بعد 4 أشهر من بدء الحرب على قطاع غزة، أعلن زعيم المعارضة الاسرائيلية يائير لابيد عن نيته دعم أي تحرك للإطاحة بالحكومة التي يرأسها بنيامين نتنياهو. لا يمكن حصر هذه التصريحات في إطار المشادات الكلامية فقط، بل ان الجهود التي بذلها لابيد برفقة عدد من أطراف المعارضة، وصلت أخيراً إلى تحديد الأربعاء موعداً لبحث تنسيق التحركات للاطاحة بالحكومة".
تتركز جهود لابيد الذي يترأس حزب "يش عتيد" -24 عضواً في الكنيست المؤلف من 120 مقعداً- على ضم الوزير بمجلس الحرب بيني غانتس ودفعه لمغادرة الحكومة حتى قبل نهاية المهلة التي حددها لنتنياهو -8 حزيران/ يونيو-. وبذلك يكون الأخير بمواجهة موحدة من لابيد إضافة إلى رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان (6 مقاعد) ورئيس حزب أمل جديد جدعون ساعر (4 مقاعد)، مساء اليوم (الاثنين)، أنهم سيجتمعون الأربعاء، لبحث تنسيق التحركات للإطاحة بالحكومة".
هذه الخلافات التي وصلت إلى مستويات متقدمة، طالب خلالها رئيس الوزراء الأسبق إيهود "بوقف الحرب كلياً في قطاع غزة وليس فقط العملية العسكرية في رفح، بعدّ القتال الحالي في القطاع لا يخدم سوى مصالح نتنياهو وبعض وزراء حكومته المتطرفين". ويرى أولمرت في مقال نشرته صحيفة هآرتس العبرية، أن "إسرائيل في خضم حربين - الأولى تخوضها في قطاع غزة وعلى الحدود الشمالية، والثانية تخوضها في يهودا والسامرة بعيداً عن أعين معظم الجمهور الإسرائيلي... قام الجنود بمحاولة للقضاء على حماس. ظنوا أنهم فعلوا ذلك بالضبط، لكن المسلحين عادوا واستمروا في القتال". متوجهاً إلى بيني غانتس ورئيس هيئة الأركان السابق غادي آيزنكوت، بدعوة للتخلي عن نتنياهو: "أنتما مسؤولان. إما أن تتركا هذه الحكومة الدموية اليوم، أو سيتم إلقاء اللوم عليكما على الدمار الذي تسببه".
من جهة أخرى، يرى نتنياهو خلاص حكومته باتباع خطط مغايرة، تهدف إلى ضم ساعر إلى حكومة الحرب. في حين تشير القناة 13 الاسرائيلية إلى انه في حال فشل نتنياهو "سيتم حل المجلس". وأضافت نقلت عن مصادر تحدثت إليها ان "نتنياهو يحاول ضم ساعر -رغم ضعف فرص حدوث ذلك- لسد الطريق على محاولات الوزيرين اليمينيين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش للانضمام للمجلس".
هذه الأزمات الداخلية المتتالية، التي باتت تخرج الأمور عن سيطرة نتنياهو، مدعومة ببعض الرضا الأميركي، نتيجة توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وهذا ما يضع نتنياهو أمام عدد من التحديات:
الضغط الأميركي بعد أن بات الرئيس جو بايدن يرى أن بقاء نتنياهو على رأس الحكومة يعني بحسابات انتخابية، خسارته لعدد كبير من اصوات ناخبيه، وهو الأمر الذي بدأ بايدن يتلمسه فعلاً وعززته الاجراءات القمعية التي تمارسها الشرطة ضد المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في الجامعات.
الضغط الدولي الذي تمارسه كل من محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية، بدعوة "إسرائيل إلى وقف فوري لهجومها العسكري على مدينة رفح في قطاع غزة وفتح المعبر لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وكذلك ضمان وصول أي لجنة تحقيق أو تقصي حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية"، ومساعيها لاعتقال نتنياهو. وهو الأمر الذي دفع -وفق توصيف صحيفة هآرتس العبرية- إلى التشكيك بقدرة القضاء الاسرائيلي. وتنقل الصحيفة عن خبراء قانونيين قولهم أن "السجل الضعيف للقضاء الإسرائيلي في التحقيق في حوادث انتهاك قوانين الحرب، والتحريض ضد سكان غزة من قبل كبار المسؤولين، سيجعل من الصعب على إسرائيل أن تجادل في لاهاي بأنها تحقق بجدية مع نفسها".
الخلافات الداخلية والشهية المفتوحة لدى المعارضة للاطاحة هو الضغط العسكري الهائل الذي تمارسه فصائل المقاومة الفلسطينية على امتداد فلسطين المحتلة من جهة وحلفائها في المنطقة من جهة أخرى.
الكاتب: غرفة التحرير