حرصت تركيا منذ سنوات، على الترويج لصناعاتها العسكرية، خصوصاً الطائرات بدون طيار من نوع "بيرقدار"، على أنها من أكثر الأسلحة التي لا تقهر في العالم، مع العلم أنه استخدم في صناعتها، العديد من التقنيات والمعدات الغربية الصنع، الكندية والالمانية وحتى من الكيان المؤقت.
واستفادت في الترويج لهذه الطائرة ميدانياً، من خلال المواجهة مع خصوم لا يمتلكون قدرات متوازية معها، عبر استهداف قادة حزب العمال الكردستاني (الذي لا يملك منظومات دفاع جوي أصلاً)، أو من خلال الحرب الأذربيجانية الأرمينية (كانت أرمينيا تمتلك منظومات دفاع جوي قديمة نسبياً).
وخلال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مؤخراً، وبعكس ما روجت له وسائل الإعلام التركية والغربية في البداية، أظهرت هذه الطائرة فشلاً ميدانياً ذريعاً، وباعتراف مؤسس مشروع منظومات الدفاع الجوي في الكيان المؤقت "عوزي روبين" بذلك.
ففي مقال له نُشر مؤخراً، والذي قيّم فيه بشكل أولي، أحدث الأسلحة التي تستخدم من قبل الجيشين الروسي والأوكراني، خصوصاً بما يتعلق بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار. بيّن "عوزي روبين" أن طائرات "بيرقدار" التي تستخدمها القوات الأوكرانية، أظهرت تأثيراً هامشياً في هذه العملية، بحيث نُسب لها في بداية العملية بعض الضربات الناجحة والمحدودة، لمدرعات خفيفة وبعض بطاريات الدفاع الجوي، لكنها لم تستطع تدمير أي دبابة روسية. مستنتجاً من خلال التدقيق في تاريخ الفيديوهات التي تظهر مشاركاتها، أن الطائرة تم خفض مهامها تدريجياً، ووصل إلى توقف افتراضي في منتصف شهر آذار/ مارس، وبعدها لم تذكر مطلقاً. وقدم تفسيرين مختلفين لهذا الانخفاض في معدل إصابات "بيرقدار":
1) تمكن أنظمة الدفاع الجوي الروسية الأكثر حداثة ونجاحًا، من الأنظمة الأرمنية القديمة، في إسقاط هذه الطائرة بأعداد كبيرة، خاصةً وأنها تتصف ببطء التحليق والضعف. وقد أشار إلى أن عدد الطائرات المعلن الذي تمتلكه أوكرانيا هو 20 طائرة فقط.
2) تفسير قدمه بعض المراقبين الأتراك، وهو أن الأوكرانيين قرروا تقليل عرض وسائل الإعلام لهذه الطائرة، لصرف الانتباه الروسي عنها. وفنّد روبين بأن هذا التفسير هو مصطنع، وأنه حتى لو كان صحيحًا، فهو بحد ذاته تأكيد غير مباشر للتفسير الأول، على أن الروس حصلوا على أبعاد هذه الطائرة، وكانوا يطلقون النار عليها بمعدل مرتفع. متوقعاً أن يكون الروس قد تمكنوا من إسقاط معظمها، خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من العملية.
منظومة تور- إم2 تغلب بيرقدار
هذا وقد كشف قائد إحدى بطاريات منظومات الدفاع الجوي الروسي من نوع "تور-إم2"، بأن الصواريخ الاعتراضية التي أطلقتها بطاريته منذ بداية العملية، قد أصابت 98 هدفا جويا بينها 10 مسيرات "بيرقدار". فهذه المنظومة قادرة على إصابة مختلف الأهداف الجوية وبخاصة المروحيات والمسيّرات، في النهار والليل وفي كل الظروف الجوية. كما أن أهم ما يميزها هو القدرة على إطلاق النار أثناء الحركة، واستطاعة رادارها على اكتشاف هدف يبعد عنها 32 كيلومتراً، والقدرة أيضاً على اكتشاف كل الطائرات حتى ذات البصمة الرادارية المنخفضة.
الكاتب: غرفة التحرير