تطرح عودة دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة الأميركية أسئلة حول مصير ملفات عدة في الشرق الأوسط، ومن بينها مصير صفقة التطبيع المعرقلة. فما بين رأي يقول إن ترامب سيعيد إحياء الصفقة فور وصوله وستكون على سلم استحقاقاته لإنجازها بداية العام المقبل على أن تحمل معها نهاية للعدوان على غزة، رأي آخر يقول إن الصفقة باتت حلماً مؤجلًا مع حكومة متطرفة وتوجه إدارة ترامب الجديدة إلى تأييد مشروع ضم الضفة ورفض إقامة دولة فلسطينية.
في الأسبوع الأخير من أكتوبر 2024، أجرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن آخر محاولاتها لتحصيل أي إنجاز قبيل انتهاء ولايته، فتوجه كبير الدبلوماسيين الأميركيين أنتوني بلينكن من تل أبيب إلى الرياض مباشرة، في إطار جولة شرق أوسطية استبقت انتخابات الرئاسة الأميركية، وفي مقدمة ملفاتها: التطبيع السعودي – الإسرائيلي.
ومن مطار "بن غوريون" دعا بلينكن للتركيز على "الجائزة الاستراتيجية" ويقصد بها ملف التطبيع مع السعودية، منوّها الى أن "السعودية ستكون في قلب التغيير بما يشمل احتمال تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
والتغيير الذي يتحدث عنه بلينكن هنا، يقصد به مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، وهو حلم أمريكي – إسرائيلي قديم، ظهرت موجته الجديدة بعد أيلول 2001، وأعيدت محاولات إحيائه مع الحرب على لبنان عام 2006، حتى وصل إلى قمته مع ما يعرف بالربيع العربي.
وبتاريخ 23 أكتوبر، أجرى بلينكن مباحثات مع الحاكم الفعلي للمملكة ولي العهد محمد بن سلمان، في جولته الـ11 منذ بداية العدوان على غزة، رأى خلالها أن "الوقت قد حان لتحويل هذه النجاحات إلى نجاح استراتيجي مستدام"، على أن "التركيز يجب أن يكون على إعادة الرهائن وإنهاء هذه الحرب، ووجود خطة واضحة بشأن ما سيلي ذلك"، وللسعودية في هذا الشأن دور محوري بحسب المشروع الأميركي.
لكن هذه المباحثات، تصطدم بعراقيل عدّة، أهمها التعنت الإسرائيلي في رفض مطلب وقف العدوان على غزة، وهو مطلب تناور الرياض عليه، ليس حرصاً منها على مأساة الإبادة الفلسطينية، وإنّما كمكسب لتمرر تطبيعها أمام العالمين العربي والإسلامي.
ومن بين العراقيل أيضاً، عدّاد فترة بايدن الرئاسية التي شارفت على الانتهاء، ومراهنة الجانبين السعودي والإسرائيلي على جوائز فورية تقدّم لساكن البيت الأبيض القديم الجديد دونالد ترامب، وهو صاحب العلاقات الوطيدة مع هذين الطرفين. وبالتالي قرار سعودي – إسرائيلي بتأجيل الاستحقاقات الهامة إلى حين تسلم ترامب مقاليد الحكم رسمياً، ليبنى على الشيء مقتضاه.
يمكنكم تحميل المادة بشكل كامل من هنا
الكاتب: مودّة إسكندر