تعدّ قضية انضمام الجمهورية الإسلامية في إيران الى مجموعة العمل المالي (FATF)، إحدى أبرز وأهم القضايا الاقتصادية ذات التأثيرات الداخلية والخارجية، التي يُتعين على رئيس الجمهورية الإسلامية الجديد مسعود بزشكيان معالجتها. فوفقاً لما صدر منه خلال المناظرات، فإن الرئيس بزشكيان يعتبر بأن حل قضية إيران ومجموعة العمل المالي هو الحل لأغلب المشاكل برأيه، وهو يعتقد أنه ما لم يتم حل هذه المشكلة، فلن تكون هناك فرصة لإصلاح مشاكل البلاد.
فما هي مجموعة العمل المالي FATF، ولماذا يصرّ بزشكيان على ضرورة حل قضيتها؟
_ هي منظمة حكومية دولية مقرها في العاصمة الفرنسية باريس، تأسست سنة 1989 بتوجيه من مجموعة الدول الـ 7. وتعمل هذه المجموعة على سن المعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال وفي العام 2001 تم توسيع مهامها لتشمل "تمويل الإرهاب وانتشار التسلح"، كما تقوم بتقييم مدى التزام الدول في العالم بهذه المعايير (وهذا ما يطرح إشكالية أن من هي الجهة التي تضع معايير التصنيف. فعلى سبيل المثال إن حركات المقاومة والتحرر الوطنية ستكون حركات إرهابية وفقاً لهذه المجموعة).
وتزعم مجموعة العمل المالي أن هدفها هو "حماية النزاهة المالية على الصعيد الدولي"، فيما يظهر جلياً بأنها تقوم بتنفيذ أجندة أمريكية هدفها فرض إشراف ورقابة وتحكم في حركة الأموال العالمية بما يتماشى مع مصالحها.
_ منذ العام 2000، أنشأت هذه المجموعة ما أسمته بـ"القائمة السوداء" و"القائمة الرمادية" التي تعني الدول الخاضعة للمراقبة. وقد أدت القائمة السوداء إلى دفع المؤسسات المالية إلى تحويل مواردها وخدماتها بعيدا عن الدول المدرجة فيها. وهذا ما أدى بدوره إلى تحفيز الجهات الفاعلة الاقتصادية والسياسية المحلية في الدول المدرجة، للضغط على حكوماتها لفرض لوائح متوافقة مع مجموعة العمل المالي.
_تتلخص توصيات هذه المجموعة في 41 بندا، منها 38 بندا يجري تنفيذها في إيران منذ العام 2015. وفي العام 2020، عارض أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام إعادة النظر في مشاريع قوانين مجموعة العمل المالي الخاصة، والتي تم وضعها على جدول الأعمال، بإصرار من الرئيس السابق الشيخ حسن روحاني. ويقول معارضو الموافقة على مشاريع القوانين هذه إنه إذا تمت الموافقة عليها (ما يعرف باتفاقية باليرمو)، فإن الجمهورية الإسلامية ستواجه مشاكل في دعمها لحركات المقاومة. وفي هذا السياق صرّح قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي في منتصف العام 2017، في لقائه مع رئيس الجمهورية الاسلامية وأعضاء مجلس الشورى أن الأخير "يجب أن يشرع بشكل مستقل في قضايا مثل مكافحة الإرهاب أو مكافحة غسل الأموال".
_اعتباراً من 27 كانون الثاني / يناير 2024، تم إدراج إيران وكوريا الشمالية وميانمار فقط في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي.
_ وفقاً للعديد من الآراء داخل إيران، منهم المرشح سعيد جليلي على سبيل المثال لا الحصر، الذي واجه بزشكيان حول هذا الأمر في مناظرتهما فإنه قال، بأنه ليس بالضرورة أن تكون جميع البنود التي تحددها هذه المجموعة صالحة. كاشفاً بأنه خلال التحقيقات التي أجريت حول هذه المجموعة، تبين له بأن معظم الدول التي وقعت على اتفاقية التعاون هذه لم تستكمل جميع بنودها، بحيث لم تستوف حتى إحدى الدول الأوروبية نصف بنود المجموعة.
واستذكر جليلي حادثة حصلت منذ حوالي 6 سنوات قائلاً: "كتب أعضاء الحكومة حينها في شهر شباط / فبراير 2017 بأنه إذا لم يتم التوقيع على مجموعة العمل المالي، فلن نتمكن من دفع الرواتب في آذار / مارس من نفس العام، بينما الآن هو 1403 (2024) ولا يزال يتم دفع الرواتب".
الكاتب: غرفة التحرير