أثار الصندوق السيادي السعودي، الذي برصيده 650 مليار دولار، ويديره ولي العهد محمد بن سلمان، بكشفه وثائق سرية عدداً من الشكوك حول جدوى صفقة بملياري دولار لشركة جاريد كوشنر، "أفينتي بارتنرز" الجديدة.
حيث ان صحيفة "نيويورك تايمز" كشفت في تقرير لها عن ان مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، جاريد كوشنر، قد استطاع بعد 6 أشهر من مغادرته البيت الأبيض حيث عمل مستشاراً لصهره الرئيس السابق دونالد ترامب، تأمين استثمار بملياري دولار رغم الاعتراض من مستشاري الصندوق السيادي حول جدوى الاستثمار في شركة الأسهم الجديدة".
حيث عبرت لجنة متخصصة في دراسة الاستثمارات من المقدمة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي. وتركزت الاعتراضات على ما رأته اللجنة "قلة خبرة إدارة صندوق أفينيتي إمكانية مسؤولية المملكة عن معظم الأموال في الاستثمارات والمخاطر". ووجد التمحيص عن الشركات الجديدة أنها "ليست مرضية من كل الجوانب"، بالإضافة إلى أن المبلغ كبير وهناك مخاطر في العلاقات العامة نابعة من كوشنر ودوره كمستشار بارز في إدارة صهره ترامب. إلا أنه وبعد أيام قرر الصندوق، الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان الذي حظي بدعم كوشنر أثناء عمله في البيت الأبيض، تجاوز تحفظات اللجنة. وبحسب الصحيفة الأمريكية يرى خبراء أخلاقيات التجارة أن الصفقة تبدو وكأنها رد للجميل لكوشنر أو خدمة مقدما حالة عاد ترامب مرة ثانية إلى البيت الأبيض في انتخابات عام 2024.
وفي تقرير أعده ديفيد كيرباتريك وكيت كيلي، إن كوشنر "لعب دوراً مهماً في الدفاع عن الأمير محمد بن سلمان وبخاصة بعد مقتل صحافي جمال خاشقجي عام 2018. وتقول الصحيفة إن الصندوق السعودي قرر الاستثمار بطريقة سخية مع كوشنر وأكثر من الاستثمار مع وزير الخزانة السابق ستيفن منوشين والذي بدأ صندوق استثمار، ولديه تاريخ في الاستثمار الناجح قبل دخوله الحكومة، حسبما تشير الوثائق. فالمبلغ الذي التزم به الصندوق السعودي لشركته "ليبرتي استراتيجيك كابيتال" هو مليار دولار. وعبر متحدث باسم كوشنر عن فخره بالعلاقة التي أقامها مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي كغيره من المستثمرين. ولم يعلق الصندوق السعودي على ما كشفت عنه الوثائق. وكانت الصحيفة قد كشفت في الخريف الماضي عن محاولات كوشنر البحث عن أموال سعودية للاستثمار، وهو ما تكشف عنه الوثائق الجديدة مع المراسلات من ناحية وقت النقاش الذي دار بشأنها.
وتشير الصحيفة في تقريرها إلى أن مغامرة كوشنر التجارية اعتمدت في تلك المرحلة على المال السعودي. وخطط كوشنر لجمع 7 مليارات دولار، حسب وثيقة قدمت للصندوق السعودي في الصيف الماضي. ولكن يبدو أنه أقنع عددا قليلا من المستثمرين. ففي آخر بيانات قدمها إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات، وتعود إلى 31 آذار/مارس، أشار كوشنر إلى أن المال الرئيسي الذي تديره الشركة وهو 2.5 مليار دولار جاء من مصادر خارجية، ومعظمه من الصندوق السعودي.
