يعتمد الاقتصاد العراقي على الواردات بشكل أساسي، ما أفسح المجال أمام الدول المصدرة للتنافس على السوق العراقي الذي يضم حوالي 40 مليون مستهلك. ومن مظاهر ذلك التنافس فتح معابر حدودية جديدة وزيادة حجم التبادلات التجارية وتعزيز الروابط البرية والجوية. وتحتل تركيا المرتبة الثانية للتصدير التجاري إلى العراق بعد الصين، في حين تحتل إيران المرتبة الثالثة.
الجدير ذكره أن السفير التركي علي رضا غوناي أكد أن العلاقة مع العراق "ليست استغلالية"، في حين يؤكد المراقبون أن تركيا تستغل العراق فيما يتعلق بالتحكم بمنابع المياه لنهري دجلة والفرات، وتستخدمها كورقة ضغط تؤثر على الأمن المائي العراقي.
في حين استطاع العراق خلال شهر آذار /مارس الماضي من تأمين إيرادات بلغت 11.07 مليار دولار -أعلى إيراد مالي منذ العام 1972- عبر تصدير 100 مليون و563 ألفا و999 برميل للنفط الخام، أي بمعدل يومي يبلغ 3244 برميل، وبسعر متوسط تجاوز الـ 110 دولارات. ما يفوق تلك التي سجلت في شباط /فبراير الماضي، إذ بلغت قيمتها 8.5 مليار دولار. وفيما يلي عرض لأبرز التبادلات التجارية العراقية مع دول المنطقة:
الصين:
-تتصدر الصين الدول المصدرة إلى العراق، هذا وقد أبرمت بكين صفقات بناء بقيمة 10.5 مليارات دولار في العراق العام 2021، كجزء من "تحوّل قوي" تجاه الشرق الأوسط على الرغم من التراجع في استثماراتها الخارجية.
-يعدّ العراق الغني بالنفط ثالث أكبر مصدّر للخام إلى الصين.
-تقوم الصين بتعزيز العلاقات مع الشرق الأوسط على الرغم من الانخفاض العام في الاستثمار في مبادرة الحزام والطريق، وأصبح العراق أحد أكبر المستفيدين، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times) البريطانية.
-أشار الباحثون إلى أن الخطة الخمسية لوزارة التجارة الصينية حتى عام 2025 وعدت بالاستثمار في الخارج، بما في ذلك المشاريع غير التابعة لمبادرة الحزام والطريق، بقيمة 550 مليار دولار، بانخفاض 25%، من 740 مليار دولار في 2016-2021.
-نقل التقرير عن كريستوف نيدوبيل وانغ، مدير "مركز التمويل والتنمية الأخضر" الصيني، أن الباحثين "فوجئوا" بالحجم الكبير لمشاركة الصين في الشرق الأوسط والدول العربية. وقال "كنا نعتقد أن التركيز سيكون أكثر بكثير على جنوب شرق آسيا، بما في ذلك البنية التحتية، لكنه في الواقع كان مدفوعا بشكل خاص نحو العراق، ويشهد تحوّلا قويا نحو أفريقيا ودول الشرق الأوسط".
-العلاقات بين بكين وبغداد تعززت في عهد عبد المهدي (وسط من جهة اليسار) بإبرام اتفاقية مع الصين عام 2019.
-عززت الصين مكانتها في المنطقة في العام نفسه الذي أنهى فيه الرئيس الأميركي جو بايدن رسميا المهمة القتالية الأميركية في العراق واستعادت حركة طالبان السيطرة على أفغانستان بعد الخروج الأميركي وبقية دول التحالف.
-يُعدّ العراق ثالث أكبر مصدّر للنفط إلى الصين، وحرص المسؤولون العراقيون على تأمين استثمارات صينية للمساعدة في تحديث البنية التحتية المتدهورة. وكانت العديد من الشركات الغربية مترددة في الاستثمار في البلاد التي لا تزال تعاني من انعدام الاستقرار السياسي ونوبات العنف المتفرقة، خارج قطاعي النفط والغاز.
