ان تحدي حركة طالبان يكمن في تشكيل حكومة قوية في كابل تستطيع إدارة الشؤون الداخلية للبلاد وتثبيت علاقاتها مع الدول المجاورة لها وحفظ الأمن، مما سيفتح مزيداً من أبواب التعاون الاقتصادي بين أفغانستان ودول العالم لاسيما إيران.
وفي مقابلة لرئيس السابق لمركز دعم أفغانستان، بوزارة الخارجية الإيرانية لمحسن روحي صفت"، في الموقع الإلكتروني لمجلس العلاقات الاستراتيجية، تحدّت فيها عن آفاق علاقات ایران وأفغانستان الاقتصادية في ظل التحولات المستجدة في أفغانستان وأشار الى ان " القيمة الإجمالية لواردات أفغانستان بلغت في العام الماضي نحو 7 مليارات دولار، خصصت 44٪ منها للبضائع إيرانية".
النص المترجم:
نمت العلاقات الاقتصادية بين إيران وأفغانستان في السنوات الأخيرة على الرغم من التطورات السياسية الأخيرة، وحدوث التقلبات على صعيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، غير أنه لا يمكن لأفغانستان في أسوأ الظروف، أن تتجاهل عمليات تجارتها الاقتصادية مع إيران.
وإن اقتصاد كل من إيران وأفغانستان يكملان بعضهما البعض نوعاً ما، وأفغانستان بحاجة إلى تلقي البضائع الايرانية، بالإضافة إلى أنها تحتاج إلى عبور السلع من خلال الأراضي الإيراني.
لقد شهدنا في السنوات الأخيرة، زيادة في حجم العلاقات الاقتصادية بين البلدين وكان لإيران تصدير ما تتراوح قيمته بين 3 مليارات دولار إلى 5 مليارات دولار من البضائع إلى أفغانستان، أهمها المواد الغذائية والآلات ومواد البناء والأدوات الهندسية والاتصالات السلكية واللاسلكية والنقل والأجهزة المنزلية والديكور والأثاث والأعمال الخشبية و"الموكيت" والأرضيات والأدوات الطبية والأدوات والألياف والمنسوجات والملابس والجلود ومستحضرات التجميل والسجاد والحرف اليدوية والسجاد المصنوع آليًا والمجوهرات.
ومع هذا الكم من التنوع في السلع، من الواضح أن أفغانستان بحاجة إلى تلقي المنتوجات الإيرانية المصدرة، ووفقاً لبعض الإحصاءات، تضاعف حجم صادرات إيران إلى أفغانستان بأكثر من الضعف في السنوات الخمس الأخيرة، كما وفقًا للبنك العالمي، أصحبت إيران في عام 2016، الشريك التجاري الأكبر لكابول. وكان هذا الاتجاه، في منحى تصاعدي أيضاً بعد ذلك الوقت، حيث بلغت القيمة الإجمالية لواردات أفغانستان في العام الماضي نحو 7 مليارات دولار، خصصت 44٪ منها للبضائع إيرانية.
وتعتبر أفغانستان بلداً غير ساحلي وليس له منفذا إلى البحر، لذلك لدى أفغانستان منفذ من خلال إيران وباكستان، كطريقتين سهلين لعبور بضائعها". في حين أن طريق العبور الصعب لأفغانستان يمر عبر أراضي جمهوريات آسيا الوسطى في روسيا، ولكن بسبب ارتفاع تكلفة النقل، ليست بمقدرة أفغانستان الاستفادة منه.
اهتمام أفغانستان بقدرات ميناء تشابهار
بما أن أفغانستان لا تميل للاعتماد على مسار واحد في منهجها الاقتصادي وتطالب بأن تكون منفتحة في تنفيذ سياساتها، بالتالي فهي لا ترغب، بتشكيل مسار علاقاتها الخارجية فقط من خلال باكستان لذلك، في كل مرحلة من حكم أفغانستان، تم اعتبار ميناء تشابهار بديلاً لطريق كراتشي.
