بحذر شديد، لا يقل عن حجم اليقظة في الجبهات والعمليات العسكرية، تتعامل حكومة صنعاء مع الهدنة المُعلنة أخيراً، والتي ستستمر لشهرين متتاليين. حيث سجلت الساعات الماضية عدة خروقات وصل عددها إلى 86 خرقاً في جبهات الحديدة الساحلية الواقعة غرب البلاد، في حين استحدثت ميليشيات التحالف تحصينات قتالية في حيس جنوبي المحافظة، مستهدفة بعض المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية بـ 14 صاروخاً وقذيفة مدفعية، تزامناً مع تحليق 8 طائرات استطلاعية، في الحديدة ونجران.
لناحية صنعاء، فإن هذه الهدنة "لا تلبي الحد الأدنى من متطلبات ومطالب الشعب اليمني" حسب ما أكد عضو الوفد اليمني المفاوض عبد الملك العجري، والذي أشار إلى ان "هدف صنعاء هو الرفع الكامل للحصار وكل الإجراءات التي تمس حياة المواطنين".
مضيفاً "إن نتيجة التعنت الذي واجهناه من التحالف في المسائل الاقتصادية وعدم دخول المشتقات تم التوصل إلى هذه الهدنة المؤقتة". مؤكداً على ان التحالف وعلى رأسه السعودية يركز على "خنق الشعب اليمني بعد إخفاقه عسكرياً وسياسياً فلجأ إلى الحرب الاقتصادية والتجويع".
أما عن سبب قبول حكومة صنعاء بهذه الهدنة فيرجعه العجري إلى ان الهدنة "تأتي لتخفيف المعاناة عن شعبنا والتمهيد للرفع الشامل للحصار والوصول إلى حل نهائي".
وتأتي هذه الهدنة بعد اجتماع عدد من الظروف جعلت من السعودية "مضطرة للنزول عن الشجرة وتسعى للخروج من المأزق الذي وضعت نفسها فيه" حسب تعبير وزير الاعلام في حكومة الإنقاذ في صنعاء ضيف الله الشامي.
والجديد في هذه الهدنة هو اختلاف ظروفها وتوقيتها، فبعد ان توصل الطرفان إلى انسداد الأفق السياسي نتيجة التعنت السعودي، مع عدم حسم المعركة من قبل أي طرف، وما قابله من تصعيد عسكري نوعي طال المنشآت النفطية في العمق السعودي، وجدت الرياض نفسها مضطرة لإبداء "حسن النية" والذهاب نحو هذا الحل والذي قد يكون نهاية لحربها التي فرضتها على اليمن. حيث كان من اللافت قبول الرياض بمبادرة مجلس التعاون الخليجي قبل انتهاء مهلة المبادرة التي كان قد أعلنها رئيس المجلس السياسي في صنعاء مهدي المشاط، بـ 6 ساعات.
دولياً، فقد ساهم توتر العلاقة ما بين السعودية والولايات المتحدة منذ وصول جو بايدن إلى سدة الرئاسة، وما تبع ذلك من "جفاء" وجفاء مضاد، ثم تبادل الرسائل تارة عبر الوساطات وأخرى عبر غض الطرف عن بعض ما يعني الطرف الأخر، كعدم استجابة واشنطن لمساعدة الرياض في صد هجمات القوات المسلحة اليمنية، وما قابله من عدم قبول لدى الرياض برفع انتاجها النفطي نزولاً عند رغبة واشنطن، في تهيئة الظروف لنضوج هذه الهدنة.
وعن مصير الهدنة، فمن المتوقع إذا ما أصرت واشنطن على استعمال ورقة الضغوط الاقتصادية، مع إصرار حكومة صنعاء منذ اليوم الأول على رفع الحصار، فإن ذلك سيعيد فتح الطريق مجدداً لتصاعد وتيرة العمليات العسكرية وهذه المرة قد تكون في مكان اشد إيلاماً.
الكاتب: غرفة التحرير