وحسب الوثائق السعودية التي حصلت عليها "نيويورك تايمز" فإن السعودية ستحصل مقابل المبلغ المستثمر على حصة في الأداة الرئيسية لاستثمارات كوشنر وهي نسبة 28%. وتضيف الصحيفة أنه لا يوجد قانون أو قواعد تقيد نشاطات الاستثمار لمسؤولي الإدارة السابقين الذين تركوا البيت الابيض وانتفعوا من علاقاتهم التي بنوها أثناء عملهم، وهذا يصدق على الحزبين. إلا أن روبرت ويسمان، رئيس المجموعة غير الربحية "بابليك ستيزن" رأى في علاقة كوشنر مع السعوديين إشكالية مضيفا أن موقفه من المملكة وقيادتها كمستشار بارز تجعل الشراكة التجارية تبدو كمكافأة واستثمار في كوشنر بنفس الوقت.
ويقول المسؤولون السعوديون إن صندوق الاستثمارات العام الذي يملك حصصا في شركة أوبر ونادي نيوكاسل يونايتد البريطاني يعمل بطريقة مستقلة وبلجان استثمارات وبنية إدارية مدروسة. وعند صعوده إلى السلطة عام 2015 سيطر الأمير محمد على الصندوق وهو صاحب القرار الأخير فيه. وليس لدى كوشنر إلا خبرة قليلة في الاستثمار أو سجل معروف في الأسهم الخاصة، فقبل دخوله البيت الأبيض قام بإدارة تجارة عائلته في مجال العقارات، وبنتائج مخيبة في بعض الأحيان. وأفضل صفقة حققها بنجاح هي شراء برج مكاتب 666 فيفث افينيو في مانهاتن عام 2007 بـ 1.8 مليار دولار، إلا أن الصفقة أصبحت مشكلة بعد حالة الركود التي ضربت الاقتصاد في العام التالي.
ويقول الدبلوماسيون وخبرات أخلاقيات العمل خلال فترة ترامب إن عودته المتوقعة لإدارة عمل عائلته تمثل تضاربا في المصالح وعلاقته مع الأمير محمد والأثرياء العرب الذين يعتبرون من المستثمرين في الولايات المتحدة، ولهذا تقربت منهم عائلة كوشنر. وأشارت الصحيفة للعلاقات الخاصة والتحالف غير الرسمي الذي بناه مع ولي العهد السعودي ودفع باتجاه فتح علاقات دبلوماسية بين الدول العربية و "إسرائيل"، وهي واحدة من أولوياته، وساهم في التفاوض على اتفاقيات إبراهيم التي أدت لتطبيع دول في الخليج مع "إسرائيل". وبعد مغادرته البيت الأبيض أنشأ مؤسسة غير ربحية لتوطيد العلاقات بين الدول هذه، اقتصاديا وغير ذلك. وفي واشنطن ساهم كوشنر في التوسط بصفقة أسلحة بقيمة 110 مليار دولار إلى السعودية وعلى مدى 10 أعوام. وساهم في حماية الصفقة هذه وغيرها من غضب الكونغرس من التدخل في اليمن وبعد مقتل خاشقجي.
وتقول الصحيفة إن النقاش داخل صندوق الاستثمارات العامة السعودي بشأن استثمارات كوشنر يتناقض مع الطريقة السهلة التي مرر فيها صفقة استثمارات منوشين، الشريك السابق في غولدمان ساكس واستثمر في عدة أفلام بهوليوود. وتركز استثمارات منوشين على الأمن الإلكتروني والتكنولوجيا المالية والترفيه، وهي مجالات تهم السعودية. ومنحته تجربته في الخزانة الفرصة لكي يتعرف على النظام المالي الأمريكي وعمليات دمج الشركات.
وفي آخر تحديث قدمته شركته في 31 آذار/مارس أظهر أن مالية الشركة هي 2.5 مليار من 33 مستثمرا، منها السعودية ودول أخرى في الخليج. وتعاملت شركتي كوشنر ومنوشين مع الاستثمار السعودي كمستثمر رئيسي. ووافقت الشركتان على فتح مكاتب إقليمية في الرياض، وهو مطلب تقول الحكومة السعودية أنه سيشمل كل الشركات الدولية التي تقيم علاقات تجارية مع المملكة. وأحالت لجنة تقييم استثمار كوشنر باسم مشروع أسترو، ويترأس اللجنة ياسر الرميان، خريج هارفارد ومدير أرامكو أيضاً.
المصدر: نيويورك تايمز
الكاتب: ديفيد كيرباتريك وكيت كيلي