-تشمل الصفقات الجديدة الموقعة بين المجموعات الصينية والعراقية محطة الخيرات الكبيرة لتوليد الكهرباء من النفط الثقيل في محافظة كربلاء (جنوب العراق)، وإعادة بناء المطار الدولي في الناصرية (جنوب)، وتطوير حقل المنصورية للغاز بالقرب من الحدود الإيرانية.
-في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقع العراق اتفاقية مع شركتي "باور كونستركشن" (Power Construction Corporation) و"سينوتك" (Sinotech) الصينيتين لبناء ألف مدرسة، تُدفع تكاليفها من خلال المنتجات النفطية.
تركيا:
-بلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا، ثاني أكبر مصدّر للعراق، منذ العام 2016، ولغاية شهر أيلول من العام 2021 قد 73 مليار دولار أمريكي بحسب وزير التجارة العراقي علاء الجبوري.
-تشير بيانات وتقارير رسمية، إلى أنّ العراق كان من بين أكبر مستوردي البضائع التركية في عام 2020، مقابل موقع متميز في قائمة المصدرين الكبار.
-احتل العراق المرتبة الخامسة كأكبر مستورد من تركيا للشهر الثالث على التوالي، حيث بلغت في نيسان 22.709 مليار دولار، بارتفاع 19.8 % عن الشهر نفسه من عام 2021.
-تجاوز حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا في 2020 حاجز 20 مليار دولار، حيث أكّد السفير التركي علي رضا غوناي أنّ عام 2020 شهد صادرات إلى العراق بقيمة 9 مليارات دولار مقابل استيراد بحجم 11 مليار دولار، نافيًا أن تكون العلاقة التجارية بين البلدين "استغلالية".
-حلّ العراق في تموز/يوليو من العام الماضي، كرابع أكبر مستورد للبضائع التركية بواقع 743 مليون دولار، بينما جاء بالمرتبة الخامسة ضمن قائمة المصدرين الكبار لذات الشهر بمبلغ 962 مليون دولار، ما يعني أن الميزان التجاري كان لصالح العراق.
-في كانون الأول/يناير من هذا العام، غاب العراق عن قائمة أكثر الدول استيرادًا من تركيا، فيما حل كثالث أكبر المصدرين بـ 809 ملايين دولار.
- تسعى تركيا إلى إقامة علاقة مباشرة مع المناطق العراقية الخاضعة لسيطرة بغداد، من دون المرور عبر إقليم كردستان. وفي العام 2017، أعاد الجانبان التركي والعراقي إحياء هذه الفكرة عند اعتراضهما على الاستفتاء من أجل استقلال إقليم كردستان. وناقشا كذلك قضايا عدّة شملت اقتراح فتح بوابة حدودية جديدة في أوفاكوي لتسهيل التجارة الثنائية. لكن تم تعليق الخطة بسبب المعارضة الكردية على الرغم من أن تركيا ما زالت تبحث عن سبل لتوسيع نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي في شمال العراق. ويتمثّل اقتراح آخر في إنشاء خط سكة حديدية يربط الموصل بعنتاب في جنوب تركيا.
إيران:
-تعتبر إيران ثالث أكبر مصدّر للعراق بعد الصين وتركيا.
-يبلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران في الظرف الطبيعي قرابة 13 مليار دولار.
-يكشف الميزان التجاري الإيراني لثمانية أشهر من السنة المالية الإيرانية، 21 اذار/مارس- 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أنّ إيران صدرت بضائع بقيمة 31.1 مليار دولار، فيما استوردت بالمقابل بضائع بقيمة 32 مليار دولار.
-حصة العراق من الصادرات الإيرانية خلال هذه المدة بلغت، وفق تقرير مصلحة الجمارك، 6.1 مليار دولار بمعدل 20% من حجم التجارة العالمية لطهران.
-ثمة ستة معابر حدودية رسمية على الحدود العراقية الإيرانية البالغ طولها 1458 كيلومترًا، والتي يتم استثمارها لتعزيز العلاقات التجارية كما يتم السعي لزيادة أعداها.
-اتفقت الحكومتان الإيرانية والعراقية على إنشاء خط سكة الشلامجة الحديدية لتسريع حركة عبور البضائع والأشخاص بين البلدين عبر مدينة البصرة جنوب العراق. ما يسهّل في نهاية المطاف نقل البضائع من الصين إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط، وفقا للنائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري.
