دون الإدلاء بأي تصريح من على السجادة الحمراء أمام قصر الإليزيه، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. جملة الخطوات هذه التي شملت زيارة الأخير إلى اليونان، وقبلها استقباله الرئيس الأميركي جو بايدن بالسعودية، لم يكن ليحلم بها بن سلمان قبل عدة أشهر على بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. حيث أنها قد شكلت تغييراً جذرياً على وضعه المأزم.
خلال الأشهر الماضية، قام بن سلمان بجولات عديدة، انتقل خلالها من اصطفافه الثابت إلى جانب الإدارة الأميركية خاصة في عهد الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، إلى تموضع يمكّنه من استعمال هامش من المناورة على طريقة مد جسور العلاقات مع الدول التي كانت "مُبعدة" عن قائمة أصدقاء المملكة منذ وقت قريب.
النفط هو كلمة السر دون شك. فماكرون الذي تجاهل كل سردياته المعتادة عن حفظ حقوق الانسان، وناهض بن سلمان طيلة الفترة السابقة التي تلت اغتيال الأخير للصحفي المعارض جمال خاشقجي قبل حوالي 4 سنوات، اضطر لوضع "بند" أوردَه "كجزء من حوار الثقة بين باريس والرياض"، فيما قرر تعويم مصالحه النفطية ودعمها.
انتقادات حقوقية
الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، اعتبرت في تغريدة لها على "تويتر" قبيل الزيارة ان "تحسين صورة الأمير القاتل ستساق له الذرائع في فرنسا كما حدث في الولايات المتحدة بمقتضيات الواقعية السياسية. لنواجه الحقيقة!، المساومة لها الغلبة".
وفي حين برر مسؤول في الرئاسة الفرنسية للصحافيين إن "ماكرون سيتطرق لقضايا حقوق الإنسان"، أشارت الرئاسة الفرنسية بدورها، إلى انه "على مأدبة العشاء تناول ولي العهد السعودي وماكرون ضرورة النظر في الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا والأزمة الغذائية في الشرق الأوسط والمخاوف المرتبطة ببرنامج إيران النووي".
من جهة أخرى، فعلى الرغم من تأكيد بيان نشره مكتب ماكرون على التنسيق بين الدولتين، وعلى أهمية استمرار التنسيق مع السعودية لتنويع مصادر إمدادات الطاقة إلى الدول الأوروبية"، تمنى أحد الباحثين الفرنسين المنتقدين لسياسة ماكرون "ألا يكون ذلك مجرد تمنيات فرنسية" مشيراً إلى "تلافي ولي العهد السعودي الحديث عن اتفاق أو تفاهمات بخصوص النفط يثير الشكوك في التصريحات الفرنسية، ويعزز التكهنات التي تفيد بأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تمنيات فرنسية، خاصة أن السعودية أظهرت خلال الفترة الأخيرة موقفا متصلبا تجاه مسألة زيادة إنتاج النفط ورفضت الاستجابة لدعوات أميركية تطالب بزيادة الإنتاج".
وضمن إطار تطلعات باريس إلى تنويع مصادر الطاقة في أعقاب العملية الروسية، والتي أسفرت عن خفض موسكو إمدادات الغاز إلى أوروبا، زار ماكرون أيضاً القارة الغنية بالموارد النفطية والغذائية والمنسية من كل أنواع الدعم الجدي لتنتشل من أزمات الفقر، حيث أتت زيارته إلى الكاميرون وبنين وغينيا بيساو خلال الفترة من 25 وحتى 28 يوليو/تموز.
الكاتب: غرفة التحرير