خلال اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، في 29 آذار/ مارس الماضي، وكان لا يزال ولي عهد أبوظبي آنذاك، أكد الأخير على ضرورة ابرام اتفاقية استراتيجية بين الطرفين تضمن أمن الامارات خاصة لما تتعرض له من هجمات يمنية على منشآتها. إلا ان العلاقات بين الجانبين شهدت حالة من الفتور بعد شعور أبو ظبي بأن الاستجابة الأميركية "ضعيفة".
مؤخراً، كشف موقع تقرير لموقع أكسيوس الأميركي، في تقرير له بداية شهر تموز/ يوليو الحالي ان إدارة بايدن تناقش بالفعل "إمكانية إبرام اتفاقية إستراتيجية من شأنها أن تمنح الدولة الخليجية ضمانات أمنية أميركية مؤكدة، وفقا لما نقله كاتب التقرير، باراك رافيد، عن مسؤوليْن أميركييْن.
لم تنل هذه الخطوة استحسان عدد من المسؤولين في البيت الأبيض على الرغم من تأييد آخرين. في حين رأى الباحث في جامعة جورج ميسون، جون هوفمان إن "الولايات المتحدة ليست مضطرة لإلزام نفسها بتحالف دفاعي مع الإمارات العربية المتحدة". معتبراً انه لو صحت التقارير التي تشير إلى أن واشنطن ستقدم للإمارات اتفاقاً دفاعياً رسمياً يحتوي على ضمان أمنية أمريكية، فسيكون أول اتفاق من نوعه بالمنطقة وخطوة للوراء في المصالح الأمريكية".
وقيل إن الولايات المتحدة أرسلت مسودة إلى الإمارات مع زيارة لمنسق البيت الأبيض في شؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغيرك ومناقشة الموضوع. من جهته أورد المعلق السياسي الإماراتي والمستشار السابق للقيادة الإماراتية عبد الخالق عبد الله إن البلدين يقتربان من توقيع شراكة "شاملة وملزمة لم تحصل عليها أي دولة في المنطقة حتى الآن". وبدأ الخبراء والمحللون بمناقشة تقديم ضمانات أمنية للسعودية، وتتحدث إدارة جو بايدن عن خطط لإنشاء وإقامة نظام دفاعي جوي متكامل في المنطقة بين الدول العربية وإسرائيل.
ويتابع هوفمان، في المقال الذي نشرته مجلة فورين بوليسي انه بعيدا عن كونها حدثا معزولا، فالمعاهدة مع الإمارات تبدو وكأنها خطوة ممكنة من القيادة الأمريكية باتجاه سلسلة من الالتزامات الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط. ويبدو أن الرئيس بايدن وفريقه هم من يقودون وبطريقة أحادية الخطوات نحو المعاهدة مع الإمارات، بشكل لا يترك الشعب الأمريكي في الظلام فقط، بل والكونغرس كذلك. والكونغرس هم من يملك الصلاحية للموافقة على المعاهدات، وكما قال مساعد ديمقراطي بارز في مجلس الشيوخ فإن "تقديم ضمانات أمنية نيابة عن الشعب الأمريكي هو خطوة خطيرة، تحتاج للتفاعل مع وموافقة ممثلي الشعب في الكونغرس. وأنا لست متأكدا من وجود تفاعل كهذا حتى الآن".
ويرى الكاتب أن زيادة الالتزامات الأمريكية في الشرق الأوسط لن تخرق فقط القوانين الأمريكية القائمة والمصممة لمنع البلد من تقديم الدعم الأمني والضمانات لحكومات لديها سجل صارخ في حقوق الإنسان، بالإضافة لكونه غير منطقي من الناحية الإستراتيجية لأنه يدفع مصالح لاعبين تتناقض مع مصالح واشنطن.
إن مستويات الدعم الأمني الأمريكي للسعودية والإمارات تتناقض مع عدد من القوانين الأمريكية:
-أولا، يحظر على الإدارة تقديم الدعم لأنظمة متورطة في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، فبند 502 بي من قانون الدعم الخارجي ينص "لا مساعدة أمنية قد تقدم لبلد أو حكومة متورطة في أشكال متناسقة مع القانون الدولي لانتهاكات حقوق الإنسان". وأكد على أهمية لعب الولايات المتحدة الدور على نشر وتشجيع وزيادة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية حول العالم بدون أي تفريق للون، عرق، لغة أو دين".
-ثانياً، ويعكس هذا قانون ليهي، وبندين من الأحكام القانونية في وزارة الخارجية التي "تمنع الحكومة الأمريكية من استخدام المال لدعم وحدات في قوات الأمن الأجنبية، مع وجود أدلة موثوقة على أن هذه الوحدات أصدرت أوامر لخرق حقوق الإنسان".
ورغم ما تحمله هذه التحركات من إشكاليات قانونية إلا أن محللين يرون أن ما يقوم به بايدن متجذر في الواقعية والبراغماتية. وبحسب المقال، فإنه وبعد معاينة عميقة فمضاعفة الوجود الامريكي المنطقة سيترك آثارا عكسية. فمن المنظور الإستراتيجي، فأي تحرك سيعزز مخاطر التزام الولايات المتحدة بالمشاكل البنيوية للشرق الأوسط، ديكتاتورية الأمر الواقع، بدون أي منفعة، وبخاصة ما يتعلق بأسعار النفط المرتفعة.
ويقول جون هوفمان، لأن "الأنظمة الديكتاتورية تعتبر وبشكل متأصل غير مستقرة نظراً لعدم شرعية حكمها، وهناك أبحاث أكاديمية تظهر أن الدول الشمولية عادة ما تبني تحالفات لا تمتع بمصداقية. ولا تعني القواعد والمعاهدات والقوانين الكثير عندما تكون السلطة مطلقة. وهي مهتمة بشكل رئيسي بالحفاظ على النظام وإظهار القوة، فهي مسؤولة عن التخلف السياسي والاجتماعي والاقتصادي نظراً لتحكمها بموارد الدولة ومنحها لنخبة ضيقة. والدعم القوي من الولايات المتحدة هو ما يدفع هذه الحكومات للتصرف بدون خوف، في الداخل والخارج. ولن تفعل الضمانات الأمنية سوى وضع صفة الرسمية على التزامات أمريكا للاعبين مما يخلق المزيد من التظلمات وعدم الاستقرار".
الكاتب: غرفة التحرير