تستمر المفاوضات بالوساطة بين حركة حماس وكيان الاحتلال حول صفقة تبادل الاسرى الجديدة، مواقف ثابتة لحماس بالمضي بمطالبها حتى آخر لحظة مقابل مراوغة إسرائيلية، فالذي أٌجبر ورضخ للإفراج عن 1027 فلسطيني في سجونه مقابل جندي اسرائيلي واحد، لم ينسيه عقد من الزمن طعم الاستسلام والهزيمة، كما ان مسؤوليه ومحلليه لا يزالون يوجّهون له ألسنة الانتقادات اللاذعة.
إصرار حماس.. و"إسرائيل" غير مستعدة
تصرّ حركة حماس على مواقفها بشأن صفقة تبادل الاسرى التي يتم التفاوض على آليتها والأسماء وعن العدد الكامل للأسرى الفلسطينيين المُطالب بالإفراج عنهم مقابل الجنود الإسرائيليين الأربعة، فبعد زيارة الوفد من قيادات حماس واجتماعاته في القاهرة التي تقوم بدور الوسيط بين الحركة وكيان الاحتلال، أكدت حماس أنها تريد الافراج عن حوالي 600 أسير فلسطيني وعلى رأسهم مروان البرغوثي (قيادي في حركة فتح) والأسرى الـ6 الذين أعيد اعتقالهم بعد عملية نفق الحرية (خمسة منهم من حركة الجهاد الإسلامي، وواحد من حركة فتح) على اعتبار ان لا حسابات حزبية أو سياسية بهذا الملف، كما تطالب بإطلاق سراح المعتقلين مؤخراً إدارياً بدون حكم.
وفي وقت أعلن فيه عضو المكتب السياسي لحركة حماس، ومسؤول ملف الأسرى فيها، زاهر جبارين ان حماس "جاهزة لإتمام صفقة التبادل في أي لحظة"، يدعي رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بنيت انه غير مستعد لصفقة يقدّم فيها تنازلات كبيرة ومهمة، لان من شأنها أن تشكل تهديدًا كبيرًا لاستقرار حكومته نظرًا للمعارضة اليمينية لمثل هذه التنازلات، بحسب أوساط التحليل الإسرائيلية. وان حكومة الاحتلال تحاول فقط المراهنة على الوقت وتقديم بعض الايماءات المحدودة للفلسطينيين، وقد أدخل بنيت ألمانيا كوسيط جديد على خط المفاوضات عقب لقاءه مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل.
وفي المقابل تشير هذه الأوساط الى أن مع عدم إتمام الصفقة " فإن هناك مخاوف مبررة من احتمال اندلاع صراع عنيف آخر هناك في الأشهر المقبلة".
وأكثر ما يربك كيان الاحتلال هو هذا الإصرار من حماس على المطالب دون تنازل، وفصل الصفقة عن الوضع الإنساني في قطاع غزّة، فالاحتلال يعترف بأن قناعات فلسطينية جديدة انتشرت بعد صفقة تبادل الجندي جلعاد شاليط، مفادها أن أسر جنود إسرائيليين هو السبيل الوحيد للإفراج عن الاسرى الفلسطينيين من ذوي الاحكام الصعبة والمؤبدات، "خاصة بعد أن فشلت السلطة الفلسطينية ورئيسها في إطلاق سراحهم، وفهم الجمهور الفلسطيني أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذا الملف الشائك".
صفقة شاليط: استسلام من جانب "إسرائيل"
وتأتي هذه المفاوضات لصفقة تبادل جديدة مع مرور 10 سنوات بالتحديد على مبادلة الاحتلال لجلعاد شاليط مقابل أسرى فلسطينيين، والتي تمّت في الحادي عشر من تشرين الأول عام 2011، وهي تعد الصفقة الأولى في تاريخ القضية الفلسطينية التي تمت عملية الأسر ومكان الاحتجاز والتفاوض داخل أرض فلسطين.
تذكرها اليوم الأوساط الإسرائيلية بالصدمة التي لم تستفق منها، وتكشف عن ضعف يعاني منه هذا الكيان، وتضيف الأوساط أنها "انتصار هائل لحماس...هذه ليست صفقة، هذا استسلام".
ويعترف الإعلام العبري بانها "أفضل إنجاز تحققه حركة حماس، لأن جميع الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم، استطاعوا ان يقودوا حماس، وساروا بها في اتجاهات أكثر تشددًا وكرستها كنموذج لاي صفقة أخرى. وان "دولة لم تتمكن على مدى خمس سنوات من تخليص جندي من الأسر بوسائل أخرى لا يمكنها إلا أن تدفع الثمن".
الكاتب: غرفة التحرير