واتفاقية "تشابهار" وتعاون العبور الثلاثي بين إيران والهند وأفغانستان الهادف إلى ربط آسيا الوسطى بالأسواق الدولية، أحد أهم المشاريع الاقتصادية المشتركة للبلدين، وحتى في الفترة المحددة التي حكمت فيها طالبان، كان هذا التوجه موجوداً وقد أعلن "ذبيح الله مجاهد" المتحدث باسم طالبان بأن تشابهار لا تزال مهمة بالنسبة لهم وأنهم يرغبون باستخدامه.
إعادة فتح الأسواق الحدودية
ونظرًا لحضور طالبان في جزء من حدود إيران في الفترة الماضية، وانعدام الأمن في هذه المناطق، فلم يكن من الممكن استخدام هذه الأسواق. لكن في ظل حكومة طالبان الرسمية، فمن المرجح أن يتم تنشيط هذه الأسواق العابرة للحدود بشكل أكثر فاعلية. بالطبع هناك محادثات جارية حتى الآن بين رجال الأعمال الإيرانيين والأفغان لاستئناف نشاط عمل هذه الأسواق،
يبدو أن قريبًا سنشهد مجموعة أنشطة من رجال الأعمال والتجار من قبل الجانبين، وفي هذا السياق أعيد فتح بعض هذه الأسواق بعد سنوات من الإقفال.
بالتأكيد لا يمكن تجاهل انعكاسات التطورات السياسية في هذا البلد، في حين تم تنظيم هذه العلاقات بطريقة متقدمة حيث يخدم مصالحنا والآن يتم دخول السلع الايرانية بسهولة إلى الجمارك الأفغانية، وفيما وصلت طالبان إلى السلطة، هي بجاجة إلى تسليم البضائع التجارية الى رجال الأعمال في أقرب وقت، لكي لا يتسبب بخلق عدم رضى داخلي على مستوى البلاد.
وعلى الرغم من انعدام الثقة عند بعض الاطراف إلا أن التطورات السياسية الأخيرة في البلاد لم تتمكن حتى الآن، من التأثير السلبي الجوهري على مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين. في حين تأثر النظام المصرفي وكان لغياب النظام المصرفي، نتائجه السلبية.
المنافسات على التواجد السياسي والاقتصادي في أفغانستان
ونرى أنشطة بعض الدول مثل قطر وتركيا للمشاركة في الساحة السياسية والاقتصادية لأفغانستان حيث لكل منهما تحديات وقيود على مستوى هذا الحضور.
وهناك حاجة الى المزيد من النشاط من قبل التجار ورجال الأعمال واهتمام الحكومة بدعمهم لتثبيت تواجدهم في أسواق أفغانستان، وفي حالة حدوث حروب أهلية وبسبب انعدام الأمن، لم يتمكن التجار ورجال الأعمال من الاستفادة بشكل أكبر من هذه الإمكانات. فيما يؤدي غير ذلك، الى نمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وبما أن للحكومة الأفغانية توجهاتها الخاصة بها، فلن تقبل بفرض الإملاءات من أي بلد، لذلك تطالب بالحفاظ على استقلالها وحرية عملها.
ولا ينبغي لغرف التجارة في البلدين أن تنتظر حدوث تغييرات على المستوى الحكومي ومن الطبيعي أنه يحق لمدننا الحدودية أن تواصل أنشطتها في هذه المناطق، لا أن تتبع البلدان البعيدة دخولهم هذه المناطق.
وان الوضع المستقبلي في أفغانستان من حيث مستوى العيش في حالة يرثى لها، لأن بعض البنى التحتية القديمة قد انهارت ولم يتم بعد إنشاء بنية تحتية جديدة، وبالتالي فإن أفغانستان تمر بضائقة اقتصادية صعبة للغاية من حيث الخدمات المصرفية والتمويلية وكذلك السلع والموارد.
المصدر: الموقع الإلكتروني لمجلس العلاقات الاستراتيجية
الكاتب: غرفة التحرير