يواصل فلسطينيو النّقب لليوم السادس على التوالي مقاومة مشاريع الاحتلال الاستيطانية وحملات "التحريش" التهويدية الممنهجة التي تسلبهم أراضيهم، وإصرارًا على التمسّك بهويّتهم وانتمائهم الفلسطيني، ورفضاً لـ"أسرلتهم" او اعتبارهم جزء مما يسمى "الداخل" في الكيان الاسرائيلي.
ويشير الاعلام العبري الى "مخاوف إسرائيلية من اتساع رقعة المواجهات ودخول مناطق أخرى ذات الأغلبية الفلسطينية إلى دائرة الأحداث"، في وقت يصعّد أهالي النقّب المحتل من أشكال التصدّي حيث تمكنوا من إحراق مركبة "حارس أمني" للاحتلال وأقدموا على مهاجمة دوريات لشرطة الاحتلال فرب قاعدة "نفتيم" الجوية في النّقب.
وأعاد تهويد النّقب التذكير بالحالة التضامنية الواسعة التي شهدتها قضية حي الشيخ جرّاح في نيسان وأيار الماضيين، مما لا يزال يثبت التلاحم والوحدة في الصفوف الفلسطينية في المناطق كافة، وأنها الانجاز الذي لا يمكن التراجع عنه أو كسره رغم كل محاولات الاحتلال.
الساحة الرقمية
منذ معركة سيف القدس وما بعدها، صار الاحتجاج والاسناد الرقمي أداة وسلاحاً فعّالاً يتقن الناشطون الفلسطينيون استخدامه، وصار كيان الاحتلال ينظر الى ساحة الاعلام الرقمي كجبهة خاصة أيضاً، حيث عمد الى محاولة حجب أكثر من 600 صفحة على مختلف منصات مواقع التواصل الاجتماعي الداعمة للقضية الفلسطينية لما فضحته من جرائمه وعرّت صورته المزيّفة أمام الرأي العام.
وفي حديث خاص لموقع "الخنادق" يؤكد الصحافي الفلسطيني المختص بالإعلام الرقمي يوسف الحسني ان بعد عام 2021 يخرج الفلسطينيون بـ"بجيش الكتروني" مناصر يحمل همّ القضية الفلسطينية، ويتفاعل مع كل الأحداث، وهذا أسسته قضية الشيخ جراح، مروراً بعملية نفق الحرية في سجن "جلبوع" ، ووصولاً الى انتصار الأسير هشام أبو هوّاش، مما سمح بتشكيل "حاضنة رقمية مقاومة هي اليوم رأس الحربة بل أساس المعركة الميدانية والإعلامية".ويتابع الحسني "حين يفرض الاعلام الرقمي قضية معينة فإنها تؤدي الى تحرّك سياسي بل تحرّك أيضا من فصائل المقاومة".
واليوم في قضية النّقب، يقول الحسني إنها تلقى تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الإجتماعي وصل الى ذروته في حملة رقمية كبرى فلسطينية وعربية لا سيما في لبنان والاردن وسوريا والعراق واليمن، ووصلت أيضاً الى تحقيق صدى أجنبي عبر الوسوم الأجنية التي ساهمت في حضور النّقب وأحداثه على المواقع. ويتحدّث الحسني عن تصدّر وسم "أنقذوا النّقب" لليوم الخامس والسادس على التوالي على موقع "توتير". ويلحظ الحسني مشاركة من نشطاء وإعلاميين وحقوقيين عبّروا بكل أشكال التعبير الرقمي (الكلمة، الصورة، الشعارات....). وهذه الحملة لها حضور أيضاً على شاشة التلفزيون والإذاعات.
ويضيف ان الحملة الرقمية لنصرة الأهالي في النّقب آخذة بالتصاعد، ويؤكد من حيث تأثير وفعالية هذه الحملات أنها "اشبه بالمظاهرات الشعبية التي تحوّلت من الميدان الى الاعلام الرقمي" ويقول الحسني إن هذه الحملات لها تأثير "اولاً على الوعي العربي وإبقاء القضية الفلسطينة على سلّم أولويات الاهتمامات العربية ،وثانياً لها دور في تعزيز روح المقاومة في الشباب و الحثّ على الاشتباك، كما تقلّص المسافات بين النّقب و المناطق الفلسطينية الاخرى بما ينقل الصورة الحقيقة لما يجري ويشجّع على مزيد من التضامن الشعبي الميداني، ومن ناحية آخرى، يشير الحسني ان الحملات الرقمية يمكن أن تؤدي الى تغيير في القرارات وإيقاف لهجمات الاحتلال، وهذا ما شهدناه منذ فترة قصيرة في قضية الأسير أبو هواش حيث خضع كيان الاحتلال للضغط الفلسطيني والدولي.
أما من الناحية الميدانية، فشهدت المناطق الفلسطينية تحركات ناشطة دعماً ونصرةً للنقّب حيث توزعت على:
مناطق الداخل المحتل
مرّة جديدة يثبت الفلسطينيّون في المناطق المحتلة عام 1948 أنهم على تماس ومواكبة مع كلّ ما يدور من أحداث في كافة المناطق، وأنهم من يحملون الهم الفلسطيني أين ما وُجد، فخرجوا في مظاهرات في الشوارع دعماً واسناداً ورفضاً للهجمة الشرسة على النّقب، وكان للمظاهرات تأثيرها الذي بدا واضحاً في محاولات قوات الاحتلال قمعها، ففي كفر كنّا اندلعت مواجهات بين الشباب الذين عمدوا الى رشق آليات الاحتلال بالحجارة والتي رد عليها الاحتلال بإطلاق الناّر. أما في مدينة أم الفحم، فقد نظّمت وقفة تضامنية تحت شعار "نكبة النقّب لن تمر"، كانت جزء من سلسلة احتجاجات في العديد من البلدات.
القدس والضفة الغربية
أكد قادة ومحررون في حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية أن "انتفاضة النقب هي ساحة مواجهة مع الاحتلال، ويجب مساندتها ودعمها حتى تحقيق أهدافها المشروعة"، داعين الى "الوقوف رسمياً وشعبياً إلى جانب النقب وعدم تركه، بالاضافة الى ضرورة "مواكبة أحداث النقب لإشعال مناطق أخرى تحت الاحتلال".
أما في القدس، فقد انطلقت مظاهرة قطرية أمام مكتب رئيس حكومة الاحتلال في القدس المحتلّة بدعوة من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية في البلاد ومنتدى السلطات المحلية العربية في النقب، وهدفت المظاهرة الى "الوحدة والتكاتف واتخاذ خطوات عملية ومهنية مدروسة من أجل دعم نضال أهل النقب الشرعي".
قطاع غزّة
جابت المسيرات الاسنادية للأهالي النقب شوارع مخيم جباليا شمال قطاع غزّة وشارك فيها العشرات من الفلسطيين، وكذلك في مدينة رفح جنوب القطاع حيث نظّمت قبيلة "الترابين" وقفة احتجاجية وتضامنية مع أهالي النقب، رافعين شعار "أوقفوا نزيف الجراح، فالنقب كما الشيخ جرّاح".
الكاتب: غرفة التحرير