوصلة، وتغذية الوعي السياسي لدى البحرينيين، بهذه الفعالية، لم يكن امراً متوقعاً.
ويشير نائب الأمين العام لجمعية "الوفاق"، الشيخ حسين الديهي، في تصريح خاص لموقع "الخنـادق"، إلى انه على الرغم من "مرور هذه السنوات الطوال على محاولة السلطة تغييبه عن المشهد السياسي ظناً منها أنه سينسى قضيته، إلا أنها باعتقاله رسخته بشكل أعمق في قلوب محبيه بل وأصبح اعتقاله كابوساً يؤرق النظام في البحرين". وأضاف ان السلطة "لم تستطع أن تغطي هذا العار ولا بقية الانتهاكات التي تمارسها على شعبها مهما أنفقت من أموال على شركات العلاقات العامة التي تحاول تلميع صورتها دولياً...فالشمس لا تُغطى بغربال".
وحول الوضع الصحي للشيخ علي سلمان، أكد الشيخ الديهي، انه "يحتاج إلى متابعة واهتمام خصوصاً وأن ظروف وبيئة السجن سيئة، وفي المحصلة فإن وضع الشيخ الصحي جيد حسب ما تصلنا من معلومات". مشيراً إلى أنه يتعرض "للمضايقات خاصة بعد مقاطعة الانتخابات الأخيرة من حيث تقليل مدة الاتصالات ومنعه من الاتصال بغير أرقام محددة في العائلة حتى أنه ممنوع من التواصل معنا...بشكل عام الشيخ ومن معه متوقفين عن الزيارات منذ عام 2019 بسبب رفض إدارة السجن السماح بخروجهم للزيارة إلا من وراء حاجز زجاجي".
اعتقال يشعل الوعي السياسي
وبالنسبة للوضع القانوني، يشير الشيخ الديهي، إلى انه في "تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2018، حكمت محكمة الاستئناف على الشيخ سلمان بالمؤبد في قضية التخابر مع قطر قبل شهر تقريباً من انتهاء حكم 4 سنوات في القضية السابقة، وذلك بعد أن حكم له بالبراءة من التخابر مع قطر في 21 حزيران/ يونيو عام 2018 في محكمة درجة أولى. وبعد محاولة الطعن التي تقدمت به هيئة الدفاع في 28 كانون الثاني/ يناير عام 2019، رفضت محكمة التمييز الطعن وأيّدت الحكم المؤبد وهذه آخر مراحل التقاضي إذ لا يمكن بعدها الطعن في الحكم". مؤكداً على ان الشيخ علي سلمان قد "احتجز بشكل غير قانوني وتمت محاكمته في محاكم لا علاقة لها بالعدالة وتفتقد لأبسط المعايير الدولية للمحاكمات العادلة وسماحته يقبع في السجن تحت وطأة الأزمة السياسية التي تحاصر السلطة".
وتعليقاً على المشهد الذي يتكرر كل عام، في هذه الذكرى وما يتعلق بالوعي السياسي لدى البحرينيين، يقول الشيخ الديهي في حوار خاص لموقع "الخنـادق"، أن "قضية اعتقال الشيخ علي سلمان ليست هي المشكلة الأساسية وانما هي جزء من أزمة كبيرة تعصف بهذا الوطن يدفع ضريبتها هذا الشعب المظلوم بالفقد والسجن والنفي والألم والتنكيل وقطع الارزاق". مضيفاً "ان أردنا استثمار قضية الشيخ فعلينا استثمارها في ابراز قضايا الشعب ومطالبه العادلة من خلال فكر الشيخ علي سلمان كزعيم سياسي ومبادئه السامية".
ويشير الشيخ الديهي إلى ان الشيخ سلمان قد "اختار هذا الدرب منذ أكثر من عشرين سنة لم يحد عن مبادئه، فقد حمل دائماً التسامح ونبذ العنف والمثل الانسانية الراقية والقيم والمبادئ الاسلامية العالية وكان ذلك واضحا جليا من خلال تبنيه واشرافه على اصدار وثيقة المنامة ووثيقة اللاعنف ووثيقة التسامح أو من خلال خطاباته في شتى المناسبات والتي تدعو للتسامح بين جميع الفئات وعدم إقصاء الاخر والعدالة والمساواة واحترام حقوق الانسان والنضال من اجل الحرية والديمقراطية".
ذكرى الاعتقال: طريق آخر لفلسطين
وما يجعل النظام البحريني أكثر عدائية في التعامل مع قضية الشيخ علي سلمان والمطالبين بالإفراج عنه، اللافتات التي ترفع والهتافات التي تصدح في شوارع المنامة التي كانت أول المطبعين مع كيان الاحتلال. ويشير الشيخ الديهي إلى ان "الشعب البحريني يقف ضد التطبيع مع العدو الاسرائيلي ويرفض تدنيس ارضنا الطاهرة بالصهاينة وهناك تاريخ له من النضال فقد خرج الشعب في مسيرات تضامنية مع فلسطين رغم القمع والحصار وقد سقط منا الشهيد محمد جمعة الشاخوري في 7 نيسان/ابريل عام 2002، الذي قضى قتلاً على يد قوات النظام البحريني بالقرب من السفارة الأمريكية". مشيراً إلى ان "الشيخ علي سلمان قبل اعتقاله كان يحيي يوم القدس العالمي كل عام بالمشاركة في الفعاليات والمسيرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني".
الكاتب: غرفة التحرير