الأربعاء 18 أيلول , 2024 03:07

كيف تكون وسائل التواصل الاجتماعي أحد أهداف العملية الأمنية الاسرائيلية؟

لم يغفل كيان الاحتلال عند إحصاء نتائج عمليته التي استهدفت أجهزة الاتصال اللاسلكية "بيجر" والتي طالت مختلف الأراضي اللبنانية، تعداد الكم الهائل من المعلومات التي حصل عليها من وسائل التواصل الاجتماعي ومنها وجوه شبان مقاومين جرحى، وأسماء آخرين.

هذا الصيد الثمين، كان أحد أبرز أهداف العملية الأمنية الإسرائيلية، التي يهندسها الموساد ويشرف على تنفيذها عبر مسارين: الأول، إطلاق الجيوش الالكترونية لبث الشائعات والفتنة أو التعاطف لجذب التفاعل ومشاركة الصور والاحداثيات وغيرها. والثاني، توظيف خلايا رصد لتحليل المعلومات والوقائع وايرادها بتقارير ترفع للقيادة الأمنية.

تعد وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً هاماً للمعلومات لدى الأجهزة الأمنية والاستخبارية في العالم. لكن الاستفادة القصوى منها وتجييرها لتخدم الهدف المنشود، تكون عادة، من نصيب الأكثر تفوقاً تكنولوجياً. كما يعد اغفال هذا الجزء من خطة الإعداد المسبق لأي عملية أمنية أو عسكرية مفترضة، خاصة لدى كيان الاحتلال والأجهزة الاستخبارية الغربية، اخفاق قد يفشل جزءاً هاماً منها وهو تقييم الضرر الحاصل وقطف معلومات أمنية لن تتوفر بفرصة أخرى.

وتعمل هذه الخلايا على عدد من المعايير:

الدعاية والمعلومات المضللة: تنطوي الدعاية على النشر المتعمد للمعلومات المضللة للتأثير على الرأي العام والسلوك. على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن للحملات الدعائية الوصول بسرعة إلى جماهير كبيرة من خلال الإعلانات المستهدفة والحسابات المزيفة والجهود المنسقة لتضخيم بعض الروايات. يمكن أيضاً أن تنتشر المعلومات المضللة، بعد أن تتم مشاركتها دون نية خبيثة، بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وغالباً ما تغذيها الإثارة من جهة وطبيعة الحدث والطبيعة الفيروسية للمحتوى -أي الخوارزميات- عبر الإنترنت.

التجسس السيبراني والمراقبة: يمكن استغلال منصات التواصل الاجتماعي للتجسس من خلال جمع البيانات المتاحة للجمهور والتسلل إلى حسابات المستخدمين ومراقبة الأنشطة عبر الإنترنت. يمكن استخدام المراقبة على وسائل التواصل الاجتماعي لجمع المعلومات الاستخباراتية عن الأفراد والمنظمات والحكومات، وتوفير معلومات قيمة لتخطيط وتنفيذ حملات حرب المعلومات.

العمليات النفسية: تهدف إلى التأثير على عواطف ومواقف وسلوكيات الجماهير المستهدفة. يمكن أن تتضمن استخدام الرسائل المستهدفة والمحتوى المشحون عاطفياً والمعلومات المضللة للتلاعب بالتصور العام وزرع الفتنة. وغالباً ما تستغل هذه العمليات الانقسامات والتوترات الاجتماعية القائمة، وتضخيمها لتحقيق أهداف استراتيجية.

ولتحقيق هذه الأهداف يتم الاستعانة بـ:

شبكات الروبوت والحسابات الآلية: تستخدم هذه الشبكات، لتضخيم الرسائل ونشر المعلومات المضللة والتلاعب باتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن لهذه الروبوتات أن تخلق وهم الدعم الواسع النطاق لرواية أو قضية معينة، مما يؤثر على التصور العام والتغطية الإعلامية.

التزييف العميق: استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور ومقاطع فيديو وصوت واقعية ولكنها خاطئة. يمكن استخدام هذه التقنيات لتلفيق الأدلة وانتحال شخصية الأفراد ونشر معلومات كاذبة. تشكل تقنية التزييف العميق تحديات كبيرة لاكتشاف المعلومات المضللة ومواجهتها، حيث يمكن أن تكون مقنعة للغاية ويصعب تمييزها عن المحتوى الحقيقي.

اختطاف الهاشتاغ والتلاعب بالاتجاه: يمكن لهذه التقنية تعطيل المحادثات وإرباك الجماهير واختطاف اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي. يتم التلاعب بهذا الامر عبر استخدام الجهود المنسقة، بما في ذلك شبكات الروبوت ومزارع المتصيدين، للترويج لعلامات تصنيف وروايات محددة، مما يخلق مظهراً للشعبية.

الاستهداف الجغرافي والتكتيكات الخاصة باللغة: يتضمن الاستهداف الجغرافي تصميم حملات حرب المعلومات لمناطق جغرافية محددة، واستغلال القضايا المحلية والفروق الثقافية الدقيقة لزيادة الفعالية. تتضمن التكتيكات الخاصة باللغة إنشاء محتوى بلغة الجمهور المستهدف، باستخدام التعابير والمراجع المحلية لتعزيز المصداقية والتأثير. تسمح هذه الاستراتيجيات للجهات الفاعلة بالتواصل مع مجموعات سكانية محددة والتأثير عليها بشكل أكثر فعالية.

وبغض النظر عن نوايا الناشرين والمتفاعلين مع الحدث، فإن عدم التصرف بوعي، والانجرار وراء الاخبار المغلوطة أو تجيير وقائع الحدث لبث الرعب أو الفتنة، أو الكشف عن معلومات أمنية وشخصيات حساسة، فإن النتيجة واحدة، وهي إنجاح عملية العدو وأهدافه.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور