يرى السيد موسى الصدر في فكره حول فلسطين والقدس أن " السعي لتحرير فلسطين سعي لإنقاذ المقدّسات الإسلامية والمسيحية"، ويدعو المسيحيين كما المسلمين لمواجهة المشروع الاسرائيلي في القدس حيث "الكنيسة والمسجد يهدمان والمسيحية والإسلام يحرقان". فلم يميّز الاحتلال في انتهاكاته بين الديانتين.
سجلت السنوات العشر الأخيرة 51 اعتداءً على المقدسات ورجال الدين المسيحيين نصفها وقعت في القدس. وتعد منظمتا "تدفيع الثمن" و "تاج محير"، و"لاهافا" من المنظمات اليهودية التي تستهدف المسيحيين وتدعو إلى حرق كنائسهم في جميع أماكن تواجدهم.
تتنوّع أشكال الاعتداءات الإسرائيلية التي تأتي في إطار التطهير العرقي الممنهج الذي قلّص عدد المسيحين الى أقل من 8000 مقابل 35000 مسيحياً في القدس قبل العام 1948، لأجل تغيير معالم الحضارات في فلسطين المحتلّة وتبديلها الى اليهودية.
وأوضح المتحدث باسم كنيسة الروم الأرثوذكس المطران ثيودوسيوس عطا الله أن "الممتلكات المسيحية كانت هدفًا لإسرائيل منذ النكبة، وعمل الاحتلال على تهميش النفوذ الفلسطيني وإضعاف المسيحيين في البلدة القديمة. واستخدمت إسرائيل عدة تكتيكات لتحقيق هدفها مثل الاستيلاء على الأراضي، والتضييق الاقتصادي، ونهب الممتلكات المسيحية ومنحها لمنظمات الاستيطان الإسرائيلية".
في آذار / مارس من العام الجاري حاول الاحتلال السطو على عقارات مسيحية تحت ذريعة توسعة متنزه على أراض مملوكة لكنائس في القدس المحتلة تتضمن عدة أماكن مسيحية مقدسة. وفي العام 2018 فرض الاحتلال ضريبة الأملاك (الأرنونا) على أملاك الكنائس من أبنية وأراض وقفية تمهيداً لمصادرتها لصالح المشاريع الاستيطانية في حال رفضت الكنائس الانصياع لهذا القرار.
وفي مطلع العام الحالي، أطلق رؤساء الكنائس أيضاً صرخة بوجه اعتداءات الاحتلال على المقدسات ورجال الدين ودور العبادة حيث تعرّض الفلسطينيون الذين يؤدون الصلاة والشعائر الدينية الى الضرب على يد قوات الاحتلال التي عملت أيضاً على تحديد عدد المصلين المسموح لهم بالدخول الى كنيسة "القيامة" في القدس. تماماً كما تفعل مع المسلمين في المسجد الأقصى.
في العام 2021، لخّص بيان صادر عن بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس التهديد الوجودي للمسيحيين في القدس، وأشار البيان الى أنه " منذ عام 2012 وقعت عدد لا يحصى من حوادث الاعتداء البدني واللفظي على القساوسة وغيرهم من رجال الدين، والهجمات على الكنائس المسيحية، حيث يجري تخريب وتدنيس المواقع المقدسة على نحو منتظم، وعمليات الترهيب المستمرة التي يتعرض لها المسيحيون المحليون الذين يسعون ببساطة إلى العبادة بحرية وممارسة حياتهم اليومية. وتستخدم الجماعات المتطرفة هذه التكتيكات في محاولة منهجية لإخراج المجتمع المسيحي من القدس وأجزاء أخرى من الأراضي المقدسة".
منذ اجتياحه القدس عام 1967، أقدم الاحتلال على سرقة ممتلكات الكنائس، كما هدم كنيسة للروم الاورثوذكس بذريعة بنائها بدون ترخيص. وفي العام 1973 أحرق الاحتلال المركز الدولي للكتاب المقدّس على جبل الزيتون بالإضافة الى 4 مراكز مسيحية في تلك المدينة. أما في العام 1983 فقد تعرّضت المقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء لاعتداءات الاحتلال الذي زرع القنابل في دور للعبادة ومنها كنيسة للروم ما أدى الى انفجارات الحقت الأضرار بالكنيسة. وجرف مقبرة في كنيسة السيدة مريم.
كذلك لم تسلم أسماء المدن والقرى والأماكن المقدّسة من الاحتلال الذي أراد تبديل أسمائها بأخرى عبرية لطمس هويتها المسيحية والفلسطينية.
الكاتب: غرفة التحرير