تتوزع الخسائر التي مُني بها كيان الاحتلال خلال عدوانه على لبنان على عدد من الأصعدة. غير أن الأكثر كلفة من الناحية الاستراتيجية تلك التي تتعلق بأركان "الدفاع" والتي جعلت من الكيان محصناً والأكثر قوة في المنطقة. وفي الوقت الذي بدأت تضع الحرب أوزارها مع قرب التوصل إلى اتفاق مع لبنان، نشر موقع حدشوت بزمان العبري أن "المشروع الرائد الذي كان يفتخر به نتنياهو "ندى السماء" وهو قيمته بالمليارات دمرته طائرة مسيرة".
في 3 تشرين الثاني عام 2021 أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية، عن دخول منظومة "ندى السماء" حيّز التفيذ، تهدف من خلاله إلى "الكشف والتحذير من تهديدات متقدّمة في الشمال من سوربا ولبنان".
و "ندى السماء" هي منظومة "تتألّف من بالون عملاق، جرى تطويره في السنوات الماضية في إطار تعاون إسرائيلي- أميركي، وتُعتبر إحدى المنظومات الأكبر من نوعها في العالم".
وطُوّرت المنظومة في إطار برنامج مشترك بين مديرية "حوماه" في وزارة الأمن لتطوير الأسلحة، والوكالة الأميركية للدفاع من الصواريخ، وتشمل بنية تحتية جوية طوّرتها شركة TCOM الأميركية. فيما طوّرت الصناعات الجوية الإسرائيلية أجهزة الرادار فيها.
حينها، أوضحت وزارة الأمن في بيان لها أنه "سيتمّ نصب البالون في موقع مخصّص له في شمالي فلسطين المحتلة، بنته شعبة الهندسة والبناء التابعة لوزارة الأمن". وتفاخر وزير الأمن قتها بيني غانتس بالقول أن "نجاح هذه المنظومة الجديدة يضع سوراً دفاعياً بنته إسرائيل ضد التهديدات الجوية البعيدة والقريبة التي يطوّرها أعداؤها. وبواسطة قدرات كشف هذه التهديدات، ومنظومة الدفاع المتعددة الطبقات (لاعتراض الصواريخ)، سيتمّ الحفاظ على تفوّق إسرائيل في المنطقة، وتوفير حيّز من الأنشطة العملياتية المطلوبة من أجل الحفاظ على أمنها".
هذا "الانجاز الذي سيشكل عنصراً هاماً في تعزيز الدفاع عن حدود الدولة ضد تهديدات متنوّعة، وتدمج قوات في الدفاع والهجوم، تدافع عن سماء دولة إسرائيل وسيادتها" بحسب ما ذكر قائد سلاح الجو الإسرائيلي، عميكام نوركين، خرج عن الخدمة بطائرة مسيرة أرسلتها المقاومة بعد ما زارها "الهدهد" سابقاً وعاد بمعلومات استخباراتية دقيقة عن مكان تواجده وتفاصيل العمل الموكل إليه".
وصف المحلل الأمني في صحيفة هآرتس العبرية يوسي يملمان، هذا الحدث "الصعب والخطير" معترفاً بأنه "إنجاز استراتيجي لحزب الله، الذي اخترقت مسيراته نظام الدفاع الجوي".
صحيفة وول ستريت قالت في صدد حديثها عن الأزمة التي يتعرض لها نظام الدفاع الجوي الاسرائيلي والثغرات التي كشفت عنها الحرب أن "حزب الله كثيراً ما يرسل عدداً من الطائرات المسيرة في وقت واحد، واحدة على الأقل للاستطلاع وأخرى محملة بالمتفجرات. كما تم ضرب معدات عسكرية حساسة، بما في ذلك نظام Drone Dome المضاد للطائرات بدون طيار الذي تبلغ تكلفته ملايين الدولارات في يونيو ومنطاد المراقبة الراداري Sky Dew في أيار/ مايو".
وتضيف الصحيفة في تقرير آخر أن "القبة الحديدية تكافح للتعامل مع تحدي الطائرات المسيرة... وكان البديل هو تدافع المقاتلات النفاثة، وهو حل مكلف ويحتمل أن يكون خطيرا يجبر الطيارين على التحليق على ارتفاع منخفض في المناطق الجبلية ويعرضهم لأنظمة «حزب الله» المضادة للطائرات.. عندما يفشل كل شيء آخر، يطلب من الجنود الإسرائيليين استخدام بنادقهم".
اجتهد كيان الاحتلال طيلة الحرب لايجاد حل للطائرات المسيرة التي تركت بصمتها على مختلف أنظمة الدفاع الجوي حتى المتطورة منها والأكثر حداثة، حتى أن منطاد "ندى السماء" الذي أصيب ترك بدوره قلقاً بالغاً في نفوس مطوريه ومشغليه في آن. فهو وان كان يسعى لتطوير المزيد من أجهزة الرصد والتجسس والانذار المكبر ثم أنظمة الدفاع، هو في نهاية المطاف مضطر لنصبها على طول الحدود الشمالية. وأثبتت الأحداث والوقائع أنه ليس من المطلوب التدمير الكامل لأي منظومة تدميراً كاملاً حتى يتحقق الهدف، يكفي تعطيلها أو اشغالها لاحداث الخرق بالصواريخ أو الطائرات المسيرة، وعلى ما يبدو أن جيش الاحتلال سيكون مجدداً أمام معضلة جديدة بعد تحييد "ندى السماء" خلال هذه الحرب.
الكاتب: غرفة التحرير