-واقع الحال أن تحويل العراق إلى صلة وصل بين آسيا وأوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، عبر انضمامه إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، بات هدفًا عراقيًّا مهمًّا للتصدّي للنفوذ الأميركي أو الاهتمام السعودي المتنامي في العراق. وقد دفعت الاتفاقية التي أُبرمت مؤخرًا بين الصين وإيران وبلغت قيمتها 400 مليار دولار، بعض هذه المجموعات إلى تأكيد رسالتها حول إيجابيات ربط العراق بالشرق بدلًا من الغرب.
السعودية:
-بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والعراق 3,412 مليون ريال في 2020 مقابل 2,971 مليون ريال في 2019 بزيادة 441 مليون ريال أي 14.8%. فيما بلغت قيمة صادرات المملكة إلى العراق 3,371 مليون ريال في 2020 بينما كانت واردات المملكة من العراق 41.8 مليون ريال لنفس العام.
- هناك اتفاقيات تجارية واستثمارية موقعة بين البلدين في مختلف المجالات إضافة لمجلس التنسيق السعودي العراقي ومجلس الأعمال المشترك بين أصحاب الأعمال من الجانبين في إطار تحسين العلاقات التجارية بين البلدين.
- تمت إعادة افتتاح منفذ جديدة عرعر في 2020 بعد إغلاق دام 30 عاما إثر جهود مجلس التنسيق السعودي العراقي، حيث يقع مشروع إنشاء وتحسينات منفذ جديدة عرعر من الجانب السعودي ومنفذ عرعر من الجانب العراقي على مساحة إجمالية 1.66 مليون متر مربع ويضم "منطقة لوجستية" ستكون بمنزلة البوابة الاقتصادية للجزء الشمالي من المملكة والانطلاقة بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية السعودية العراقية وفي إطار التنافس مع باقي الدول ذات النفوذ في العراق.
الأردن:
-بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 3.448 مليون دينار خلال 11 شهرا مضت من العام 2020، أي ما يعادل 440.184.840 دولار أمريكي للعام 2020 بحسب وزير التجارة، علاء الجبوري
-في العام 2021، أعلنت الحكومة العراقية اتفاقها مع نظيرتها الأردنية على التعاون في قطاعات الصحة والطاقة والصناعة والزراعة، وفي القطاعين المالي والمصرفي، بالإضافة إلى قطاعي التعليم والاتصالات، وتيسير التجارة وزيادة حجم المبادلات التجارية الثنائية، واستثناء المنتجات العراقية والأردنية من أي نظام تسجيل للواردات يطبق لدخول أسواق كلا البلدين الشقيقين .واتفق الجانبان على تسريع استكمال الخطوات التنفيذية لإنشاء المدينة الاقتصادية المشتركة، كما أكدا على ضرورة تعزيز التعاون والتكامل الصناعي في القطاعات الصناعية الدوائية، وكذلك التعاون في مجال الطاقة.
-بخصوص مشروع أنبوب تصدير النفط العراقي - الأردني، فاتفقا على استكمال المحادثات الثنائية للوصول إلى توقيع اتفاقية إطارية بينهما.
-هذا ويرتبط العراق مع الأردن باتفاقية للتعاون الاقتصادي والفني، والتي تم التوقيع عليها عام 1980، وهي فاعلة من خلال عقد اجتماعات اللجنة المشتركة التي عقدت الدورة الـ 28 منها في عمان خلال شهر تشرين الأول /أكتوبر من عام 2019.
مصر:
-حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 386.161.316 دولارا أمريكيا خلال عام 2020 ويجري العمل حاليا في الأمانة العامة لمجلس الوزراء من قبل الدائرة القانونية في هذه الوزارة للمصادقة على مذكرة التفاهم في مجال المعارض والأسواق الدولية مع الجانب المصري والموقعة بتاريخ 31 تشرين الأول /أكتوبر 2020، وحصلت موافقة هيئة الرأي في هذه الوزارة على مشروع مذكرة تفاهم في مجال التدريب للانضمام الى منظمة التجارة العالمية مع الجانب المصري، وستتم مفاتحة الأمانة العامة لمجلس الوزراء من الدائرة القانونية لغرض استحصال الموافقة للتوقيع عليها.
