تراجع البنتاغون عن قراره سحب حاملة الطائرات الاميركية "دوايت ايزنهاور" من المنطقة، وأعلن عن إبقاءها في المنطقة لفترة بعد إتمام الانسحاب العسكري من أفغانستان.
المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي قال: "ان "ايزنهاور" ستبقى في الشرق الأوسط لتأمين الانسحاب العسكري من أفغانستان"، مضيفاً: "طائرتان قاذفتان من نوع B52 ستبقيان أيضاً لتأمين انسحاب القوات".
وتتمركز هذه القاذفات الثقيلة المسمّاة "ستراتوفورتريس" والقادرة على حمل أسلحة نووية عادةً في قطر، في القاعدة الأميركية الضخمة الموجودة على أراضيها.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد صرّح منتصف نيسان الجاري، ان الإدارة الأميركية ستنهي تواجد قواتها في أفغانستان، مع حلول ذكرى 11 أيلول.
هذا ويقدّر عدد القوات المتبقية في أفغانستان حوالي 2500 جندي، يضاف إليهم أكثر من 16 ألف متقاعد مدني مع تجهيزاتهم، وفق تقارير غير رسمية.
ما هي دوايت ايزنهاور؟
هي حاملة طائرات تابعة لبحرية الولايات المتحدة، بلغت تكلفة بنائها 4.7$ مليار دولار وتأتي أصل التسمية من اسم الرئيس ال 34 دوايت ايزنهاور.
يبلغ طول الحاملة 332.8 متر، فيما يبلغ وزنها 114 ألف طن، ويصل عدد افراد طاقمها إلى أكثر من 5 آلاف، حوالي 3200 منهم من الضباط والبحارين، و2480 طياراً لقيادة 48 مقاتلة وقاذفة من طراز "سوبر هورنيت"، إضافة إلى طائرات مخصصة للحرب الالكترونية والانذار المبكر والطائرات المضادة للغواصات وغيرها، وتعتبر هذه الناقلة بمثابة قاعدة عسكرية متنقلة.
تُعَد حاملة الطائرات هذه من أهم وأكبر القطع البحرية، وايقونة التفوق البحري العسكري الأميركي على مستوى العالم ككل، غير ان بعض المحللين العسكريين يصفها بأنها "الأضعف" من بين جميع القطع البحرية، باعتبارها لا تستطيع الدفاع عن نفسها لعدم وجود أنظمة قتالية فيها، فهي تحتاج إلى وجود دائم لطاقم من السفن القتالية القوية من مدمرات ولنشات صواريخ وفرقاطات وغيرها، لحراستها ضد أي اعتداء عسكري.
هل تراجع دور حاملات الطائرات؟
كان لهذا السلاح البحري النوعي دور أساسي في الحروب التي خاضتها واشنطن، خاصة خلال الهجوم الجوي الياباني المفاجئ عام 1941، حيث استطاعت الولايات المتحدة من خلالها الحفاظ على تواجدها في المحيط الهادئ، بوجود الحاملة بعيدًا عن ميناء بيرل هاربور.
مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، تراجع دور هذه الحاملات في الحروب والنزاعات العسكرية الدولية بشكل تدريجي، لصالح الصواريخ البالسيتية والقاذفات الاستراتيجية ووسائل الردع النووي، نظراً للعديد من العيوب التي تشوبها:
-الحاجة المستمرة لترتيبات الحماية والتأمين الأمني والعسكري، مما يستدعي وجود مجموعة كبيرة من السفن المواكبة لها.
-تكاليف الصيانة الدورية الباهظة، والتحديث واطالة مدّة الخدمة بالإضافة لتكاليف التصنيع والانشاء، حيث يقدّر ما تتكبده البحرية الأميركية عند الصيانة ما يقارب 700 مليون دولار لكل حاملة.
في هذا الاطار يقول القائد المتقاعد في البحرية الأميركية جيري هندريكس ان "ملكة الأسطول الأميركي في خطر، فهي بصدد أن تصبح مثل البوارج التي صُممت أصلاً لدعمها: كبيرة وباهظة ومكشوفة وغير مرتبطة بواقع الحرب الحديثة".
اليوم، باتت حاملات الطائرات عُرضة بشكل دائم ومتزايد للتهديدات الآتية من فوق سطح البحر، خاصة الغواصات والصواريخ المجنحة الدقيقة التي تنطلق من منصات برية وجوية او بحرية بعيدة المدى، حيث باتت أهدافاً دسمة من الممكن الوصول إليها، خاصة مع اعلان إيران مطلع العام الحالي، عن اختبار صواريخ باليستية طويلة المدى تهدف إلى مهاجمة حاملات الطائرات والسفن الحربية، وهو بمنزلة تحدٍّ "لفخر الصناعة الأميركية".
عملت الولايات المتحدة على تحييد هذه التهديدات عبر اعتماد تكتيكات تقتضي ابقاء الحاملات على مسافات بعيدة في عمق البحر، لتكون بمنأى عن قواعد إطلاق الصواريخ، غير ان هذا سيؤدي إلى فقدانها لقدراتها الردعية ودقة إصابة مدافعها وفعاليتها مع كل كيلومتر تبتعد فيه عن مناطق الاشتباك، والأمر نفسه بالنسبة للمقاتلات والطائرات المنطلقة من سطحها، والتي ستكون مضطرة لقصف أهدافها عن مسافات وارتفاعات تحميها من منصات الدفاع الجوي المتطورة، لتفقد بذلك الهدف الذي صممت من أجله، وهو منح الدولة التي تمتلكها قُدرات عسكرية بحرية وجوية، تسمح لها شنّ هجمات مُدمِّرة على مناطق تبعد عن أراضيها مئات الأميال.
لم تعد حاملات الطائرات الأميركية تحظى بنفس الأهمية والوظيفة المناطة بها كما كانت في السابق، لا سيما في العمليات الهجومية، وتدرك واشنطن هذا الأمر، لهذا قد تكون مضطرة للجوء الى خيارات وأدوات أخرى أكثر فاعلية لاسيما في مواجهة خصمها اللدود في منطقة الخليج.
الكاتب: غرفة التحرير