على مساحة 17 ألف كيلومتر مربع، تجري إيران والصين وروسيا مناورة بحرية مشتركة، ضمن خطة تعاون استراتيجي يجمع ما بين هذه الأطراف، يطلق عليها اسم "الحزام الأمني البحري 2022"، وهي الخطوة التي تبعث بها هذه الدول رسالة للعالم ان وجه المنطقة قد تغيّر. لا قرارات تؤخذ فرادى.
يشهد المحيط الأطلسي والهادئ إضافة لمساحات من البحر الأبيض المتوسط مناورة بحرية هي الثالثة التي تجمع ما بين بكين وطهران وموسكو في خطوات لتثبيت التحالف القائم فيما بينها وتفعيله عملياً بما يشمل كافة المجالات حتى العسكرية والأمنية منها وبما يتعدى الجوانب الاقتصادية والتجارية أيضاً.
مسؤول العلاقات العامة بالقوات المسلحة الإيرانية الأدميرال مصطفى تاج الدين أشار إلى أن "مناورات العام الجاري تنفذ تحت شعار "معا من أجل الأمن والسلام"، على مساحة 17 ألف كيلومتر مربع في الأجزاء الشمالية من المحيط الأطلسي". مضيفاً ان "هذه المناورات التي تعرف باسم "الحزام الأمني البحري 2022" هي الثالثة التي تنفذها الدول الثلاث، وهدفها ضمان الأمن والاستقرار، وتعزيز التعاون بين الدول المشاركة، وإظهار قدرتها على حماية أمن الملاحة البحرية".
وتشارك في هذه التدريبات قوات بحرية من القوات المسلحة الإيرانية وحرس الثورة الاسلامية، وتشمل "تدريبات متنوعة مثل إنقاذ سفينة تحترق، وتحرير سفينة مخطوفة، وإطلاق النار على أهداف جوية في الليل".
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها "ستجري مناورات في شهري كانون الثاني الجاري وشباط المقبل، مناورات بحرية ضخمة في جميع مجالات مسؤولية الأساطيل، بمشاركة أكثر من 140 سفينة حربية وسفن الدعم، وأكثر من 60 طائرة، وألف قطعة من المعدات العسكرية، ونحو 10 آلاف جندي".
وأوضحت في بيان لها ان "وفقاً لخطة تدريب القوات المسلحة لروسيا الاتحادية لعام 2022، ستجري المناورات تحت الإشراف العام للقائد العام للقوات البحرية، الأميرال نيكولاي إيفمينوف. و"التدريبات ستركز أساساً على عمل القوات البحرية والقوات الفضائية، من أجل حماية المصالح الروسية في المحيطات، ومواجهة التهديدات العسكرية التي تتعرض لها روسيا الاتحادية في البحر والمحيطات".
التنسيق الثلاثي في أعلى مستوياته
قائد البحرية الأدميرال شهرام إيراني، صرح على هامش المناورات المشتركة أن "الصين وروسيا دولتان لهما حضور في جميع المجالات، وفي جميع أنحاء العالم وفي مجال البحر أيضًا". مضيفاً "لقد كان للبحرية الاستراتيجية لجمهورية إيران الإسلامية كقوة إقليمية حضور جاد ونشط في المنطقة على مدار العقد الماضي، واليوم جميع الجهود التي تبذلها البلدان الثلاثة في مجال البحار هي على أساس السلامة والأمن البحريين".
واشار الى"أن الدول الثلاث، إيران والصين وروسيا، توفر الأمن والأمان البحري بشكل مستقل عن التحالفات الغربية"، مضيفًا: "من المهم جدًا أن تلتقي هذه الدول الثلاث باحترام متبادل".
وعن التنسيق المتكامل والمتزايد بين الأطراف يؤكد الأدميرال أنه "بالنظر إلى أن الاتجاه خلال العامين الماضيين كان من هذا القبيل بحيث أصبح التنسيق بين الدول الثلاث اليوم في أعلى مستوياته، فإن الصين وروسيا على حد سواء بتركيبة مختلفة عن السنوات السابقة ومع السفن الحربية والمدمرات. في هذه المناورات وقد أدى ذلك إلى زيادة تعقيد مزيج المعدات وزيادة عدد الأشخاص المشاركين في المناورة".
الرسائل التي تحملها المناورة المشتركة
تأتي هذه المناورة بالتوازي مع انعقاد المفاوضات النووية في العاصمة النمساوية فيينا. وهو أولاً رسالة تطمين إيرانية للصين وروسيا ان العلاقات معهما لن تتأثر مع أي نتيجة آلت إليها الأمور فيما يتعلق بالاتفاق النووي، وثانياً رسالة للولايات المتحدة أن طهران قادرة على إنشاء حلف قوي وعلاقات تعاون في مختلف المجالات بعيداً عن الهيمنة الأميركية ولا تنتظر نتيجة الاتفاق النووي -رغم أهميتها- للانطلاق بمشاريع تخدم تطلعاتها ومصالحها.
وهذا ما أكده رئيس الجمهورية الإسلامية السيد إبراهيم رئيسي خلال لقاءه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين اننا "نواجه أميركا معكم منذ أكثر من أربعين عاماً". وهو ما يعني اصطفاف دولي روسي-صيني-إيراني يجمعهم مسار العداء لحلف الناتو.
كما أن توقيت المناورة يأتي في خضم تأزم العلاقات الروسية مع واشنطن والدول الغربية، بعد اتهامات وجهت لروسيا أنها "تريد غزو أوكرانيا".
وتجدر الإشارة ان حلف الناتو بدوره كان قد أعلن على لسان البعثة الأميركية لدى الحلف أن " أن أكبر مناورات للحلف في منطقة القطب الشمالي ستحمل اسم "الرد البارد" (Cold Response). ومن المقرر أن تجري في أوائل شهر آذار المقبل". مشيرة إلى أنّ "35 ألف عسكري من 28 دولة سيشاركون في المناورات، بالإضافة إلى حاملة الطائرات الأميركية، "هاري أس ترومان".
الكاتب: غرفة التحرير