الشهيد باسل الأعرج، مقاوم وثائر فلسطيني على طريقته الخاصة، حيث شكّل النموذج الشبابي الجامع بين العِلم والفكر الى جانب المقاومة. فخريج اختصاص الصيدلة ترك الكثير من الكتابات التي عبّرت عن رؤيته للصراع مع الكيان الإسرائيلي المؤقت أو مواجهة الشعوب العربية، لكافة أشكال الاحتلال.
ومن أهم ما ورد في كتاباته:
"من المفروض أن يكون العسكري في أيّ ثورة يحمل حمولة ايديولوجية وانخراطاً بالشأن السياسي قادرا على تعويض الفرق في القوة بينه وبين عدوه". فقد هدف الشهيد الأعرج الى بناء الشخصية الواعية وآمن أن كلّ فرد يجب أن يُقاتل وعلى المثقّف أن يتجاوز شغفه صفحات الكتب نحو رصاصات البندقية. ويضيف الشهيد "لا تمت قبل أن تكون ندّاً".
"حرّر عقلك واهدم صنماً: تنتهي الحرب عندما يهزم العقل"، حيث يشير الأعرج في هذه المقالة الى ضرورة معرفة "العدو" والوعي به، ثمّ الى ضرورة استحضار الفكر الذي لا يقبل التنازل، فلا يرضى أن يصل به الحال لقبول "الوضع القائم"، أي الظلم والاحتلال. ويوصي الأعرج بأن "لا تعتد رؤية الصهيوني حتى لا تألفها عينك قبل عقلك".
وأيضاً كتب الشهيد مقالة بعنوان "عش نيصاً... وقاتل كالبرغوث"، عكست شخصيته كباحث ومؤرّخ.
ومن ناحية أخرى حرص الشهيد على تنظيم ندوات تثقيفية في عدد من محافظات الضفة الغربية، كما نشط في "دائرة سليمان الحلبي" التي كانت تنظم محاضرات وطنية وتاريخية، وتناقش موضوعات تخصّ الفكر المقاوم.
البداية مع المظاهرات الشعبية
كانت بداية الشهيد الأعرج في المشاركة في المظاهرات الشعبية الداعمة لمقاطعة الكيان الإسرائيلي داخل فلسطين المحتلة وخارجها. كما تصدّر المظاهرة الشعبية الرافضة لزيارة كانت مقررة لوزير أمن الاحتلال السابق شاؤول موفاز، خلال عام 2012 إلى الضفة الغربية، وتعرّض خلالها للاعتداءات من أمن السلطة الفلسطينية.
وكان ناشطاً في التحركات المنددة بالاستيطان، ومن الأوائل المشاركين في فعاليات مقاومة قرية "الولجة" – مسقط رأسه - لمواجهة الاستيطان.
توثيق الثورة الفلسطينية
أطلق الشهيد الأعرج مشروعه الخاص في " توثيق محطات الثورة الفلسطينية" منذ ثلاثينيات القرن الماضي ضد الاحتلال البريطاني، وصولا إلى الاحتلال الإسرائيلي. فكان ينظم رحلات ميدانية للشباب لمعاينة مواقع عمليات المقاومة والمعارك التي وقعت، ويقدّم الشرح الشفهي لأهم الأحداث.
المثّقف المشتبك
في نهاية آذار عام 2016، اعتقلته الأجهزة الأمنية للسلطة وعُذّب في سجونها المدّة 5 أشهر وبعد خوضه اضراباً عن الطعام تم إطلاق سراحه في أيلول من العام نفسه، فيما استمرت قوات الاحتلال بمطاردة باسل لستة أشهر قبل استشهاده.
وقد قامت قوات الاحتلال باقتحام منزل عائلته مرات عديدة بحثاً عنه، وهدّدت العائلة لإجباره على تسليم نفسه إلا أنه لم يفعل. وفي السادس من شهر آذار عام 2017 حاصرت قوات الاحتلال فجراً بيتاً تواجد فيه الأعرج، ودخلته لتتلقّى رصاصات من بندقية باسل الـ M-16، فخرجت القوات وألقت على البيت قذيفة من نوع "أنيرجا" (قذائف مضادة للدبابات تطلق من بندقية تقذف قبلها خرطوشة فارغة مليئة بالبالستيت) أدت إلى تدمير أجزاء منه. ثم أعاد جنود الاحتلال اقتحام المنزل وإطلاق الرصاص على الأعرج، ليستشهد حاملاً لقب "المثقّف المشتبك".
وبعدها رفض الاحتلال تسليم جثمان الشهيد، وأبلغت السلطة الفلسطينية العائلة بأن كيان الاحتلال يشترط للإفراج عن جثمانه، أن تقوم العائلة بنقل بيت عزائه قرية "الولجة منطقة أخرى، لأن "الولجة" تقع قرب المستوطنات. فقام الأهالي برفع الأعلام الفلسطينية في منطقة بيت عزاء الشهيد رفضاً لما طلبه الاحتلال بمنع رفع الأعلام والرايات وتضامناً مع الشهيد باسل. ورضخ الاحتلال لعائلته، وتم تسليم الجثمان من دون شروط بعد أيام فقط.
الكاتب: غرفة التحرير