يؤكّد العدوان الإسرائيلي على منطقة البقاع اللبناني، في 13/03/2025، على حقيقة واضحة ينبغي الإقرار بها وحسم التوافق عليها، وهي بأن الدولة اللبنانية لن تستطيع حماية البلد بالاعتماد على الدبلوماسية والقرارات الدولية، بل اعتماد القوة العسكرية أي المقاومة، كسبيل وحيد ومجرّب لتحقيق ذلك.
ففي خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 27 تشرين الثاني / نوفمبر 2024. شن الطيران الحربي الإسرائيلي، بالأمس الخميس، غارتين على منطقة البقاع مستهدفاً فيهما مرتفعات بلدة "قوسايا" بقضاء زحلة، ومحلة الشعرة-جنتا الواقعتين في جبال السلسلة الشرقية قرب الحدود السورية.
ولم ترد معلومات عن وقوع إصابات جراء الغارات، إلا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي زعم بأنهما كانا لمنع المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله، من تفعيل إحدى المنشآت الاستراتيجية.
وبعيداً عن صحة هذه المزاعم من عدمها، فإن العملية الإسرائيلية خرقٌ واضح لاتفاق وقف إطلاق النار، ويضاف الى عدد الانتهاكات الذي تخطى ألفي انتهاك، والذي خلّف ارتقاء 82 شهيداً وسقوط 279 جريحا على الأقل، وفق البيانات الرسمية اللبنانية.
الانقسام الداخلي عامل مساعد للاحتلال
علاوة على ذلك، تؤثر الانقسامات الداخلية بين الأحزاب اللبنانية ورؤيتها المختلفة تجاه إسرائيل، على إضعاف موقف الدولة اللبنانية في مواجهة انتهاكات الاحتلال، وخاصة الأحزاب والقوى والشخصيات المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية. فهذا الفريق ينظّر لحماية لبنان عبر الردود الدبلوماسية أو القانونية من خلال الأمم المتحدة، وهو ما أثبت فشله طوال عقود من الصراع مع الكيان المؤقت. والأخطر من ذلك وجود أحزاب ووزراء في الحكومة تقوم بتبرير خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار، مثل وزير الخارجية يوسف رجي الذي صرّح ويصرّح دائماً بأن الحق يقع على حزب الله مثلما قال مؤخراً: "إسرائيل تبرر بقاءها في النقاط التي تحتلها بأنها لن تخليها قبل نزع سلاح الحزب وإمساك الجيش اللبناني بزمام السيطرة على الأرض. في المقابل، يبرر الحزب عودته إلى ما يسميه مقاومة وحمل السلاح بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي، رغم القرار الواضح للدولة بنزعه والتزامه بتسليم سلاحه إلى الجيش".
معتبراً بأن الدولة لا تملك اليوم "إلا تنفيذ التزاماتها، وممارسة أقسى الضغوط والمساعي الدبلوماسية مع الدول المعنية للضغط على إسرائيل للانسحاب". مشترطاً بأن دور المقاومة "كبير ومسؤولية كذلك في مساعدة الدولة، وليس تقديم الذرائع التي تزيد الضغط الدولي على لبنان وتحرم اللبنانيين من الدعم المالي لإطلاق مشروع اعادة الإعمار. وعلينا هنا ان نعترف انه كلما تأخرنا في تنفيذ تعهداتنا، زادت الضغوط، وارتفعت الكلفة واضطررنا إلى القبول بشروط أقسى. فانتشار الجيش في جنوب الليطاني لا يعتبر بالنسبة إلى الخارج كافياً لأنه يبقى ناقصاً إذا لم يستكمل بالانتشار في شماله"، وهذا ما لم يرد أصلاً في الاتفاق!!
القيود العسكرية للجيش اللبناني وصمت اليونيفيل
أما الجيش اللبناني فهو يعاني من عجز عسكري كبير، مما يجعله غير مجهز لمواجهة التوغلات الإسرائيلية، كما يعاني من نقص التمويل، ويفتقر إلى الأسلحة المتطورة، ويعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، وخاصةً من الولايات المتحدة، التي تشترط على الجيش عدم استخدام مساعداتها ضد إسرائيل!!
وتلعب الأمم المتحدة، من خلال اليونيفيل، دورًا رقابيًا في جنوب لبنان، لكنها تفتقر إلى قدرات إنفاذ القانون. فبينما تُبلّغ اليونيفيل عن الانتهاكات الإسرائيلية، إلا أنها لا تملك تفويضًا لمنعها، مما يحدّ أكثر من قدرة لبنان على محاسبة إسرائيل.
الكاتب: غرفة التحرير