على بُعد أسبوع واحد من انقضاء الشهر الأول للهدنة المعلنة، والتي دخلت حيز التنفيذ في 3 نيسان/ ابريل الجاري، لا يزال المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، يراوح في الدائرة نفسها دون ان يسجل خرقاً إيجابياً في "الخريطة" التي سلّمته اياها صنعاء بعد أسبوع على إعلان الهدنة لمدة شهرين، والتي تقوم على "إلزام التحالف بترجمة الاتفاق إلى خطوات فعلية عملية، وأولها إدخال السفن النفطية إلى ميناء الحديدة، وإعادة فتح مطار صنعاء دون عرقلة الرحلات التجارية والمدنية، إضافة لإعادة صرف مستحقات الموظفين المالية، وتوحيد البنك المركزي. في ظل تأكيد رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، "بالتزام صنعاء الكامل بتنفيذ بنود الهدنة...إذا أرادت دول العدوان، وعلى رأسها أميركا، السلام مع استمرار الحصار، فهذا ما لن نقبل به كونه ضرباً من ضروب الاستسلام، وإهانة لن يقبل بها شعبنا".
رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام أكد من جهته، ان "أول شهر للهدنة الإنسانية يكاد أن ينقضي دون تقدم في أهم بنودها وهو إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، ودول العدوان تتحمل كامل المسؤولية جراء ما تبديه من تعنت وتنصل ومراوغة، وعلى الأمم المتحدة أن تقوم بواجبها وفقا للاتفاق".
بالنسبة للسعودية، فهي تراهن على المجلس الرئاسي الجديد الذي شكّلته خارج حدود اليمن، من زعماء الميليشيات الذين يتقاسمون النفوذ العسكري، حيث يتلقى قسم منهم الدعم المادي واللوجستي مباشرة منها، فيما ينضوي القسم الآخر تحت لواء الإمارات التي باتت تنافس الرياض في "عقر مجلسها". فقد برز خلال الاجتماعات الأخيرة التي عقدها المجلس حجم السطوة التي تمتلكها أبو ظبي، حيث استطاعت تنصيب عدد من الشخصيات التابعة لها منهم محافظ عدن أحمد لملس الذي تم تعيينه كوزير دولة في الحكومة التابعة للرياض، وتعيين محمد الغيثي رئيساً للجنة المصالحة.
صحيفة لوموند الفرنسية أشارت إلى ان "استراتيجية الرياض الجديدة تعتمد على المجلس الرئاسي المؤلف من ثماني شخصيات معارضة للحوثيين، والذي تم تشكيله يوم 7 نيسان/ أبريل الجاري، بتحريض من الرياض، حيث استعادت هذه الهيئة صلاحيات رئيس الدولة الفخري، عبد ربه منصور هادي، الذي دفعه حاميه السعودي إلى الهامش... وتأمل السعودية، من خلال توحيد جبهة مناهضة للحوثيين ذات مصداقية، في أن تكون قادرة على الشروع في فك الارتباط عن اليمن، أو على الأقل التراجع قليلاً. إذ لم تعد المملكة تريد الظهور كمحارب ومن باب أولى على أنها المحرض الرئيسي للصراع ولكن كوسيط يُنظر إليه على أنه محايد ومسؤول".
أما بالنسبة لصنعاء، فهي تدرك جيداً نيّة الرياض باستغلال الهدنة لإعادة ترتيب أوراقها، في حين يرجح مراقبون ان الأولى لن تتخذ قرار خرق الهدنة حتى في حال لم يتم تنفيذ أي بند من بنود الهدنة، إلا أنها ترتب، هي أيضاً، أوراقها للمرحلة القادمة التي قد تتسع فيها مروحة التصعيد لتشمل بنك أهداف موازٍ للمطالب، كتثبيت معادلة مطار الرياض مقابل مطار صنعاء، إضافة لما قد تشهده البلاد من صراع على النفوذ بين الميليشيات "حديثة الود" فيما بينها، والتي ستكون المعركة القادمة -اذا ما فشل الحل السياسي- هو أول اختبار ميداني لمغامرة السعودية.
الكاتب: غرفة التحرير