تحوّل برنامج "بيغاسوس" الذي طوّرته شركة "أن اس أو" غروب الإسرائيلية إلى أداة تجسّس رقمية تُستخدم ضد الصحفيين والنشطاء، المعارضين لسياسات الاحتلال والمجازر التي يرتكبها. وأظهرت الوقائع أن هذا البرنامج يخدم الأجندات السياسية والأمنية للاحتلال، ويُوظف في تعقب وتصفية المقاومين والقادة، ضمن مشروع تُديره "إسرائيل" عبر شركاتها التكنولوجية الأمنية.
ما هي "أن اس أو" غروب؟
شركة إسرائيلية مختصة بتكنولوجيا التجسس السيبراني، تأسست عام 2010 في منطقة هرتسليا الإسرائيلية، شمال تل أبيب. على يد نيف كارمي، شاليف هوليو، أومري لافي، وكان أشهر منتَج قامت الشركة بتصنيعه هو برنامج التجسس "بيغاسوس". تواصل عملها بموافقة وزارة "الدفاع" الإسرائيلية وبالتالي أي صفقة بيع لبرنامجها لا تتم دون ترخيص من حكومة الاحتلال.
ما هو برنامج "بيغاسوس"؟
في البداية أي قبل تطوير البرنامج كان المستهدف يتلقى رابطاً مشبوهاً عبر رسالة نصية أو على تطبيق واتساب. وبمجرد النقر عليه، يتم تحميل البرنامج سراً على الهاتف دون أن يعرف صاحبه. أما في الإصدارات الأحدث فلم يعد هناك حاجة لإرسال رابط لأنه يمكن خرق الجهاز دون أي تفاعل من المستخدم. يكفي أن يتلقى المستهدف مكالمة فائتة عبر أي تطبيق على هاتفه، وبمجرد حدوث ذلك، يتم زرع "بيغاسوس" داخل الهاتف.
ما الذي يمكن أن يفعله بعد الاختراق؟
الوصول إلى المحادثات والرسائل النصية والتطبيقات (واتساب، تيليغرام...). بالإضافة إلى تسجيل المكالمات الهاتفية. وإمكانية تشغيل الكاميرا والميكروفون سراً. كما يمكنه تعقب الموقع الجغرافي للمستهدف.
من استهدف "بيغاسوس"؟
كشف تحقيق استقصائي ضخم نُشر في تموز/يوليو 2021 تحت عنوان "مشروع بيغاسوس" تعاونت فيه 17 وسيلة إعلام عالمية (منها الغارديان، الواشنطن بوست)، بالشراكة مع منظمة "فوربيدن ستوريز" ومنظمة العفو الدولية، وبيّن التحقيق أن البرنامج استُخدم ضد:
-أكثر من 180 صحفياً حول العالم (من الجزيرة، نيويورك تايمز)
-محامون، نشطاء، مدافعون عن حقوق الإنسان
-بالإضافة لتعقّب قيادات المقاومة، خصوصاً في غزة والضفة ولبنان
التداعيات والفضائح
اتُهمت "أن اس أو" غروب بالمساعدة في ارتكاب انتهاكات عديدة ففرضت الولايات المتحدة عليها عقوبات تجارية عام 2021. كما رفعت شركات مثل "أبل" و"واتساب" دعاوى قضائية ضدها. وبدأ ضغط شعبي ودولي لتجريم استخدام هذه الأدوات من دون رقابة دولية.
برامج أخرى
شركة "أن اس أو" غروب لا تبيع فقط برنامج "بيغاسوس"، بل طوّرت وطرحت أدوات ومنتجات أخرى في مجال التجسس السيبراني، جميعها موجّهة للاستخدام من قبل الحكومات والأجهزة الأمنية، منها:
إكليبس (تم الكشف عنه في 2023)
أداة لاختراق الأقمار الصناعية وأنظمة الاتصالات الفضائية. تستطيع تحديد مواقع الأفراد عبر الأقمار الصناعية حتى في حال تعطيل نظام "جي بي اس" العالمي.
فانتوم (نسخة مخصصة للولايات المتحدة فقط)
نسخة من "بيغاسوس" كانت تُسوّق بالتعاون مع شركة أميركية وهمية تدعى "ويست بريدج" للتكنولوجيا. واُستخدمت لمراقبة أميركيين وأجانب، وأثارت جدلاً كبيراً في الكونغرس.
سيركلز
أداة مختلفة عن "بيغاسوس"، تعتمد على استغلال ثغرات في بروتوكولات الهاتف الخلوي. يمكنها تحديد موقع أي هاتف في العالم، والتنصت على المكالمات، وقراءة الرسائل النصية. ولا تحتاج إلى اختراق الهاتف نفسه، فقط إلى رقم الهاتف.
فليمنغ
نظام يُسوّق على أنه مخصص لـ "تحليل البيانات الضخمة". يتيح عملية الربط بين المواقع، المحادثات، وصور المشتبه بهم، لبناء صورة عن الأهداف المحتملة وتحليل الأنماط.
تحتفظ "أن اس أو" بكثير من تفاصيل منتجاتها بسرّية شديدة، لكن تقارير أمنية تشير إلى أن لديها وحدات تطوير خاصة بـ:
-اعتراض البيانات من شبكات الانترنت العامة.
-اختراق الحواسيب الثابتة وليس فقط الهواتف.
-أدوات تحليل بيانات من كاميرات المراقبة والسيرفرات السحابية.
كيف نحمي أنفسنا؟
في زمن الاستباحة الرقمية لكل الوسائل التي يستخدمها الفرد في حياته اليومية، فإن الحذر أصبح واجباً على كل شخص، خصوصاً في بيئة مستهدفة مثل بيئة المقاومة.
ولهذا، يجب التنبه إلى الآتي:
-عدم مشاركة أي معلومات حساسة (سواء عن شخص، أو موقع، أو لقاء، أو نشاط) عبر التطبيقات أو حتى في محادثات خاصة.
-حتى المعلومات التي "يعرفها الجميع" قد تُستخدم لأذية أحدهم، أو لتحديد موقع، أو بناء خريطة علاقات.
-حذف المحادثات والصور والملفات غير الضرورية باستمرار من الهاتف.
-تفعيل التحقق بخطوتين لكل الحسابات.
-تحديث نظام الهاتف والتطبيقات أولاً بأول، لأن الثغرات القديمة هي بوابة الاختراق.
-تجنب الروابط أو الملفات المرسلة من أرقام مجهولة، وعدم الاستجابة لمكالمات غير معتادة أو مشبوهة.
الكاتب: غرفة التحرير