يعقد اليوم اجتماع مجلس الوزراء المصغر للبحث في موضوع وقف إطلاق النار على لبنان، وإن لم تكن تسريبات الإعلام العبري مجرد مناورة سياسية لنتنياهو، فإن اللبنانيين باتوا قريبين من التوصل إلى نهاية الحرب على لبنان، وبعيداً عن تكهنات الشروط السياسية لوقف إطلاق النار، فإن الواضح أن القرار 1701 سيكون حاضراً باعتباره بنداً جرى التوافق عليه بحذافيره، ولم يكن الوصول لهذه النقطة المفصلية من المفاوضات لولا الصمود الأسطوري للمقاومة منذ بداية العدوان على لبنان، ومنع الاحتلال من تحقيق أي إنجاز ميداني باحتلال أي قرية حدودية والمكوث فيها.
على الصعيد الميداني ليوم أمس، وبعد ساعات من إعلان صحيفة معاريف عن نقل قائد اللواء السابع المدرع في جيش العدو الذي قال "نواجه بجنوب لبنان مقاتلين يتحصنون في المنازل وتحت الأرض ويستخدمون المسيرات والهجمات المفاجئة. البرد القارس وهطول الأمطار بجنوب لبنان يشكل تحدياً كبيراً لنا". بدأت معظم الاستعدادات العسكرية الصهيونية على طول الجبهة عمليات قطع التماس مع المقاومة الإسلامية والملفت في ذلك هو التزامن بين ذلك الإجراء في كل الجبهات بتفاوت لا يتعدى الست ساعات مما يوحي بأن ذلك ناتج عن قرار قيادي على مستوى قيادة الجبهة الشمالية وهيئة الأركان العامة لجيش العدو.
ثمة تفسيرات لهذه الخطوة وهي أن الوضع على الجبهة اللبنانية متجه إلى إحدى الحالات التالية:
- إعادة تجميع تحضيراً للمرحلة الثالثة والأوسع من العملية البرية والتي تتطلب اعادة بناء استعدادات تصل إلى مستوى الألوية (وهذا الاحتمال ضعيف بسبب ضحالة النتائج التي خرجت بها أربع فرق جرى تنشيطها في المرحلة الثانية للحرب).
- إعادة تجميع القوات وفقاً لترتيبها وانتشارها الأساسي بسبب تعديل خطط المرحلة الثانية وبهدف ترميم فوضى النشر العشوائي المؤقت لاستعدادات كبيرة بعضها بلغ مستوى كتائب جرى نقلها من محاور إلى أخرى ومن فرق إلى أخرى مما أثر على جاهزية الجهود التي كان العدو قد بدأها في المحورين الثاني والثالث وهما منطقة عمليات الفرقتين 36 و91.
- تجميع القوات في المناطق التي يمكنها الاحتماء فيها من استهدافات المقاومة تمهيداً لتطبيق انتشار يتلاءم مع ارتفاع احتمالات وقف إطلاق النار وحاجة العدو إلى تجميع قواته في المرحلة الفاصلة بين وقف إطلاق النار والانسحاب من لبنان وإن كان من مئات الأمتار التي جرى الدخول اليها.
- تنظيم القوات لتنفيذ انسحاب معظمها فور إعلان وقف إطلاق النار.
هذا الحراك يدل على عدة أمور أهمها أن حالة القوات المنتشرة التي كانت تنفذ مناورات هجومية سيئة في محاور الخيام (الفرقة 210) ودير ميماس تل النحاس (الفرقة 91) وعيناتا عيترون مارون الراس (الفرقة 36) وتخوم البياضة وأطراف شمع وطير حرفا (الفرقة 146) وإنها في وضع قتالي لم يعد يسمح لها بجهود هجومية جديدة بسبب الظروف المناخية السيئة "كما قال قائد اللواء السابع المدرع" وعدم إمكانية تدخل الطيران الحربي والمسيرات بفعالية لإسناد أو لتأمين القدر المتيسر من المعلومات الاستخبارية في مناطق القتال.
وأن العمليات التعرضية التي تنفذها المقاومة والتي تطال بالمسيرات والمحلقات الانقضاضية والصواريخ القوات المتوغلة ومناطق تجمعاتها الميدانية ومسارات تقدمها وطرق إمدادها وتموينها وهذا يتضمن كل محاور المناورة الهجومية التي تتشابه في وضعيتها العملياتية السيئة والمتراجعة. كما أن تكثيف المقاومة في الساعات الـ 72 الماضية لعمليات قنص الدروع وتدميرها ألزم العدو باتخاذ خطوات سريعة لتجاوز تكرار خطأ وادي الحجير في حرب تموز عام 2006.
مما أضّطره للتراجع في محور الخيام وسحب استعداداته من الدروع في جنوب وشرق الخيام إلى المستعمرات الملاصقة أو الى بوابة عمرا. كما اضطره للانسحاب من شمال وغرب دير سريان باتجاه شرقها بسبب استهدافها المتكرر بالمدفعية والصواريخ الموجهة من مناطق المواجهة في الشقيف وأرنون والغندورية. أما في محاور القطاع الغربي، فقد انسحب العدو من أطراف شمع والبياضة بعد تكبده خسائر توازي 14% من دروعه نتيجة للتصدي البطولي لتشكيلات المقاومة ومجموعات ضد الدروع للدبابات وناقلات الجند المدرعة المتوغلة فحتى إعداد هذا التقرير بلغ عدد الدبابات المدمرة منذ يوم السبت 23-11-،2024 تسع دبابات بالإضافة إلى ناقلتي جند مدرعة ومدفع ذاتي الحركة. أما في المحور الثاني فقد قطع العدو الاشتباك في مثلث الموت (عيتا الشعب – رامية – القوزح) وبات معظم الاستعداد الموجود هناك يبعد أكثر من 900 متر عن المناطق التي يحتمل العدو وجود المقاومة فيها. نفس الأمر تكرر في محوري عيناتا ومارون الراس وفي ميس الجبل وأطراف مركبا الشرقية.
ختاماً، يبقى سيناريو وقف إطلاق النار هو الأرجح على المدى المتوسط، خاصةً مع ضغوط الوسطاء الدوليين ورغبة الطرفين في تجنب حرب واسعة النطاق. وقد يسبق وقف إطلاق النار جولة جديدة من التصعيد المحدود من قبل العدو. وستواصل المقاومة الضغط على القوات الصهيونية من خلال العمليات النوعية والكمائن واستهداف الدروع وتجمعات القوات، بهدف رفع كلفة بقاء العدو في الأراضي اللبنانية ودفعه إلى الانسحاب، وستبقى المقاومة على أهبة الاستعداد لأي تصعيد من قبل العدو، مع القدرة على توجيه ضربات مؤلمة لأهداف استراتيجية في العمق الإسرائيلي إذا تطلب الأمر.
الكاتب: غرفة التحرير