زار وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الأحد الماضي سوريا، للمرّة الأولى منذ سنوات ما بعد اندلاع الحرب عليها، في إطار جولته التنسيقية تحضيراً للقمّة العربية التي تعقد في الجزائر تشرين الثاني / نوفمبر المقبل. حيث يعدّ ملف رفع تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، من أبرز الملفات المطروحة فيها، بل وتسعى الجزائر بإصرار بصفتها الدولة المضيفة للقمة، على دعوة دمشق اليها. وهذا ما أكّد عليه المدير العام للاتصال والإعلام بوزارة الخارجية الجزائرية عبد الحميد عبداوي، حينما قال بأن بلاده "ستطرح مجدداً دعوة سوريا إلى المشاركة في القمة العربية المقبلة، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، المقرر في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل".
ويعتبر موقف الجزائر من هذا الموضوع لافتاً، بحيث أشار العديد من المتابعين والمراقبين الجزائريين، إلى أن السبب الرئيسي وراء تأجيل القمة العربية وعدم عقدها في موعدها في آذار / مارس الماضي، يرجع إلى محاولة بلادهم إيجاد التوافق على عودة سوريا الى الجامعة. حتى أن البعض منهم يشدد بأن بلاده التي رفضت منذ البداية إقصاء سوريا، أكدت مؤخراً أنها تعتبر مشاركة دمشق أحد شروط تنظيم القمة.
وأكدّ الوزير لعمامرة خلال الزيارة على أن غياب سوريا عن الجامعة العربية، يضرّ بالعمل العربي المشترك، كاشفاً أنه خلال زيارته، قد نقل رسالة خطية من الرئيس عبد المجيد تبون إلى الرئيس السوري بشار الأسد، الذي حمّله بدوره رسالة إلى الرئيس تبون. مبيناً على أنه خلال لقاءه بالرئيس الأسد، قد أبدى الجانبان رغبةً لدفع العلاقة المتميزة بين البلدين إلى آفاق واعدة في كافة المجالات مستقبلاً.
الجزائر كانت من أبرز الدول العربية الداعمة لسوريا
هذا الموقف الجزائري الرسمي الداعم لسوريا، يؤكد على متانة العلاقات بين هاتين الدولتين، والتي لم تنقطع أبداً طيلة السنوات الماضية رغم قساوتها. فهي من الدول العربية القليلة، التي رفضت قطع علاقاتها مع الدولة السورية في بداية الحرب على الأخيرة، وسبق لها أن تحفظت على قرار تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية عام 2011.
كما أن قيادتها قد أدركت جيداً، منذ البداية ما يحاك لسوريا من مشاريع هدّامة، لذلك كان لها دائماً مواقفها المتميزة والمتقدمة على جميع الدول العربية. وهذا ما عرضها الى الكثير من الانتقادات والهجمات والاتهامات، بل وحتى التهديدات بأن دورها سيأتي بعد الانتهاء من سوريا.
وكان أول موقف جزائري صريح وعلني ومفاجئ لجميع الدول العربية المعادية لسوريا، هو ما صرح به الوزير لعمامرة في العام 2016، والذي قال فيه أن الجيش السوري استرجع مدينة حلب من الإرهابيين، فكان أول مسؤول عربي يصف الإرهابيين بحقيقتهم، وليس كما دأب على الترويج لهم بأنهم "معارضين".
كما أنه من الجدير الإشارة، إلى أن الجزائر هي من الدول العربية القليلة أيضاً، الملتزمة بدعم حركات المقاومة سواء في فلسطين أو لبنان، وكانت لها طوال الفترة السابقة، مواقف تأييد ودعم لافتة في كل المحافل العربية والدولية.
وربما هذا ما يفسر ما شهدته من حوادث خلال السنوات القليلة الماضية، من أعمال إرهابية للجماعات التكفيرية، ومن محاولة لتنفيذ ثورة ملونة تؤدي الى زعزعة استقرار البلاد، لولا حكمة القيادة العسكرية الجزائرية، التي حالت دون وقوع ذلك واستطاعت وأد الفتنة.
الكاتب: علي نور الدين