السبت 28 حزيران , 2025 01:20

شكوك أميركية متزايدة حول فوردو ومصير النووي الإيراني

تساؤلات حول صحة الادعاءات الأميركية بشأن تدمير البرنامج النووي الإيراني

في الوقت الذي حاولت فيه الولايات المتحدة إضعاف البرنامج النووي الإيراني عبر ضرب منشآته، يطرح المقال الذي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، تساؤلات مهمة حول حقيقة حجم الضرر الذي أصاب هذا البرنامج، وما إذا كانت طهران لا تزال قادرة على المضي قدماً في تطوير قدراتها النووية السلمية. وكيف أن الادعاءات الأميركية بشأن "تدمير شامل" قد يكون مبالغاً فيها، وكيف يمكن أن تؤدي الضغوط العسكرية إلى تعميق الأزمة وإفشال الحلول الدبلوماسية. كما يبرز أهمية الحوار والمفاوضات كأساس لتجنب التصعيد الذي لا يخدم أحداً.

النص المترجم:

مُدمَّر، مُتدهور أم لم يُمسّ؟

ما هي الكلمة الأنسب لوصف حالة البرنامج النووي الإيراني بعد أن استهدفت الولايات المتحدة ثلاث منشآت لتخصيب اليورانيوم؟ هذا السؤال، الذي أثار جدلاً كبيراً في واشنطن خلال الأسبوع الماضي، ليس مسألة لغوية فحسب، بل إن مآلات الصراع مع إيران تتوقف على إجابته.

إذا كانت الضربة الأميركية قد "دمّرت بالكامل" البرنامج النووي الإيراني، كما يصرّ الرئيس دونالد ترامب، سيتعيّن على إيران أن تأتي إلى طاولة المفاوضات وهي تقدّم "تنازلات". أما إذا كانت الضربة الأميركية قد أسفرت عن أقل من تدميرٍ كامل، فقد تشعر إيران بأنها قادرة على حماية برنامجها النووي في وجه القوة النارية الأميركية الهائلة. وفي هذه الحالة، قد تصبح الدبلوماسية ضرورة لا مجرد خيارٍ مفضّل، وقد تغدو المفاوضات أكثر صعوبة بالنسبة لترامب.

في الوقت الراهن، لا تزال الحقائق غير واضحة

تقدير مسرّب لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية يشير إلى أن الضربة الأميركية أخّرت البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط، وقد خرج بعض أعضاء مجلس الشيوخ الذين حضروا إحاطة سرّية حول الضربة وهم يعتقدون أن هذا هو الواقع.

أحد الأسئلة المطروحة هو ما إذا كان الإيرانيون قد نجحوا في نقل بعض، أو حتى معظم، مخزونهم من اليورانيوم عالي التخصيب إلى مواقع أخرى أكثر أماناً.

قبل الضربة الأميركية، كان يُعتقد أن إيران تمتلك نحو 880 رطلاً (ما يقارب 400 كيلوغرام) من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% وهي نسبة قريبة من نسبة 90%. صور الأقمار الاصطناعية التي أظهرت شاحنات مصطفّة خارج منشأة فوردو المحصّنة تحت الأرض -وهي الهدف الرئيسي للقنابل الأميركية المخصصة لاختراق التحصينات- إلى جانب تحرّكات لمركبات قرب منشأة أصفهان، توحي بشدة بأن المخزون قد تم نقله. واللافت أن الحاويات التي تضم الـ 880 رطلاً من اليورانيوم المخصب يمكن أن تُنقل في عدد قليل من صناديق السيارات الخلفية.

والمنطق البسيط يشير إلى أن الإيرانيين لم يكونوا ليتركوا كامل مخزونهم من اليورانيوم المخصب في موقع واحد، خاصة بعد أن شنت "إسرائيل" هجومها الأول في 13 حزيران/يونيو.

السؤال الكبير الآخر هو ما إذا كانت الضربة الأميركية قد دمّرت أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي تحتاجها إيران لتخصيب اليورانيوم الذي ما زال بحوزتها أو قد تحصل عليه لاحقاً أو ما إذا كانت هناك أجهزة طرد أخرى موجودة في مواقع سرّية لم تخضع للتفتيش في السابق.

ففي حال كانت تلك الأجهزة لا تزال تعمل، يمكن للجمهورية الإسلامية أن تسرع في إنتاج وقود نووي جديد.

ومع ذلك، فإن المعرفة التقنية التي راكمتها إيران على مدى عقود لا يمكن قصفها أو محوها بالقوة.

ولحسن الحظ، يبدو أن ترامب مستعد لإعادة الانخراط دبلوماسياً مع إيران لكن حتى الآن، ترفض طهران التفاوض، وتقاطع المحادثات مع واشنطن، وقد أقرّ نوّابها قانوناً لتعليق التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

النظام الإيراني لا يزال يترنّح من أسبوعين من الضربات الجوية العنيفة، وقد لا يكون في عجلة من أمره للعودة إلى طاولة المفاوضات.

لكن يجب استئناف المحادثات

وخاصة إذا كانت الولايات المتحدة لم تُدمّر بالكامل القدرة النووية لإيران، سيكون من الحكمة أن يعرض ترامب حوافز مشروطة، مع الإبقاء على خيار التصعيد العسكري مطروحاً مع ضرورة الحفاظ على هدف واضح ومحدد يتمثل في "كبح الطموحات النووية الإيرانية"، بدلاً من توسيع الأهداف.

إذا أصرت إيران على مواصلة برنامج نووي مدني -وهو ما تؤكد حكومتها أنه حق سيادي- فيمكن تحقيق ذلك من خلال شراكات دولية، وتحت رقابة صارمة، ووفق آليات تفتيش دقيقة.

في غياب حل دبلوماسي، فإن أفضل السيناريوهات الممكنة سيتطلّب من الولايات المتحدة و"إسرائيل" خوض لعبة "جد الخلد"، عبر السعي المستمر لاكتشاف المواقع النووية. وفي المقابل، ستسعى إيران إلى ابتكار أساليب أكثر دهاءً لإخفاء برنامجها النووي وحمايته.


المصدر: The Washington Post

الكاتب: Editorial




روزنامة المحور