الديمقراطية الغربية بكل حقيقتها، التي لا تختلف قيد أنملة عن الأنظمة الاستبدادية، هي ما يمكننا الوصف به، لما حصل مع الصحافي والمدون البريطاني "غراهام فيليبس". فببساطة قامت بلاده بمعاقبته بأشد العقوبات ودون محاكمة أصلاً، ودون توجيه اتهامات فعلية أو إعطائه فرصة للدفاع عن نفسه أيضاً. بحيث كانت ذريعة فرض العقوبات عليه أنه "أنتج ونشر محتوى إعلامياً يدعم ويعزز الإجراءات والسياسات، التي تزعزع استقرار أوكرانيا وتقوض أو تهدد سلامة أراضي أوكرانيا أو سيادتها أو استقلالها".
أما الأسوأ منذ ذلك، فهو تصريح وزير الخارجية البريطانية "ليز تراس"، والتي تعتبر المرشحة الأبرز لخلافة "بوريس جونسون" في زعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة، والتي قالت فيه بأن الحكومة ستستمر في فرض عقوبات قاسية على أولئك الذين يحاولون إضفاء الشرعية على "غزو بوتين غير القانوني" إلى أن تستقر أوكرانيا.
فقد جاء اسم "فيليبس" مؤخراً، ضمن لائحة من 42 شخصاً، وردت أسماؤهم في أحدث قرار للعقوبات، ولذلك سيتم تجميد كل ما يملكه من أصول في بلاده.
ولعل السبب الرئيسي في معاقبة فيلبيس، هو قيامه في نسيان / أبريل الماضي، بتصوير مقابلة مع المواطن البريطاني المرتزق "أيدن أسلين"، بما يفضح دور بريطانيا ومواطنيها في تأجيج الحرب في أوكرانيا، وعرضها على قناته على موقع يوتيوب والتي تضم 318 ألف مشترك.
وهذا ما أكد عليه أحد النواب البرلمانيين البريطانيين "روبرت جينريك"، الذي اتهم فيليبس بارتكاب جريمة حرب من خلال مقابلته مع أسلين، زاعماً أن الأخير تعرض للتقييد والكدمات بعد أن أسرته القوات الروسية أثناء قتاله بصفته أحد أفراد مشاة البحرية الأوكرانية في "ماريوبول".
مهمة فيليبس: إظهار الحقيقة
وقد تضمنت مقاطع الفيديو الخاصة به على قناته أيضاً، اقتراحات بأن "مجزرة بوتشا" التي روّج المعسكر الغربي كثيراً لها لم تحدث، حيث أكد من خلال تواجده هناك في المنطقة، بأنه لم ير أي أفعال غير لائقة واعتداءات تجاه المدنيين، من قبل القوات الروسية خلال تلك الفترة.
ورداً على العقوبات، أكد "فيليبس" في حديث لإحدى القنوات أنه سيواصل عمله، ويظهر الحقيقة من منطقة الدونباس. مؤكداً أنه لم تتح له أي فرصة للدفاع عن نفسه، ولم يخطرنه أحد، ولا توجد اتهامات حقيقية موجهة إليه، فقط لأن الحكومة البريطانية لا تحب عمله، لذلك هو معاقب. محذراً الصحفيين البريطانيين بأنه إن كانت حكومة بلادهم لا تحب عملهم، فقد يحدث لهم ما حصل معه أيضاً.
غراهام فيليبس
_ من مواليد مدينة نوتنغهام قبل أن ينتقل إلى اسكتلندا، حيث التحق بمدرسة بيرث الثانوية ودرس في جامعة دندي.
_ تم منعه من دخول أوكرانيا بعد اعتقاله أثناء عمله في محطة RT الروسية، أثناء العملية الروسية في جزيرة القرم في عام 2014.
_ يعمل صحفياً مستقلاً ومخرجاً للأفلام الوثائقية، وغطى العملية الروسية الأخيرة من منطقة تشيرنيهيف في أوكرانيا، ثم من ماريوبول، ثم من دونيتسك.
الكاتب: علي نور الدين