"سنفطر في القدس"، ليست فقط هدفًا تتكاثف جهود المقاومة وتراكم قوتها من أجله. بل إنه اليوم، مع بداية شهر رمضان المبارك، يمثّل حملة الكترونية واسعة وشعارًا من أجل تواجد الفلسطينيين في المسجد الأقصى طيلة أيام الشهر، بالشعائر والعادات والأجواء الرمضانية، فيواجهون بذلك تهويد القدس والاقصى.
تأتي هذه الحملة الفلسطينية من أجل حشد وفرض التواجد الفلسطيني في باحات الأقصى، ومدّ موائد الإفطار هناك لكلّ من يستطيع الوصول إليه رغم إجراءات الاحتلال. بالإضافة الى التأكيد على الرباط فيه، وتوزيع ساعات الحضور بهدف ألا يخلو المسجد الأقصى من الفلسطينيين طوال الـ 24 ساعة.
لا تقتصر الحملة على المسجد الأقصى فقط، بل أيضًا تدعو الى الحضور وتحضير أحياء القدس ولا سيما الأحياء القديمة. وتضمن الحملة تزيين الأزقة بزينة رمضانية خاصة من الإضاءة والفوانيس، ورفع لافتات الترحيب بالوافدين، بالإضافة الى اللوحات والرسومات وأعلام فلسطين، التي تمثّل دعمًا معنويًا واسنادًا للمصلين والمرابطين. كما إقامة حملات تطوعية لتنظيف الشوارع.
شارك في الحملة، العديد من المرابطين والمؤثرين الفلسطينيين ولا سيما أمهات شهداء الضفة الغربية (أم الشهيد إبراهيم النابلسي، أم الشهيد جميل العموري...) وأسرى محرّرين (منى قعدان...). وفي فيديو مسجّل للمرابطة المقدسية، هنادي حلواني، من على جبل مطل على القدس المحتلّة، قالت: "على بعد بضع مترات من المسجد الأقصى ومع آذان الأقصى سنفطر بالقدس".
في حديثها مع الإعلام الفلسطيني، أعلنت "حلواني" عن مبادرة لها ولعشرات من المرابطات والمبعدات طيلة أيام الشهر المبارك. اذ سيقدّمن وجبات الإفطار لمن يتواجد في المسجد الأقصى. وقد ذكرت المكان الذي سيتمّ توزيع الحصص فيه على المارة. ولفتت "حلواني" الى أن أيام الخميس والجمعة سيطبخن "المقلوبة" (أكلة فلسطينية شعبية تشتهر في هذا الشهر) الى جانب "ورق العنب"، وغيرها من الأكلات التراثية الفلسطينية. تأتي المبادرة "احتفاءً بتمكن أهالي الضفة والداخل المحتل من الوصول إلى الأقصى".
من ناحية أخرى، شرحت "حلواني" أنّ الاحتلال يحاول قمع هذه الأكلات الشعبية وخاصة "المقلوبة"، اذ يمنع إدخالها وإدخال أدواتها. لكن "هناك طرق نحرص على إبقائها سرية لتمرير المقلوبة من أمام أعين الجنود دون أن يرونها". وتصف أن "المقلوبة" ليست عبثية، وتحمل رسالة فـ "نشعر بنوع من الصمود عند قلبنا للمقلوبة، وفيها فشة خلق وكأننا نقلب قرارات الاحتلال إلى الهاوية دون الاكتراث بعقوباته".
التصدي لمناسبات الاحتلال
تُشدّد حملة "سنفطر في القدس" دعواتها للرباط والحشد في المسجد الأقصى، في الأسبوع الثالث من شهر رمضان، الذي يتزامن مع ما يسمى "عيد الفصح" العبري، أي ما بين 6 و12 نيسان / أبريل المقبل. وحينها سيشنّ الاحتلال ومستوطنوه عدوانًا على المسجد الأقصى لتمرير طقوسهم التهويدية، الى جانب زيادة الاعتداءات والاعتقالات والإبعاد والاستدعاء للتحقيق في صفوف الفلسطينيين.
من بين أهم إجراءات الاحتلال، التي يستعدّ فيها لقمع الفلسطينيين وتمهيد الساحة من أجل المستوطنين:
_ وضع كاميرات المراقبة فوق أسطح المباني المجاورة للأسوار، الى جانب المرايا العاكسة من أجل المراقبة المستمرة.
_ إجراء تدريبات وجولات ميدانية لقوات الجيش والشرطة، وسيُنشر كل يوم جمعة 1000 عنصر شرطة في البلدة القديمة ومحيطها كقوات إضافية.
_ تشكيل فرقة احتياط من "قوات حرس الحدود" لتشارك "وقت الحاجة" في القمع.
_ "سمح" الاحتلال لبعض التجار بعرض بضاعتهم في ساحة ومدرج باب العامود (الذي عادةً ما يشهد المواجهات) لإعاقة حشد الفلسطينيين هناك.
ترى الحملة أن الحشد الكبير في المسجد الأقصى خلال هذه الفترة، يشكل جزءًا مهمًا من مواجهة هذه الإجراءات وصدّ الاعتداءات وإحباط مخططات الاحتلال، كما تؤكد على تمسّك الشعب الفلسطيني بمقدساته ومقدسات الأمة العربية والإسلامية، وتحفظ هوية تلك الأرض.
شهد العام الماضي أيضًا، مواجهات بين شرطة الاحتلال والفلسطينيين، وقد وضعت المناسبات اليهودية وطقوسها المزعومة الساحة على حافة تصعيد. وارتفعت نسبة اقتحامات المستوطنين 41% مقارنة بالعام 2021. وتصاعدت وتيرة الاقتحامات خلال شباط/ فبراير الماضي، فسُجّل اقتحام أكثر من 3 آلاف و587 مستوطنًا للمسجد الأقصى المبارك، أدوا خلالها صلوات وطقوسًا تلمودية.
الكاتب: غرفة التحرير