الخميس 02 كانون الثاني , 2025 01:45

تباين اسرائيلي أميركي بتقدير الموقف: إيران قادرة نووياً حتى لو هوجمت عسكرياً

على ضوء الأحداث المتسارعة التي شهدتها المنطقة خلال العام الماضي، تتوجه الأنظار إلى إيران بعد التهديدات الاسرائيلية المتزايدة من جهة، والرد الايراني المرتقب بعد عمليتي "الوعد الصادق"، ووصول الجانبين إلى نقطة خطرة. غير أن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الراغب في تحصيل انجازات عجز عنها سلفه، يجعل من الأمور تأخذ منحى مختلف. وعلى الرغم من أن الخيار العسكري له جمهوره ومؤيدوه، يسلك المنحى الدبلوماسي -الأقل كلفة على الولايات المتحدة- طريقه، حيث تُعقد جولة من المحادثات بين إيران ودول مجموعة الترويكا الأوروبية يوم 13 كانون الثاني/يناير في العاصمة السويسرية جنيف.

لا يفوت رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو فرصة لمحاولة اقناع ترامب بتنفيذ أو تأييد ودعم هجوم على طهران. غير أن الرجل الذي كان قد وقف عند طموحاته خلال ولايته السابقة وانسحب من الاتفاق النووي، يعيد ترتيب أولوياته والتي ترتكز على الانكفاء العسكري عن المنطقة. وعلى ما يبدو أن مؤيدي هذا الطرح كُثر، بما أن خيار اللجوء إلى العقوبات اضافة لاتفاق يقيدها -بحسب رؤيتهم- قد يفي بالغرض.

وتقول مجلة فورين أفيرز في هذا الصدد "إذا تعرضت إيران لهجوم من قبل قوة نووية معلنة - وهو تصنيف ينطبق على الولايات المتحدة - تحفز طهران لتطوير رادعها الخاص ويمكن أن تدرك أن لديها شرعية دولية أكبر للقيام بذلك". موضحة أنه "مع استمرار وجود اليورانيوم المخصب في متناول اليد، فإنها تمتلك بالفعل المكون الرئيسي...العناصر الأساسية لصنع القنابل معروفة لإيران، وبالتالي سيتم وضعها للتجميع السريع. ولهذا السبب ركز الاتفاق النووي لعام 2015، أو خطة العمل الشاملة المشتركة، على منع حيازة المواد النووية بدلاً من منع معدات التسلح أو الصواريخ".

ويؤكد نائب المبعوث الأمريكي الخاص السابق إلى إيران، وزميل مساعد في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ريتشارد نيفيو، أن "تطوير إيران للخبرة النووية على مدى عقود يعني أن البلاد يمكن أن تصنع سلاحاً حتى لو جعلت الضربات العسكرية جميع معداتها وموادها الحالية غير صالحة للاستخدام". مضيفا" "ستستغرق استعادة برنامجها النووي وقتاً، لكن الهجوم الذي يدمر نطنز ومواقع أخرى ليس نهاية المشكلة أكثر من مقتل الفيزيائي الإيراني محسن فخري زاده في عام 2020، أو الهجوم على موقع إنتاج أجهزة الطرد المركزي الإيراني في عام 2021. ...قصف مفاعل أوزيراك في العراق  في عام 1981 ، لم ينهِ برنامجه النووي".

يدرك ترامب هذه الحقيقة، ويتغافل عنها نتنياهو قصداً، لتمرير مشروعه القائم على خلق ظروف مؤاتية لولادة "شرق أوسط جديد". غير أن اللاعبين الدوليين الآخرين، الذين يملكون مشروعهم الخاص أيضاً، يراقبون عن كثب وضع المنطقة، ومدى تراجع واشنطن بها لاعادة ملئ الفراغ، وكل خطوة بالنسبة لترامب محسوبة. حيث سارعت روسيا، بعد سقوط النظام في سوريا، إلى التأكيد على أن التطورات الجارية "لن تهدد علاقاتها مع إيران". وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "الطرفين لا يزالان مستعدين لتوقيع الاتفاق الاستراتيجي الجديد بينهما".

تشق المفاوضات النووية طريقها من جديد. وعلى الرغم من أن التفاؤل قد يكون طئيلاً في البداية نظراً للوضع الراهن الذي ستستغله واشنطن لفرض مزيد من الشروط وهو ما لن تقبل به طهران، كنهج تتبعه منذ الجولة الأولى من المفاوضات في هذا الملف، إلا أن المضي به يعني أن الخيار العسكري قد يكون مستبعداً.

من جهته أشار وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي، إلى أن "إيران مستعدة لمفاوضات نووية تؤمّن حقوق شعبها وتراعي الخطوط الحمراء". موضحاً أن "إجراء مفاوضات نووية جديدة أمر لا يعتمد على مدى جاهزية الجانب الآخر". مؤكداً جهوزية إيران "لمفاوضات عادلة ومشرّفة تؤمّن حقوق الشعب الإيراني". وأوضح عراقشي بما يمكن أن يكون رداً على حملة من الانتقادات أن "إيران لم تترك طاولة المفاوضات قطّ حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة، وحتى وقتٍ قريب في حكومة الشهيد إبراهيم رئيسي... واشنطن هي التي انسحبت من الاتفاق النووي، وهي التي دفعت إيران لتعديل سياستها، وتوسيع برنامجها النووي".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور