للمرة الثانية في دورته الجديدة، لم يتمكن البرلمان العراقي من انتخاب رئيس للجمهورية، بعدما تسلّمت رئاسة البرلمان قائمة من تحالف الإطار التنسيقي، تضم أسماء 126 نائب قرروا مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ما أفقد الجلسة نصابها القانوني، الذي يشترط حضور 220 نائب من أصل 329، حيث حضر فقط 202 عضو برلماني تابعين لتحالف إنقاذ الوطن، بالإضافة الى حركتي الجيل الجديد وامتداد المستقلتين ونواب مستقلين آخرين.
ليسارع بعدها رئيس المجلس "محمد الحلبوسي" في تحويل الجلسة الى جلسة عادية، ويتم تحديد الأربعاء المقبل، موعداً لجلسة جديدة لانتخاب رئيس الجمهورية.
وبالتالي استطاع الإطار التنسيقي من تأمين الثلث الضامن، وتوجيه ضربة قوية لتحالف إنقاذ الوطن، الذي يضم كلاً من التيار الصدري وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، ومنعهم من إقصاء أي قوة سياسية ذات شعبية، من المشاركة في عمليتي اختيار رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة.
وكانت المحاولة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية قد جرت، في الـ 7 من شباط /فبراير الماضي، لكنها أيضاً تحولت الى جلسة عادية بعد عدم اكتمال نصاب الثلثين. ومنذ ذلك الحين، طرأت على هذه العملية عدة تعديلات جوهرية. فبعدما كانت مرهونة بالتوافق بين القوتين الكرديتين (حزب الإتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني)، باتت اليوم تشهد معركة حامية، حيث يتنافس فيها 40 مرشحاّ، أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح (مرشح حزب الاتحاد) الذي يحظى بتأييد الإطار التنسيقي، ووزير داخلية إقليم كردستان ريبر أحمد (مرشح الحزب الديمقراطي) الذي يلقى دعم تحالف إنقاذ وطن.
الثلث الضامن
يضم الثلث الضامن القوى السياسية التالية:
_81 نائب من الإطار التنسيقي.
_18 نائب الاتحاد الوطني الكردستاني.
_12 نائب من تحالف عزم (المنفصلين عن النائب خميس خنجر).
_6 نواب من كتلة إشراقة كانون.
_5 نواب من الاتحاد الإسلامي والعدل الإسلامية.
_3نواب من كتلة صوت المستقلين، والنائب المستقل باسم خشان.
ووصف زعيم ائتلاف دولة القانون رئيس الحكومة السابق نوري المالكي - الذي يعتبر من أبرز قيادات الإطار التنسيق- ما جرى من كسر لنصاب الجلسة بأنه "انتصار" للثلث الضامن، مؤكداً في الوقت عينه عن عدم وجود النية لدى قوى الإطار في إقصاء أي جهة، وعدم قبولهم بدفع أي مكوّن نحو المعارضة، بل أن ما يهمهم هو تشكيل حكومة تقوم بواجباتها الذي لا يمكن له أن يحصل في ظل أجواء المناكفات.
فيما أكدّ زعيم تحالف الفتح الحاج هادي العامري، على أن الثلث الضامن قد تحقق. موجهاً الدعوة للجميع بالعودة الى التوافق، بعيداً عما وصفه بكسر الإرادات وتغييب الآخر، والتفاهم حول إدارة البلد في الفترة المقبلة.
وفي نفس السياق، وصف الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي ما حصل، بأنه تاريخي ومفصلي في إعادة توجيه العملية السياسية لمسارها الصحيح. موضحاً بأنهم في الإطار يسيرون في طريق الحوار والتفاهم، ولا يقبلون بكسر الإرادات، وأن الثلث الضامن يقف خلفه ثلثان من الشعب.
أمّا زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، فقد أعرب عن شكره للكتل التي حضرت جلسة مجلس النواب، الذين "ما أرعبهم تهديد ولا أغراهم ترغيب". مجدّداً الموعد معهم في الأربعاء القادم "مع من يلتحق مجددا لنزيح الفساد والتبعية والتوافقية: #حكومة_أغلبية_وطنية"، مؤكداً على عدم العودة للمحاصصة التي وصفها بـ"خلطة العطار".
وهذا ما يجعل السيد مقتدى الصدر، أمام خيارين لا ثالث لهما سوى الفراغ الدستوري، فإما أن يكمل المسار الذي بدأه مؤخراً، من توافق مع الإطار التنسيقي. وإما أن يجمع بقية النصاب قبل الجلسة المقبلة (18 نائب آخرين)، لينهي مفعول الثلث الضامن، من خلال الاتفاق مع نواب مستقلين، أو جذب الكتل والمستقلين الذين اتفق معهم الإطار التنسيقي.
الكاتب: غرفة التحرير