يشكّك مسؤولون إسرائيليون وعلى رأسهم رئيس وزراء الاحتلال الحالي نفتالي بنيت والسابق بنيامين نتنياهو ببلوغ الكيان الإسرائيلي الثمانين عاماً نظراً الى التجارب السابقة والعقائد اليهودية. وقد وصل الكيان المؤقت الى سنته الـ 74 وسط إخفاقات ومشاكل داخلية تهدّد وجوده فعلياً.
فتَحت عنوان " أربع تهديدات مصيرية تواجهها إسرائيل" كتب عاموس أرئيل مقالاً في صحيفة "هآرتس" العبرية يبرّز فيه حجم الضغوطات على "إسرائيل" خاصة من ناحية الديموغرافية حيث يتفوّق عدد الفلسطينيين على عدد المستوطنين، ويشير المقال الى أن "عدد العرب يتزايد، وخاصة بين الجيل الشاب، الذين يتخلون عن تأييد فكرة حل الدولتين".
المقال المترجم:
التغطية الإعلامية اليومية في إسرائيل مكرسة بالكامل تقريبًا لما هو موجود الآن. على الصعيد الأمني - الاستراتيجي، من النادر أن تخصص الصحافة وقتاً أو تفكيراً لما ينتظر وراء الأفق، على بعد أكثر من أسابيع قليلة. ستكشف مراجعة عشوائية لعناوين الصحف خلال العام الماضي عن مزيج التهديدات المعتاد: إيران وحزب الله وفي كثير من الأحيان - الإرهاب الفلسطيني (المقاومة الفلسطينية)، من إطلاق الصواريخ من غزّة الى هجمات الإرهابيين (المقاومين) المنفردين في الضفة الغربية. في الواقع إسرائيل بحاجة الى النظر الى ما هو أبعد من ذلك.
التهديد الأول: أجرت هيئتان أمنيتان في السنتين الأخيرتين فحصاً غير رسمي لمسألة حساسة وهي الديمغرافيا الإسرائيلية – الفلسطينية استندتا إلى جمع وتحليل بيانات من جهات مختلفة تعمل في الإحصاء توصلتا إلى استنتاج متشابه. ففي توقيت ما خلال العام 2020 حدثت نقطة التحول. ومنذئذ، لأول مرة منذ عقود كثيرة، يوجد عرب أكثر بقليل من اليهود بين البحر المتوسط ونهر الأردن. ولدى إجمال النتائج معا، من جهة اليهود؛ ومن الجهة الأخرى العرب حاملي المواطنة الإسرائيلية، الفلسطينيين حاملي بطاقة الهوية الإسرائيلي من القدس الشرقية، الفلسطينيين من الضفة والفلسطينيين من القطاع، فإن المعطيات تكاد تكون متساوية، من خلال أغلبية طفيفة عدديا للجانب العربي.
هذه نقطة تحول هامة، لأن مع مرور الوقت ستستمر هذه الاتجاهات في المستقبل، ويتوقع على ما يبدو أن يزداد الفرق قليلا، بسبب الفروق في الولادة بين القطاعات المختلفة، وبالرغم من تقلص آخر متوقع بالولادة بين العرب.
في المدى الأبعد، سيتزايد الإدراك لهذه الحقيقة في المجتمع الدولي أيضا. وفي هذه الظروف، ستواجه إسرائيل صعوبة أكبر لصيانة احتلال أبدي في مناطق واسعة في الضفة، يكون فيها قسم من الفلسطينيين خاضعين للسيطرة الكاملة، وقسم منهم لسيطرة فعلية جزئية – حواجز، اعتقالات، قانونية – وجميعهم مسلوبي حقوق التصويت للمؤسسات المنتخبة في إسرائيل.
كذلك أظهرت الاستطلاعات أن عدد العرب يتزايد، وخاصة بين الجيل الشاب، الذين يتخلون عن تأييد فكرة حل الدولتين لصالح فرضية أن الأمور ستُحل من تلقاء نفسها في نهاية الأمر، لصالح الفلسطينيين. وستؤدي الأغلبية الديمغرافية في نهاية الأمر إلى ضغوط لا تحتمل على إسرائيل، التي ستضطر إلى التنازل والاتحاد مع الأغلبية العربية.
التهديد الثاني: تراجع الدولة المتواصل عن أي نشاط، من نظام جباية الضرائب وحتى العمل اليومي في الوزارات، في البلدات العربية. وتبعات هذه السياسة، بالأفعال والإخفاقات، برزت في السنة الأخيرة في مستويين. بالعنف القومي الشديد في المدن المختلطة أثناء عملية "حارس الأسوار" العسكرية في أيار/مايو الماضي، والارتفاع الحاد في جرائم القتل على خلفية جنائية داخل المجتمع العربي.
التهديد الثالث: على الرغم من أن الخطة العسكرية المتعددة السنوات التي وضعها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، قضت بزيادة ميزانية الأمن لصالح تعزيز قدرات الجيش، التي يفترض أن تمنحه تفوقا واضحا في حالات الحرب ضد حزب الله وحماس، إلا أن هذه الخطة لا تحل مشكلتين أساسيتين مزمنتين يعاني منهما الجيش الإسرائيلي: انهيار تدريجي في نموذج التجنيد القائم وإلى جانبه التراجع بما يتعلق بممارسة القوة البرية في مواجهة مستقبلية، ستجري بمعظمها في مناطق مأهولة بكثافة. كما أن أزمة القوى البشرية هي التهديد الأساسي على الجيش الإسرائيلي، لأن نصف الشبان في سن 18 عاما يتجندون للجيش. وهذه الأزمة ليست نابعة من عدم تجند الحريديين فقط، وإنما هي نابعة بالأساس من التغيرات في المجتمع الإسرائيلي وطبيعة المجندين.
التهديد الرابع الذي يكاد لا يحظى بانتباه: تواجه اسرائيل هجمات مضادة بحجم هائل، بعضها من جانب دول، وبعضها الأخر من جانب قراصنة إنترنت مرتبطة بشكل غير مباشر مع دول، وقسم آخر هم قراصنة مستقلون، سواء كان ذلك على خلفية أيديولوجية أو بهدف ابتزاز المال.
المصدر: "هآرتس" العبرية
الكاتب: عاموس هرئيل