الجمعة 18 تشرين أول , 2024 09:18

الاستهداف الإسرائيلي لليونيفل.. فرض واقع جديد خارج القرار 1701

قوات اليونيفيل جنوب لبنان

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف قوات "يونيفيل" جنوب لبنان، حيث أطلق منذ أيام قذيفة مدفعية على المدخل الرئيسي لمركز القيادة بالناقورة، بينما استهدفت دبابة ميركافا أحد أبراج المراقبة على الخط العام الذي يربط صور بالناقورة، مما أسفر عن إصابة جنود من الكتيبة السريلانكية وتسبب في أضرار بمدخل المركز. وتزامن هذا الاستهداف مع ما دعا إليه السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون بنقل قوات "يونيفيل" جنوب لبنان لمسافة 5 كيلومترات شمالاً "لتجنب الخطر" بسبب تصاعد القتال بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

كما يأتي الاستهداف بعد أقل من 48 ساعة على هجمات سابقة، تعرضت فيها مواقع "يونيفيل" لضربات مماثلة أدت إلى تعطل بعض معدات المراقبة وإصابة اثنين من عناصرها في انفجارين قرب نقطة مراقبة حدودية، محذرة من تعرض قواتها لـ"خطر شديد". وقالت يونيفيل في بيان "إن ما حدث يشكل تطوراً خطيراً" وأكدت ضرورة ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها، واحترام حرمة المباني الأممية في جميع الأوقات "كما أن أي هجوم متعمّد على جنود حفظ السلام يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن 1701".

لابد من الاشارة هنا إلى حجم الانتهاكات الاسرائيلية للقرار 1701 منذ تاريخ اقراره في 2006، وهذا دليل إضافي على عدم التزام هذا الكيان بالقرارات الدولية، وما يقوم به اليوم هو استكمال لسياسة الضغط التي يمارسها على القوات الدولية لجعلها أداة تخدم مشروعه الاحتلالي وتغطي على جرائمه وانتهاكاته المستمرة.

من هذا المنطلق ووفقا لمسار الانتهاكات الاسرائيلية المستمر للقرار 1701، وخطة الالتفاف على دور ومهام القوات الدولية، نطرح في هذه المادة المرفقة أدناه العناوين التالية:

- مخاطر استهداف القوات الدولية يونيفيل واهدافه.

- محاولة فرض دور جديد لليونيفيل في جنوب لبنان

- تعديل مهام اليونيفيل ومشروع قرار فرنسي-امريكي جديد للبنان

الاستنتاجات التي توصلت إليها الدراسة:

فيما يتعلق بمشروع  القرار المقترح لوقف الحرب بين لبنان والكيان المؤقت، اللافت أن هذا المشروع لا يقتصر فقط على وقف إطلاق النار، بل يجمع بين جملة قرارات دولية، ومبادرات سياسية، فيشتمل على وقف النار، وترسيم الحدود، وإنهاء الصراع الحدودي، وضمان عمل القوات الدولية، ونزع سلاح حزب الله، وتطبيق القرارات 1559، 1680، و1701، بالإضافة إلى الدعوة لتغيير جذري بالسلطة وتركيبتها، من خلال إنجاز تسوية سياسية وإجراء انتخابات رئاسية أو انتخابات نيابية مبكرة، يتم بعدها انتخاب رئيس وتشكيل حكومة من قوى سياسية جديدة أو من "التكنوقراط".

باختصار مشروع قرار خطير الهدف منه السيطرة على مستقبل لبنان السياسي والأمني وحتى الاقتصادي والاجتماعي وهذا يبدو ليس فقط تدخلاً سافر في الشؤون الداخلية للدول وهو مبدأ اساسي من مبادئ الامم المتحدة (قاعدة آمرة فاعلة)، ولكنه يتجاوز ذلك للتخطيط ولفرض شروط لإدارة البلاد وتقييدها والسيطرة على مقدراتها ومكمن قوتها وحماية امنها القومي وهو المقاومة، ومحاصرتها وصولاً الى فرض حظر على تعاملاتها وسياساتها.

واضح أنّ الكيان المؤقت بقصفه المتكرر على قوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) في لبنان، يريد إخراج هذه القوات من جنوب لبنان، بعد انتفاء الحاجة إليها. يبدو أنّ الكيان لا يريد وجود قوات تابعة للأمم المتحدة، ولديه سجل حافل بذلك، حيث سبق وقصف العديد من الممثليات والمنظمات الدولية، في غزة خاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونوروا). كما بيّن الكيان أنّ القرار الأممي 1701 الذي طالب الاحتلال بتنفيذه قبل مدة أصبح في عداد المنتهي، بعدما لم ينفذ من الطرفين. وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى أغسطس/آب 2006 القرار 1701 الداعي لوقف حرب لبنان الثانية التي اندلعت يوليو/تموز 2006، وانسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني والسماح بنشر قوات الجيش اللبناني بالجنوب.

هناك قناعة تقول بأنّ الكيان المؤقت لا حاجة له إلى وجود قوات دولية على الاراضي اللبنانية، وأنها يجب أن تحيّد وتنسحب من المنطقة. يبدو أن الاسرائيلي يحاول أيضا استخدام الطريق الساحلي كمحور تقدم رئيسي في عملية التوغل البري داخل العمق اللبناني.

ربما المطلوب اليوم من الحكومة اللبنانية التريث والتصرف بحكمة فيما يتعلق بالقرار 1701، الذي يبدو انه لم يعد له اي قيمة قانونية ولا استراتيجية ولا سياسية، بعد ان صرّح نتنياهو بشكل واضح أنه لن يحترم القرار، وانه لا يعنيه وجود قوات دولية على الاراضي اللبنانية، وأن الضغط على هذه القوات باستهدافها بشكل مباشر الهدف منه إرباكها وطردها من الاراضي اللبنانية.

بالتأكيد أنّ ما تعده الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا داخل كواليس مجلس الأمن من مشروع قرار (باعتباره تطوير للقرار، أو ربما تجاوز للقرار 1701) كما يدعون، لن يكون قرارا عادلاً، ولن يقدم الى الدولة اللبنانية ضمانات تحفظ حدودها واقليمها البري والجوي والبحري من الانتهاكات الإسرائيلية. لذلك من الضروري الانتباه لخطورة المشروع المقترح وخلفياته وأهدافه التي لن تخدم لبنان بأي شكل من الأشكال وأن الهدف الأساسي هو تقديم انتصار وهمي للكيان الإسرائيلي الذي فشل في تحقيق أهدافه.





روزنامة المحور