يبذل الكيان الإسرائيلي جهودًا حثيثة لمواجهة الخطر الذي يتهدده في الجبهات المحيطة به خاصة الجبهة الشمالية مع حزب الله، ولأجل ذلك يسعى دائما لإقامة المناورات المشتركة في إطار تبادل الخبرات العسكرية والأمنية، وأبرزها مناورة "نوبل دينا" التي تشمل بشكل تقليدي واشنطن واليونان.
وحول السعي الدائم "لإسرائيل" لترسيخ وتفعيل اتفاقيات التطبيع نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" مقالا حول مناورة "نوبل دينا" تشير فيه إلى أهمية إشراك مصر والامارات في المناورات القادمة.
النص المترجم:
"نوبل دينا" هي مناورة عسكرية سنوية متعددة الجنسيات تقودها "إسرائيل" وتركز على الأمن البحري في شرق البحر الأبيض المتوسط وتشمل تقليدياً اليونان والولايات المتحدة.
خلال المواجهة بين حماس و"إسرائيل" في أيار الماضي، حاولت الحركة استخدام صواريخ ومركبة غير مأهولة تحت الماء (UUV) لمهاجمة الأصول البحرية الإسرائيلية في شرق البحر المتوسط.
يجب على الولايات المتحدة و"إسرائيل" وشركائهما الإقليميين أن يتوقعوا من جمهورية إيران الإسلامية ووكلائها تطوير أسلحة ونشرها وتوظيفها في المجال البحري لمهاجمة سفن ومرافئ وبنية تحتية للطاقة البحرية.
لمواجهة هذا التهديد المتزايد، يجب على الولايات المتحدة تشجيع شركائها الأمنيين العرب و"إسرائيل" على توسيع مشاركتهم المتبادلة في التدريبات العسكرية المتعددة الأطراف، لا سيما تلك التي تركز على أمن الطاقة البحرية ومكافحة الإرهاب في شرق البحر المتوسط.
"نوبل دينا" تمثّل هذه الفرصة
أُجريت "نوبل دينا" هذا العام في آذار الماضي، في المياه الواقعة غربي قبرص وضمّت فرنسا وقبرص لأول مرة.
تضمنت التدريبات غواصة إسرائيلية وسفينة "روماح"، وهي سفينة صاروخية من طراز "ساعر 4.5" تحتوي على أنظمة مضادة للغواصات. شاركت البحرية اليونانية بفرقاطة من نوع "S"، وسفينة صواريخ سريعة الهجوم، وغواصة من نوع 214، وطائرة هليكوبتر، وطائرة دورية بحرية من طراز P-3B.
وشملت المناورة أيضاً سفناً من فرنسا وقبرص. أرسلت الولايات المتحدة طائرات P-8 إلى التدريبات من قبل (ونأمل أن ترسل المزيد من الطائرات والسفن في المستقبل). شحذت "نوبل دينا" القدرات المتعلقة بالوعي بالأوضاع البحرية، ومكافحة الإرهاب، وحماية الموانئ، والحرب ضد الغواصات، وحرب السطح، والبحث والإنقاذ.
إذا كانت التطورات الأخيرة تدل على شيء، فهو أن هذه القدرات تزداد أهمية.
في أيار وحزيران 2019، تعرضت ست ناقلات تجارية لأضرار جراء ما حدده تحقيق دولي على أنه ألغام لاصقة. حددت الحكومة الأميركية إيران باعتبارها الطرف الذي يقف وراء الهجمات، حتى أنها نشرت مقاطع فيديو لعناصر من الحرس الثورة يزيلون لغماً غير منفجر من جانب ناقلة نفط.
في الآونة الأخيرة، انخرطت إيران و"إسرائيل" في حرب ظل متبادلة بدأت تتزايد في عرض البحر.
وكما لاحظ ضابط عسكري إسرائيلي العام الماضي، "علينا أن نعتقد أنه أياً كان ما تملكه إيران"، يمكن للجماعات الإرهابية المدعومة من طهران، حزب الله وحماس، "أن تمتلكه أيضاً". بالفعل، طهران عملت لوقت إضافي لتزويد كل من حماس وحزب الله بأسلحة وقدرات إنتاج أسلحة وغيرها من المساعدات العسكرية والمالية.
