وصف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله السياسة الأميركية على أنها نموذج في النفاق السياسي، وأحد أوجه الازدواجية. يتجلى هذا الوصف في القرار الأخير الذي اتخذته الولايات المتحدة والمتعلق بإرسال مزيد من القنابل وأسلحة أخرى إلى إسرائيل حتى في الوقت الذي تزعم فيه بذلها لجهود مضاعفة من أجل وقف إطلاق النار.
مسؤولون أميركيون قالوا إن تسليم الأسلحة المقترح يشمل ما يقرب من ألف قنبلة من طراز MK-82 وذخائر الهجوم المباشر المشترك KMU-572 التي تضيف توجيهاً دقيقاً للقنابل وصمامات قنابل FMU-139. وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال فإن قيمة الأسلحة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات. وقال مسؤول أميركي تحدث إلى الصحيفة ان التسليم المقترح لا يزال قيد المراجعة الداخلية من قبل الإدارة، وقد تتغير تفاصيل الاقتراح قبل أن تخطر إدارة بايدن قادة لجان الكونغرس الذين سيحتاجون إلى الموافقة على النقل. في حين أن الطلب الإسرائيلي على الأسلحة جاء تحت بند "الطلب السريع للدفاع عن إسرائيل ضد التهديدات الإقليمية المستمرة والناشئة".
يأتي هذا القرار في لحظة حاسمة وحرجة في مسار الحرب، حيث يستعد الجيش الإسرائيلي لاحتلال رفح جنوبي قطاع غزة، المكان الذي يتواجد فيه أكثر من مليون فلسطيني نزحوا قصراً تفادياً لآلة القتل الإسرائيلية.
قدمت واشنطن حوالي 21,000 ذخيرة موجهة بدقة لإسرائيل منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر. وقالت الصحيفة ان الأسلحة المتبقية تكفي لتحمل 19 أسبوعاً من قصف غزة. في حين أن هذه المدّة مرشحة للانخفاض في حال توسعت المعارك لتشمل جبهات أخرى، كالجبهة اللبنانية التي يتوعد كيان الاحتلال بفتحها "لاستئصال التهديد الأكبر".
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد تجاوز الكونغرس مرتين متتاليتين لإرسال قنابل وذخائر أخرى بشكل عاجل إلى إسرائيل رغم تحذيرات مستمرة بانتهاك الكيان لحقوق الانسان. اذ يقول المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة فولكر تورك أن احتمال التوغل الإسرائيلي الكامل في رفح بجنوب قطاع غزة "أمر مرعب"، مضيفاً "يمكن أن نتصور ما ينتظرنا". بعد أن قتل الكيان أكثر من 28000 فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة لعشرات الآلاف من الجرحى أو المفقودين.
في 30 كانون الأول/ ديسمبر قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الوزير أنتوني بلينكن أبلغ الكونغرس أنه اتخذ قرارا ثانيا للطوارئ في أقل من شهر، يغطي بيع معدات بقيمة 147.5 مليون دولار لإسرائيل.
كما عبّر عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي الأميركي عن قلقهم بشأن استخدام الأسلحة الأميركية في الحرب على قطاع غزة بهذا الشكل، خاصة وأن المعارك باتت تحت الضوء أكثر من أي وقت مضى، بعد اتساع رقعة الحرب والدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي وضعت الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني تحت المجهر.
وقال مسؤولون أمريكيون، استناداً على تقرير قدمه مكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية في كانون الأول/ ديسمبر ان حوالي 29 ألف قطعة سلاح استخدمت في غزة خلال حوالي شهرين. ومع ذلك، يقول محللون أمنيون إن أي شحنات أسلحة إضافية ستعتبرها الحكومة الإسرائيلية إشارة إلى دعم الولايات المتحدة للحرب، وتراجع النفوذ الأمريكي، في وقت يهدد فيه الصراع بالانتقال إلى مرحلة جديدة خطيرة، تشير الصحيفة.
من ناحية أخرى، فإن توتر العلاقة بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأخذ منحى مختلف وقد تترجم على الصعيد السياسي الانتخابي، دون أن تؤثر على حجم الدعم الأميركي العسكري والدبلوماسي في الحرب على غزة، وربما في عملية عسكرية محتملة على لبنان. وهذا يلخص العلاقة بين البيت الأبيض -أي كان ساكنه من الديموقراطيين او الجمهوريين- والحكومة الإسرائيلية.
الكاتب: غرفة التحرير