بدأ العد العكسي لنهاية ولاية رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون، اذ إن أسبوعين يفصلان لبنان عن موعد بدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. هذا الاستحقاق بات الموضوع الرئيسي في اللقاءات والاتصالات الثنائية التي جرت في الأيام القليلة الماضية، كما في الخطابات والتصريحات الفردية.
يستعيد البلد الأجواء التي سادت قبل موعد الانتخابات النيابية، أي مربّع التجاذبات و"النكايات" السياسية التي يقودها حزب القوات اللبنانية خاصةً واستغلاله الاستحقاق للتصويب على فريق 8 آذار. وعلى الرغم من أن رئيسه سمير جعجع لم يرشّح نفسه للمنصب (فهو يعرف انه أمر مستحيل) الا أنه رفض كل أشكال الجلوس على طاولة مستديرة مع جميع المكونات في البلد، زاعماً أن "الرئيس التوافقي وحكومات الوحدة الوطنيّة هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم". وأضاف "كل دعوة ترمي إلى أن التفاهم مع محور الممانعة على الرئيس مرفوضة". لينتظر جعجع "اسماً جديداً بعيداً عن كل الأسماء السابقة" يطرحه النواب الجدد فيما هم لم يقدّموا مرشحاً واحداً في انتخابات هيئة المجلس النيابي، ويعانون من تشرذم داخلي. كذلك لم يقدّم جعجع الى الآن مرشحاً بالمواصفات التي ذكرها ("رجّال وسيادي واصلاحي").
أما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فقد سلك طريق "الديمان" ليحدّد بدوره أيضاً أمام البطريرك الماروني بشارة الراعي مواصفات الرئيس القادم، "نريد رئيساً لديه تمثيل يتجسّد بكتلة نيابية ووزارية تدعمه وتزيد من قوة صلاحياته وموقعه"، رافضاً "أن يكون الرئيس منعزلا كلياً عن الأرض وأن يفرض علينا سواء من الخارج أو من الداخل". وطالب باسيل البطريركية المارونية برعاية الاستحقاق وتقديم "مبادرة" تشبهها أوساط لبنانية بالمبادرة السابقة قبل انتخاب عون حين جمع البطريك الراعي الأسماء المطروحة لـ "حصر المنافسة". في المقابل تساءل جعجع "كيف يمكننا التفاهم مع التيار الوطني الحر"؟
في "كليمنصو"، أثار اللقاء الذي جمع بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وبين وفد قيادي من حزب الله ضم المعاون السياسي للأمين العام حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، علامات استفهام حول "مناورة" سياسية جديدة لجنبلاط لا تختلف عن نهجه المعتمد. لكنّ خلاصة الحديث والتصريحات بعد اللقاء لا تنبأ بأن "المختارة" حسمت خياراتها في هذا الاستحقاق.
وتشير الأوساط اللبنانية الى أن جنبلاط كرّر موقفه "بضرورة انتخاب رئيس يمثل الحدّ الأدنى من التوافق ولا يكون استفزازياً لأحد"، طارحاً "أسئلة حول امكانية التفاهم حول رئيس الجمهورية، من غير 8 آذار، ويمكن ان يقبل به الفريق الآخر". الا أن النائب في كتلة اللقاء الديمقراطي وائل ابو فاعور صرّح أن "جنبلاط لن يختار مرشحًا من 8 آذار ولا مرشّح تحدّي" (تحدي نسبة لما أطلقه جعجع في جملة مواصفاته حول الرئيس الجديد). أما عن الفجوة – القديمة الجديدة – بين حزب القوات والحزب التقدمي الاشتراكي، قال جعجع "نحن أصدقاء مع الرفاق في الحزب التقدمي الإشتراكي إلا انه في مسألة رئاسة الجمهوريّة لا نلتقي".
في المقابل يبقى حزب الله ثابتاً على مواقفه الداعية الى الحوار مع الجميع، وتغليب مصلحة لبنان وشعبه والأخذ بعين الاعتبار الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية من جهة، وحماية ثروات البلد النفطية والغازية من الأطماع الغربية والإسرائيلية من جهة ثانية، في هذه المرحلة التي لا تتحمّل الفراغ الرئاسي الذي قد توصل اليه هذه التجاذبات السياسية والاختلافات.
ولا تزال الأسماء المرشحة حالياً للرئاسة تدور بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية (المرشح غير المعلن من حزب الله وحلفائه) وبين قائد الجيش جوزيف عون (وهو اسم "توافقي") وبين مرشح السفارة الأمريكية رئيس حركة "الاستقلال" ميشال معوّض، الا أن ذلك لا يعني انه قد لا يطرأ اسم آخر في اللحظات الأخيرة.
الكاتب: غرفة التحرير