يبدو أن الكيان المؤقت يلعب بنار الحرب في كلّ جبهة من جبهات المنطقة. ففي الفترة الأخيرة طالت أذرع "الموساد" عسكريين إيرانيين، وقد هددت الجمهورية الإسلامية بالرد المناسب الذي لن يقتصر على عمل أمني في دولة ثالثة بل قد تذهب أيضاً الى مستوى الرد العسكري حسب مصادر للخنادق. فيما لدمشق أيضاً ردها على قصف مطارها الدولي. أما في لبنان، فان حرب الغاز قد تكون قاب قوسين أو أدنى، إذا ما أصرّ الاحتلال على استكمال التنقيب في حقل كاريش قبل البت بترسيم الحدود والمنطقة المتنازع عليها مع لبنان. فالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله واضح في معادلته لحماية ثروة البلاد، والمعادلة هي الغاز والنفط للجميع او لا لأحد.
هذه المعادلة قابلها بعض المسؤولين الإسرائيليين بتصريحات تهويلية التي سرعان ما سقطت مفاعيلها – الإعلامية – بعد أن كشف الاجتماع الأمني الذي ضمّ مسؤولين كبار في الكيان، يوم الأحد الماضي، أن "إسرائيل غير مستعدة للتعامل مع الطوارئ الكبرى... ويجب الاعتراف بذلك"، حسب ما ذكرت صحيفة "تايمز اوف إسرائيل" في مقال لها.
النص المترجم للمقال
اجتمع رؤساء البلديات الإسرائيليون ومسؤولو الطوارئ والأمن وأساتذة وصحفيون يوم الأحد لمناقشة استعداد البلاد لحالة طوارئ كبرى، مثل الحرب أو زلزال مدمر. لكن الأجواء كانت متشائمة، حيث كرر العديد من المشاركين الاعتقاد بأن إسرائيل ليست مستعدة للتعامل مع أزمة واسعة النطاق. وقالت رئيسة بلدية حيفا اينات كاليش روتيم في المؤتمر الذي أقيم في مدينة موديعين عيليت "نحتاج لأن نكون مستعدين للقول إننا لسنا مستعدين".
بدوره قال، مدير مركز برزيلاي الطبي في عسقلان شيزي ليفي، أنه "في الزلزال الكبير، أعتقد أن نصف الطاقم الطبي لن يحضر. سيبحث الناس عن أحبائهم"، مستنتجاً "لذلك هناك الكثير من الأمور التي نحتاج العمل عليها". وكانت المدينة الساحلية الجنوبية قد تعرضت لمئات الهجمات الصاروخية خلال القتال مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة في مايو الماضي، أكثر من أي مدينة أخرى.
كما شهد الصراع العام الماضي اندلاع العنف الطائفي الناري في العديد من البلدات العربية وما يسمى بالمدن "المختلطة"، والتي تضم أعدادًا كبيرة من العرب واليهود. وقالت نائبة المفوض سيغال بار تسفي، رئيس قسم العمليات في الشرطة الإسرائيلية، "لسنا مستعدين لتقديم رد شامل في حارس الجدران القادم "، مضيفةً "لن نكون قادرين على الاستجابة إلى المدى الكامل لمثل هذا الحدث بالموارد التي لدينا". واعتبرت أن "Guardian of the Walls كانت لحظة فاصلة، ولسنا في مكان يمكن أن يعطي استجابة حقيقية".
وفي افتتاح المؤتمر، دعا رئيس قيادة الجبهة الداخلية العسكرية اللواء أوري جوردين المواطنين الإسرائيليين للاستعداد للحرب القادمة. محذراً بالقول "لقد تغير واقع إسرائيل بشكل كبير في السنوات الثلاث الماضية. من ناحية، اقتحم جائحة COVID-19 حياتنا في عام 2020، ومن ناحية أخرى، خلال الوباء، أطلقت حماس أكثر من 4400 صاروخ تجاه المواطنين الإسرائيليين".
النبأ السيئ هو أنه في الحرب القادمة - حرب لبنان الثالثة أو حرب الشمال الأولى، مهما نسميها - ستطلق عشرات الآلاف من الصواريخ باتجاه منازل إسرائيلية. آلاف الصواريخ والقذائف كل يوم، على المدن الإسرائيلية، على طول وعرض البلاد. لكن رئيس مديرية العمليات في الجيش الإسرائيلي قال إن الوضع سيكون أسوأ بكثير بالنسبة للمواطنين اللبنانيين. وقال جنرال عوديد باسيوك "في سيناريو حرب في المسرح الشمالي، من الأفضل أن تكون موجوداً في تل أبيب وليس في بيروت". صحيح أنه في الحرب ستحدث أشياء صعبة على الجبهة الداخلية، لكن صمودها مهم للغاية لتمكين الجيش الإسرائيلي من تنفيذ ما يستعد له، ومن الصعب تخيل ماذا سيحدث في لبنان".
وفي تصريحات ختامية، وجه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي تحذيراً قاسياً للمواطنين اللبنانيين "من ناحية، سنضرب بقوة هائلة، ومن ناحية أخرى سنعطيهم تحذيرًا صريحًا لمنحهم الوقت للمغادرة". وتابع "أقول من هنا لمواطني لبنان، أولاً وقبل كل شيء، لا أنصحكم فقط بالمغادرة منذ بداية الحرب، بل أوصيكم بالمغادرة من لحظة بدء التوتر قبل إطلاق الطلقة الأولى، لأن قوة هجماتنا ستكون شيئًا لم يُرى من قبل". وجاءت تعليقات كوخافي بعد أن هدد زعيم حزب الله اللبناني إسرائيل يوم الخميس بشأن خطط لاستخراج الغاز من احتياطي بحري متنازع عليه، قائلا إن منظمته قادرة على منع مثل هذا العمل وعبر طريق القوة أيضاً.
وقالت إسرائيل الأسبوع الماضي إنها "مستعدة للدفاع" عن المنشأة. ونشر الجيش الإسرائيلي أيضًا قوات بحرية في المنطقة، بما في ذلك بطارية القبة الحديدية المضادة للصواريخ المحمولة في البحر، وفقًا لإذاعة "كان" العامة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات عسكرية كبيرة في قبرص، لمحاكاة هجوم بري في عمق لبنان في حرب محتملة ضد جماعة حزب الله المدعومة من إيران.
لطالما مثَل حزب الله أهم تهديد عسكري للجيش الإسرائيلي، مع ترسانة تقدر بنحو 150 ألف صاروخ يمكن أن يصل إلى أي مكان في إسرائيل.
كان الهدف الرئيسي للتمرين محاكاة وقف إطلاق صواريخ حزب الله على إسرائيل وسط تصعيد كبير، من خلال هجوم بري في لبنان. ووفقًا لمسؤولين عسكريين، فإن الطريقة الوحيدة لتحقيق مثل هذا الهدف هي أن تكون "حاضرة بشكل ملحوظ" في المناطق التي يتم إطلاق الهجمات منها، مما يُبقي العدو بعيدًا عن الحدود.
قبل أسبوع من ذلك، مارست قيادة الجبهة الداخلية سيناريو محاكاة قصف المدن الإسرائيلية بـ 1500 صاروخ في اليوم، مما أدى إلى إصابة 80 موقعًا بأضرار جسيمة وسقوط حوالي 300 ضحية، خلال اشتباكات استمرت عدة أيام مع حزب الله.
المصدر: تايمز اوف اسرائيل
الكاتب: غرفة التحرير