"سنواصل ضرب العدو في كل الأماكن التي تستطيع أقدام ألوية الناصر صلاح الدين الوصول إليها...سنضربهم في قلبهم"، بهذه الكلمات حدّد القائد جمال أبو سمهدانة، مؤسس لجان المقاومة الشعبية، رؤيته لمواجهة الكيان المؤقت حيث كرّس حياته خدمةً لتطوير عمل المقاومة ومراكمة قدراتها.
السيرة الجهادية
ولد عام 1963 في مخيم المغازي للاجئين على مقربة من دير البلح وسط قطاع غزة حيث قضى طفولته. شارك أبو سمهدانة في الفعاليات الشعبية عام 1981 التي انطلقت في قطاع غزة قبل أن يغادره إلى مصر ومن هناك إلى دمشق ثم المغرب ثم تونس حيث بقي سنتين، وانتقل الى ألمانيا حيث التحق بالكلية العسكرية وتخرج منها مهندساً للدبابات عام 1989 قبل أن ينتقل إلى الجزائر ثم إلى بغداد.
معارضة نهج السلطة الفلسطينية
بعدها رجع الى الجزائر حيث التقى بالدكتور الشهيد فتحي الشقاقي (مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين) وتأثّر به، وروى بعض العارفين بالشهيد "أبو عطايا" انه في ذلك الوقت بدأت فكرة تشكيل خلايا مقاومة إسلامية تتبلور في ذهن القائد، قبل أن يعود إلى قطاع غزة ضمن صفوف القوات الفلسطينية العائدة بموجب "اتفاق أوسلو" عام 1993 على الرغم من معارضته للاتفاق.
في غزة عمل في الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية، ونجح في انتخابات حركة فتح في رفح وفاز بعضوية إقليم رفح. ولكنه لم يرض عن الفساد في أجهزة السلطة الأمنية وتم اعتقاله بعد قيادته لمظاهرة ضد السلطة. كذلك تم اعتقاله لأكثر سنة بسبب مشاركته مع حركة الجهاد الإسلامي في عمليات نفذتها في الداخل المحتل، وفي غزّة.
كما يُذكر أنه جعل من بيته ملجأ آمناً لقادة في المقاومة الفلسطينية من مختلف الفصائل آنذاك. وتوطّدت علاقته بالقائد العسكري الأول في "قسم" محمد الشيخ خليل. كما قاد الشهيد أبو سمهدانة الهجوم على سجن رفح لتحرير القائدين في "القسّام" رائد العطار ومحمد أبو شمالة.
التصنيع العسكري الأول: عبوات وقنابل يدوية
عند بداية اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000، بارد القائد أبو سمهدانة الى تصنيع الأكواع (مواسير حديدية صغيرة) المتفجرة والقنابل اليدوية والعبوات البسيطة، واستخدمها – الى جانب مجاهدين آخرين- لاستهداف أليات الاحتلال. وطوّر تكتيكاً جديداً يقوم على استدراج آليات الاحتلال لتباغتها المجاهدون ويشتبكون مع الجنود.
تأسيس ألوية الناصر صلاح الدين
بعد فترة من تصاعد فعاليات الانتفاضة أسس أبو سمهدانة لجان المقاومة الشعبية وجناحها جناحًا عسكريًا أطلقت عليه ألوية الناصر صلاح الدين، وتسلّم مسؤولية الأمانة العامة في اللجان. وظّف علمه وخبرته في سلاح الدروع، كان من بين الذين أدخلوا سلاح القاذف المُضادّ للدروع (RPG7) لقطاع غزة ما ساهم في تطوير عمل الألوية. بالإضافة الى صبّ الجهد في بناء منظومة الصواريخ والأسلحة.
برز اسم ألوية الناصر صلاح الدين بعد أربع عمليات متتالية لتفجير دبابة الاحتلال "ميركافاه" حيث قتل خلالها عدد كبير من الجنود، ما وضع القائد أبو سمهدانة وعدد من قادة اللجان في دائرة الملاحقة الإسرائيلية. ثمّ مع تصاعد عملها العسكري بدأ الضغط عليها وحصارها من السلطة الفلسطينية لقطع سبل الدعم الماديّ، فتواصل القائد مع قيادة حزب الله في لبنان في محاولة لتأمين مصادر الدعم.
ومن ناحية ثانية، حاول "أبو العطايا" نقل الخبرات العسكرية الى الضفة الغربية حيث أرسل عدة مجموعات مختصّة بتصنيع العبوات الموجّهة والصواريخ لكنّ "شاباك" الاحتلال اعتقل الأفراد فيما بعد.
الشهادة
تعرض في مسيرته الجهادية لأربعة محاولات اغتيال، الا انه في تاريخ 8 حزيران / يونيو عام 2006 اغتالت قوات الاحتلال القائد سمهدانة في غارة جوية على أحد مواقع تدريب الألوية.
وفي الذكرى الـ16 على استشهاده قال مدير المكتب الإعلامي للجان المقاومة في فلسطين محمد البريم أن" الأمين العام المؤسس للجان المقاومة في فلسطين" الشهيد جمال أبوسمهدانة " مثل إضافة نوعية وقوية في طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني وأدخل معادلات فاعلة وجديدة أربكت حسابات قادته المجرمين ودفعته ثمنا باهظا مقابل جرائمه بحق شعبنا وأرضه ومقدساته مضيفاً لقد "تعاظم الفعل المقاوم للجان المقاومة وذراعها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين بعد ارتقاء القائد" الشهيد ابو عطايا" دليلاً دامغا على فشل سياسة الاغتيالات في وقف مسيرة مقاومة شعبنا وعجز العدو بكل أدواته عن منع لجان المقاومة من التقدم والتطور العسكري". وكانت ألوية الناصر صلاح الدين قد كشفت عن صاروخها "أبو عطايا"، عام 2016 خلال عرض عسكري نظّمته لمناسبة الذكرى الـ17 على إنطلاق لجان المقاومة الشعبية.
الكاتب: غرفة التحرير