أسبوع لم يشهد له الكيان الإسرائيلي مثيل منذ سنوات طويلة، 3 عمليات مقاومة في الدّاخل المحتل، الأولى في بئر السبع، الثانية في الخضيرة، والثالثة قرب "تل أبيب". وقد شكّلت "حدثا استراتيجيا وأمنيا، لكنه سياسي أيضا" يضع رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت في موقف تبرير ما حدث أمام الرأي العام الإسرائيلي وشرح "كيف تنوي الحكومة مواجهة هذا التدهور الشديد"، حسب ما تذكر صحيفة "هآرتس" العبرية.
تحدي التصعيد
يظهر الارتباك واضحاً في الأوساط الإسرائيلية حيث الانقسام في الرأي حول التعاطي مع "هذه الموجة"، فاليمين المتطرّف دائماً ما يضغط في مثل هذه الحالات الى "المواجهة" بالعنف والتصعيد ويبدأ بالتحريض، ويشير موقع "والاه" العبري الى أن التصعيد الفلسطيني "أيقظ المعارضة... وهي تنوي الاستمرار في إشعال فتيل الغضب في الشارع اليميني". وقد ظهر عضو "الكنيست" اليميني المتطرف إيتمار بن غفير وهو يصرخ في وجه وزير أمن الاحتلال عومر بار ليف خلال كشفه على موقع عملية الخضيرة.
لكن السؤال المطروح اليوم، هل تستطيع "إسرائيل" المضي جدياً في خيار التصعيد وتحمّل تداعياته؟
أولا، إن القراءات لدى مراكز صناعة القرار جاءت خاطئة، فقد ركّزت على أن التصعيد محتمل في القدس والضفة أيام شهر رمضان، الا أنن العمليات وقعت في مناطق الداخل. وعلى الرغم من رفع حالة التأهب العسكرية والاستخباراتية على بعد العمليتين الأولى والثانية، فأن منفذ العملية الثالثة استطاع تجاوز الإجراءات.
ثانيا، ان قيادة تصعيد في هذه الفترة مع الحالة المشتعلة في الأساس في القدس والضفة الغربية والتي من المحتمل أن تتصاعد أكثر، ما يعني اضطرار الاحتلال الى "القتال" على جبهتين وهو ما سيشكّل ضغطاً كبيراً من المستبعد أن تتحمّله الأوساط الإسرائيلية.
ثالثا، يدرك كيان الاحتلال ان الساحات الفلسطينية (غزة، القدس والضفة، أراضي الـ 48) لم تعد ساحات معزولة، وهذا قد أثبتت ذلك معركة "سيف القدس"، فـ"تفجير الأوضاع" في الدّاخل والضفة، قد يشعل الجبهة الجنوبية. وقد عبّرت فصائل المقاومة الفلسطينية عن استعدادها للدفاع عن الداخل المحتل إذا استلزم الأمر. وبالتالي ان الدخول في تصعيد – غير مدروس أو يتجاوز قواعد الاشتباك – مع قطاع غزّة، قد يتدحرج نحو مواجهة إقليمية، تشعل بالدرجة الأولى الجبهة الشمالية.
مع معرفة الكيان الإسرائيلي بانشغال الغرب في العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتداعياتها – خاصة على الاقتصاد الأوروبي والأمريكي، واعتباره أن واشنطن "تنسحب" من الشرق الأوسط، قد يكون خيار التصعيد "مغامرة" تكلّف انعكاسات تهدّد "وجود" الكيان.
تسلّح المستوطنين لا يوقف المقاومة
في المقابل، اكتفت حكومة الاحتلال بإصدار قرارات تعزيز الشرطة وانتشار جيش الاحتلال في المناطق الداخلية المحتلة. حيث استقدمت شرطة الاحتلال 15 سرية من القوات الخاصة تضم أكثر من ألف جندي. أما في الضفة فـ"عّزز" جيش الاحتلال 12 كتيبة إضافية. وقرّر بنيت بالاتفاق مع بارليف تحويل ميزانية قدرها 181 مليون شيكل إلى الشرطة، لتعزيز عملها "وقت الطوارئ" على خلفية العمليات الأخيرة.
من ناحية المستوطنين الذين فقدوا الشعور بالأمان في الشوارع، فقد طلب رئيس حكومة الاحتلال من كافة المستوطنين الذين يملكون سلاحاً "مرخصاً" أن يحملوه معهم و"يستعملوه عند الضرورة"، كما أعلن نيته فتح باب التطوع في الجيش والشرطة "للمدنيين" ما سيمكّن المستوطنين من حمل السلاح خارج القاعدة العسكرية ومراكز الشرطة والإبقاء عليه في المستوطنات. وقد سُجلت زيادة الطلبات بعد العمليات بأكثر من 1773. لكن المستوطنين – ومن دون تراخيص السلاح – ارتكبوا الجرائم والانتهاكات بحق الفلسطينيين منذ تواجدهم في الأرض المحتلة ولم يمنع ذلك تصاعد عمليات المقاومة بل كانت السبب في تطويرها.
في النتيجة يبقى كيان الاحتلال دون استراتيجية واضحة في التعامل مع تهديدات المقاومة على الجبهة الفلسطينية.
الكاتب: غرفة التحرير