بعد مرور أكثر من شهرين على بدء العمليات العسكرية الواسعة لتحرير مدينة مأرب، واستشعار التحالف العربي بقيادة السعودية خروج الأمور عن السيطرة، فعّلت الرياض محركاتها الدبلوماسية إقليميًا ودوليًا من أجل التوصل الى اتفاق ما، يحفظ ماء وجه المملكة، غير أن التجربة التي خاضها اليمنيون مع خروقات التحالف المستمرة لأي مبادرة او وقف لإطلاق نار، خاصة "اتفاق استوكهولم" بشأن الحديدة، يجعل ثقة حكومة صنعاء بأي مفاوضات أمراً صعباً، فقرار تحرير مأرب قد اتخذ والكلمة الفصل تُركت للميدان.
إذن باتت مأرب آيلة للسقوط أكثر من أي وقتٍ مضى، بعد ان أصبحت المعركة على بُعد 5 كلم من مقر قيادة المنطقة العسكرية الثالثة لقوات الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، وذلك بعد اختراق خط الدفاعي للمدينة مرات متتالية، وتطويق الجيش واللجان الشعبية لمداخلها الغربية والجنوبية، وتقدمهم الكبير نحو قاعدة "صحن الجن" العسكرية، وسيطرتهم على سلسلة جبال البلق القِبلي، وعلى عدد من المواقع الاستراتيجية في منطقة الطلعة الحمراء، آخر المناطق الفاصلة عن مدينة مأرب، فأصبحت المدينة وفق القواعد العسكرية "منطقة ميتة".
فريق شبكة CNN الأميركية الذي وصل إلى مأرب يوم أمس، كشف عن مدى "هشاشة أمن المدينة"، واصفاً الجبهة بأنها "ساتر ترابي صغير"، وقد أشار إلى ان القوات التابعة للتحالف تقاتل بأسلحة قديمة: " نتوقف بالقرب من مكان تمركز مدفع متداع، وعتاد عسكري مبعثر وقديم، إنهم يعتمدون على الضربات الجوية للتحالف السعودي، والتي تسببت بالفعل في مقتل أكثر من 18500 مدني يمني".
وعن مشروع القانون الذي صُدّق منذ يومين والمتعلق "بالحد من بيع الأسلحة للسعودية"، لفتت الشبكة الى ان المقاتلين "يشعرون بالضعف بسبب قرار بايدن بإنهاء الدعم العسكري الأميركي للسعودية"، ونقلت عن أحد الضباط الميدانيين الكبار في قوات التحالف قوله: "قرار أميركا أضر بنا، ونأمل ان تتراجع الادارة عن قرارها".
وبدوره، صرّح محمد علي المقدشي وزير دفاع حكومة هادي، لCNN بأن: "الهجمات على مأرب تصاعدت بعد أن بدأ الرئيس بايدن في الضغط على جميع الأطراف لإنهاء الحرب، وتتحمل الادارة الأميركية مسؤولية كبيرة عن هذه الجريمة، لقد أخرجوا (الحوثيين) من قائمة الإرهاب، يجب على الادارة الأميركية ان تدعمنا".
ومع اقتراب موعد تحرير مدينة مأرب الاستراتيجية، تجد الإدارة الأميركية نفسها في موقف حرج، مع صعوبة ثبات وكلاءها وميليشيات الرياض والامارات في الميدان،حيث القوات المسلحة اليمنية تدنو من تحقيق وثبتها الأخيرة لحسم المعركة.
تحرير مأرب هو أمر محوري لتحديد مستقبل البلاد، في أي محادثات ستجري لاحقاً مع السعودية، كما أن هذه المعركة ستترك آثارها وتداعياتها على مجمل الأوضاع في الإقليم، وتؤثر على القضايا والملفات الخلافية القائمة في المنطقة، وساحات الاشتباك العسكري والسياسي فيها.
الكاتب: غرفة التحرير