-يرتبط العراق مع مصر باتفاقية للتعاون الاقتصادي والاجتماعي والعلمي والفني موقعة في القاهرة عام 1980، وعقدت اللجنة المشتركة المنبثقة عن هذه الاتفاقية 10 دورات كان آخرها في بغداد عام 2002، إضافة إلى حصول موافقة رئاسة الوزراء خلال عام 2017 وبطلب من الجانب المصري تم رفع مستوى اللجنة المشتركة إلى لجنة عليا يترأسها رئيسا وزراء كلا البلدين وفقا لوزير التجارة العراقي.
سوريا:
- تراجع التعاون العراقي السوري بشكل واضح خلال السنوات الأولى للاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003، بفعل توتر علاقات البلدين على خلفية الاتهامات الأميركية والعراقية لدمشق بعدم ضبط حدودها، فإنَّه عاد لينشط خلال النصف الثاني من العقد الأول الماضي، إذ امتدَّ ليشمل قطاعات أساسيّة أخرى غير التبادل التجاري، كعمليات التنقيب والاستكشاف المشتركة عن النفط والغاز، والتي نجحت أولى تجاربها في حقل عكاز الحدودي، فضلاً عن توقيع البلدين على اتفاقيات لمدِّ خط أنابيب لتصدير النفط العراقي من جديد عبر الموانئ السورية.
- تعكس الصّادرات السّورية إلى العراق مع نهاية العقد الأول، والبالغة قيمتها حوالي 2.2 مليار دولار في العام 2010، المستوى الَّذي بلغه تعاون البلدين على المستوى التجاري، إذ إنَّ الصادرات نحو العراق شكّلت ما نسبته حوالى 46.5% من إجمالي الصادرات السورية المتّجهة في ذلك العام إلى الدول العربية.
- إلا ان الأزمة السورية ودخول الإرهاب أراضيها واستفحاله فيها دمر كل ما بنته سوريا من علاقات مع الدول المجاورة لا سيما العراق.
- اليوم بعد تحرير المدن والقرى السورية، يشهد معبر البوكمال عودة للشاحنات التي تنقل البضائع من سوريا إلى العراق. وأوضح أمين معبر البوكمال، عاصم اسكندر، في تصريح لصحيفة الوطن، أن متوسط حركة التبادل التجاري مع العراق يوميًا يصل إلى 25 شاحنة معظمها بضائع محلية تتجه نحو العراق.
- إن حركة التبادل التجاري والعبور للشاحنات بين البلدين ما زالت متدنية، وهي حالة طبيعية خلال الأشهر الأولى من كل عام، بسبب عدم وجود الكثير من المحاصيل الزراعية.
- معظم حمولات الشاحنات السورية التي تغادر نحو العراق حاليًا هي بعض الفواكه، وبعض المنتجات الصناعية، مثل المنظفات والألبسة وغيرها.
- تقتصر البضاعة العراقية التي قليلًا ما تصل إلى الأراضي السورية عبر معبر البوكمال على بعض التمور وعجينة التمر، ومعظم هذه الحمولات تكون عبارة عن ترانزيت نحو الأراضي اللبنانية، وتكون حصة السوق المحلية من التمور وعجينة التمر العراقي لا تتجاوز خمس شاحنات أسبوعيًا، بحسب اسكندر.
- وصل إجمالي إيرادات المعبر لعام 2020 إلى نحو 800 مليون ليرة سورية (ما يعادل تقريبًا 276 ألف دولار أمريكي).
لبنان:
-يصدّر لبنان الى العراق نحو 150 مليون دولار أميركي كمعدل سنوي، فيما يستورد بين 6 و7 ملايين دولار سنوياً، من دون ذكر المشتقات النفطية.
-ولتحسين التبادل التجاري، أقيم مؤتمر تجاري بين الطرفين خلال شهر يناير/ كانون الثاني من العام الحالي لتوقيع اتفاقية منطقة اقتصادية حرة والدفع بالتبادل التجاري إيجابا.
الكاتب: غرفة التحرير