عندما أطلقت حماس العديد من الصواريخ على منصة الغاز الطبيعي الإسرائيلية "تمار" في أيار، لم يكن ذلك مفاجئاً. كما حاولت الحركة نشر مركبة غير مأهولة تحت الماء من الساحل الشمالي لغزة، لكن القوات الإسرائيلية دمرتها.
بالإضافة إلى جمع المعلومات الاستخبارية، قد تكون المركبات تحت الماء غير المأهولة لحماس، وفقاً لبعض التقديرات، قادرة على حمل 30 إلى 50 كغ من المتفجرات، وتمكينها من الاقتراب من الأهداف ثم تفجيرها.
على الرغم من فشل هجماتها في أيار، ستواصل حماس العمل على توفير قدرات بحرية أكثر تقدماً، وستكون طهران حريصة على المساعدة.
وفي الوقت نفسه، يمتلك حزب الله بالفعل قدرات أكثر تقدماً، بما في ذلك صواريخ ساحل -بحر، ناهيك عن الطائرات المسيّرة الانتحارية ومركبات غير مأهولة تحت المياه. حدد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بوضوح المنصات البحرية كأهداف محتملة.
إذاً، ما العمل؟
قدم السناتوران بوب مينينديز (ديمقراطي من نيوجيرسي) وماركو روبيو (جمهوري من فلوريدا) مؤخراً قانون الدفاع والشراكة البرلمانية بين الولايات المتحدة واليونان لعام 2021. وفي الأسبوع الماضي، صوتت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لصالح تقديم مشروع القانون.
من بين أمور أخرى، يدعو التشريع من الحزبين، بحكمة، الولايات المتحدة إلى دعم "تدريبات التعاون الأمني البحري المشترك مع قبرص واليونان وإسرائيل". هذا أمر ذكي، ومناورة "نوبل دينا" القائمة توفّر أساساً مثالياً يمكن لواشنطن والقدس وأثينا أن تبني عليه.
يعتبر إشراك قبرص وفرنسا في "نوبل دينا" هذا العام خطوة إيجابية، لكن يجب ألا يتوقف المخططون عند هذا الحد.
نظراً لقلق القاهرة بشأن الجماعات الإرهابية واهتمامها القوي بحماية مصالحها في الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، ينبغي دعوة مصر للانضمام إلى مناورة "نوبل دينا" المقبلة. تتمتع الإمارات العربية المتحدة أيضاً بخبرة في مجال الأمن البحري ويجب دعوتها أيضاً.
إن إدراج دول عربية مثل مصر والإمارات العربية المتحدة في "نوبل دينا" يمكن أن يعزز اتفاقات أبراهام لعام 2020، وبناء تحالف موحد وقادر عسكرياً على نحو متزايد للرد على طهران ووكلائها الإرهابيين.
قد يشير البعض إلى أنه من السابق لأوانه مثل هذا التعاون العلني الظاهر بين الجيش الإسرائيلي والجيوش العربية. ومع ذلك، يمكن أن يلعب هذا التعاون دوراً إيجابياً في تشكيل الرأي العام العربي بمرور الوقت، لا سيما عندما تدعم مثل هذه التدريبات المصالح الأمنية المشتركة. وأي إحجام عن إضافة مصر والإمارات إلى "نوبل دينا" يتجاهل أيضاً حقيقة أن "إسرائيل" تعمل بالفعل مع شركاء عرب علناً في تدريبات عسكرية أخرى.
في مناورة Iniochos التي تستضيفها اليونان، وفي مناورة Nemesis في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، وفي مناورة Sea Breeze التي تُجرى حالياً في البحر الأسود، يتدرب الجيش الإسرائيلي بالفعل إلى جانب القوات العسكرية المصرية و/أو الإماراتية.
من خلال إضافة مصر والإمارات العربية المتحدة إلى "نوبل دينا" وتوسيع نطاق المناورة وتعقيدها مع مرور الوقت، يمكن لواشنطن والقدس وأثينا تأمين المصالح المشتركة في شرق البحر المتوسط وتعزيز وحدة واستعداد تحالف مكافحة الإرهاب من طهران ووكلائها الإرهابيين.
المصدر: جيروزاليم بوست
الكاتب: غرفة التحرير