سريعاً ما بدأت تظهر التداعيات العالمية، لسلسلة العقوبات الأمريكية والغربية المفروضة على روسيا، التي تخطت حوالي الـ 2500 إجراء، بعد أن بدأت عمليتها العسكرية في أوكرانيا.
وأولى هذه التداعيات، ما بدأ يظهر في أسواق الطاقة العالمية، بعد فرض العقوبات التي تحد من شراء النفط الروسي، حيث لامس سعر برميل النفط الخام الـ 140 دولار أمريكي. ما سيؤدي حتماً، الى التضخم الاقتصادي في أغلب دول العالم.
أما بالنسبة للغاز، فقد ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وبلغت أكثر من 3200 دولار لكل ألف متر مكعب.
وقد أشار الكثير من الاقتصاديين، الى أن إيقاف معظم صادرات الطاقة الروسية، سيشكل صدمة كبيرة للأسواق العالمية. فبالنسبة للنفط، قد يؤدي فقد الأسواق لـ 5 ملايين برميل آتية من روسيا، إلى ارتفاع أسعاره حتى 200 أو 300 دولار للبرميل، وبالتالي انخفاض النمو الاقتصادي على مستوى العالم. خاصة وأن روسيا هي ثاني أكبر منتج للنفط الخام عالمياً، بمتوسط يومي حوالي 10.2 مليون برميل يوميا، وتنتج ما نسبته 17 في المائة من الغاز الطبيعي في العالم، ما يجعلها ثاني أكبر منتج للغاز.
أوروبا أكثر المتضررين
أما أكثر المتضررين من العقوبات فهي القارة الأوروبية، بحيث اعترف بذلك رئيس المجلس الأوروبي "شارل ميشيل"، الذي قال بأن العقوبات التي فُرضت على روسيا ستؤثر في أوروبا أيضاً، مشدداً على ضرورة استعدادهم لذلك.
وفي نفس السياق جاء تصريح وزيرة الصناعة الفرنسة "أنييس بانييه"، التي دعت الإدارة الأمريكية الى تحمل جزء من تداعيات العقوبات، حينما قالت إنه "من السهل بعض الشيء" من جانب الأمريكيين "تعزيز العقوبات التي ستطبق فقط على قارة واحدة والتي لن تلحق الضرر بقارة أخرى".
وأوروبا ما زالت تعتمد بشكل رئيسي على النفط والغاز الروسيين، رغم سعيها الدؤوب للاستعانة ببدائل أخرى، وذلك لأنها لا تزال بعيدة المنال وأكثر تكلفة.
ويشكّل الغاز الروسي أكثر من 40%، من واردات الغاز الأوروبية. فألمانيا فقط تستورد من روسيا ما نسبته 55٪ من غازها و42٪ من نفطها. وقد عبرت عن خطورة هذا الوضع، وزيرة الخارجية الألمانية "أنالينا بيربوك" في مقابلة لها مع قناة" ARD"، حينما وصفت فرض الحظر على واردات الغاز والنفط والفحم الروسي إلى أوروبا بالعمل غير الصائب. مضيفةً بأنه من غير المجدي القيام بتنفيذ العقوبات، وفي غضون 3 أسابيع الاكتشاف بأن الألمانيين لم يعد يمتلكون سوى أيام قليلة من التغذية بالكهرباء، ويتعين عليهم الرجوع عن العقوبات فوراً. مبينة بأن انقطاع الأنوار عن بيوت الأوروبيين وتجمدهم من البرد، لن يوقف تقدم الدبابات الروسية.
لذلك قد يؤدي نضوب الغاز والنفط عن أوروبا، جراء العقوبات الغربية أو إجراءات إدارة بوتين المضادة، إلى زيادة أكبر في تعرفة الطاقة لملايين الأُسر الأوروبية، وسينعكس أيضاً على التكاليف الإنتاجية، وبالتالي مضاعفة الأسعار مرتين أو ثلاث.
الكاتب: غرفة التحرير