على بُعد شهرين من الانتخابات الخامسة في الكيان المؤقت نتيجة استقالة رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالي بينيت والتوصّل الى قرار حلّ "الكنيست" الرابع والعشرين، لا تزال الأزمة السياسية الداخلية في الكيان تحتلّ الواجهة لأكثر من 3 سنوات دون أفق للحلّ مع عودة المشهد نفسه قبل الانتخابات الرابعة التي اجتمعت فيها الأحزاب اليهودية غير المنسجمة وتشكّل ذاك الائتلاف الهشّ الذي لم يصمد أكثر من سنة بين اليمين واليسار الإسرائيلي لتحييد رئيس الحكومة الأسبق بنيامين نتنياهو من المنصب.
ائتلافات جديدة لاستبعاد نتنياهو
يحاول اليسار اليهودي رصّ صفوفه لتحصيل الأغلبية في "الكنيست" المقبل والاحتفاظ بمنصب رئاسة الحكومة من جهة، ولإبقاء نتنياهو خارج اللعبة السياسية من جهة أخرى. فقد قال رئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد أنه "من المهم للغاية أن يكون هناك اتحاد بين حزب العمل (حزب يساري علماني) وميرتس (حزب يساري) في الفترة التي تسبق الانتخابات"، مضيفاً "حصل نتنياهو على واحد وستين مقعدا في استطلاعات الرأي، بينما كان أحد الحزبين حصل على نسبة ضعيفة. هذا أمر خطير لأنه سيعيد حكومة نتنياهو، ولن نسمح بذلك، واعتقد أنه من المهم للغاية أن يتحدوا".
كما قالت رئيسة حزب "ميرتس"، زهافا غالون، أنها لا تتراجع عن وصفها لرئيس حزب "إسرائيل بيتنا" (حزب يميني قومي) برئاسة أفيغدور ليبرمان، بأنه "فاسد...لكن سأجلس معه في الحكومة فقط لمنع نتنياهو من الحصول على 61 مقعداً".
وكانت صحيفة "معاريف" العبرية قد أجرت استطلاع رأي، في إطار استطلاعاتها الأسبوعية، الشهر الماضي أظهر أن معسكر نتنياهو قادر على حجز 61 مقعداً في الكنيست المقبل. لكن في استطلاعها الأخير في 26 / 8 /2022 أشارت "معاريف" الى أنه "لا يمكن لأي من الكتل تشكيل حكومة، فالليكود (برئاسة نتنياهو) يضعف بمقعد، وحزب "يش عتيد" (برئاسة لابيد) يخسر مقعدين، معتبرةً أن "التغييرات في الخارطة السياسية تجري داخل مكونات الأحزاب داخل الكتل".
نتنياهو يبحث عن الأصوات للعودة
لم تتوقف محاولات نتنياهو سواء عبر الضغط الإعلامي والتجييش والتحريض ضد الأطراف الحاكمة الحالية في الكيان أو عبر زعمه طرح القضايا التي تهمّ الجمهور (ومنها الاتفاق النووي) أو عبر الضغط لتشكيل تحالفات تؤمن له أصوات مؤيدة في "الكنيست" المقبل بهدف العودة الى الحكم. فقد جمع بين رئيس حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش ورئيس حزب "عوتسما يهوديت" إيتمار بن غفير اللذان توصلا إلى اتفاق وسيخوضان الانتخابات معاً. ووفقاً لاستطلاع "معاريف"، فإنه "في حال عاد الحزبان إلى الاتحاد مجددا، فإن قائمة كهذه ستحصل على 13 مقعدا، لكنها لا تغير النتيجة لأن المقعد الإضافي سيكون على حساب الليكود الذي يتراجع إلى 30 مقعداً".
أما وزير قضاء الاحتلال الأسبق، حاييم رامون، رأى أن "بافتراض أنه مع بن غفير، سيكون لنتنياهو 61 مقعدًا، فإن أهم شيء سيفعله هو الذهاب إلى غانتس، والقول سنشكل الحكومة وسيفعل كل شيء من أجل إقناعه، لكنّ نتنياهو لن يدع غانتس يتولى منصب رئيس الوزراء بالتناوب، لكنه سيحاول أن يقول دعونا نعتدل أمام التطرف".
وفي استطلاع أجرته "القناة 14" العبرية حول رأي الجمهور اليهودي باسم رئيس الحكومة المقبل فقد خلصت النتائج الى أن "48% من الإسرائيليين يعتقدون أن بنيامين نتنياهو هو الأفضل لرئاسة الوزراء، بينما يعتقد 28% أن يائير لبيد هو الأفضل، فيما قال 20% إن غانتس هو الأفضل". وكان رئيس حكومة الاحتلال الأسبق ايهود أولمرت قد أوضح في حديث مع إذاعة عبرية أن "احتمال وصول نتنياهو وبن غفير إلى سدة الحكم هو الخطر الاستراتيجي الأكبر الذي يهدد إسرائيل أكثر من النووي الإيراني، أقترح أن نركز على هذا الخطر، لأنه يهددنا أكثر من أي شيء آخر".
التحديات الداخلية سترافق الرئيس المقبل
وأيّاً يكن رئيس الحكومة المقبل فإنه سيواجه جملة من التحديات التي لخصها رئيسا أركان جيش الاحتلال الأسبقين غادي آيزنكوت الذي قال " هناك تهديد وجودي داخلي، وأكثر ما يعرّض اسرائيل للخطر هو عدم التضامن في المجتمع الإسرائيلي، أكثر من الخطر الذي يمثله الإيرانيون والفلسطينيون، لأن الحصانة الوطنية والاجتماعية لإسرائيل هي العنصر الأساسي في قدرتها على حماية أمنها القومي". وايهود باراك الذي قال من جهته إن "كل رؤساء الأركان والموساد والشاباك، سيوافقون على هذا، أعني أن كل المنخرطين في ترؤس الأجهزة الأمنية يدركون اليوم أن التهديد الأكثر خطورة على مستقبل إسرائيل لا يأتي من إيران، أو حزب الله، أو حماس، بل ما يحدث داخلنا، الخطر يتمثل في فقدان الارتباط والتضامن الداخلي، والخشية من الانزلاق إلى وضع المتعصبين من جهة، وممن فقدوا ثقتهم بالصهيونية من جهة أخرى، فيما طالب غانتس بإخراج الجيش من كل هذه النقاشات والانقسامات الداخلي".
كما سترافق لابيد التحديات قبل موعد انتخابات "الكنيست" مطلع شهر تشرين الثاني / نوفمبر المقبل وأهمها أزمة المعلمين، ملف الصحة، أزمة الرواتب في الكيان والاتفاق النووي.
الكاتب: مروة ناصر